تختلف أسباب الأدباء والصحفيين عندما يقررون الكتابة تحت اسم مستعار، فمنهم من يلجأ إلى ذلك لكي يختبر نوعًا جديدًا من الكتابات، أو لكي يحصل على مراجعات نقدية صادقة بعيدًا عن الشهرة التي حققها مسبقًا، ومنهم من يلجأ لذلك خوفًا على حياته وبخاصة وإن كان يحمل رأيًا معارضًا أو مخالفًا للحاكم أو يخوض في تابوهات ومناطق محرمة.
وهو الحال كما كانت عليه أمريكا في الحقبة المكارثية، عندما وضعت قائمة سوداء للكتاب والأدباء تجعلهم لا يستطيعون الكتابة بأسمائهم الحقيقة، ولعل فيلم Trumbo قد وضح جزءًا من هذه الصورة، وكما هو الحال أيضًا في كل الدول الديكتاتورية الموجودة بالعالم.
تعد الكتابة تحت اسم مستعار أمرًا طبيعيًا ومعتادًا في الأدب الغربي لأسباب تتعلق بالنشر أو رغبة الكاتب في التخلص من أي توقعات مسبقة لعمله والحصول على آراء صادقة بعيدًا عن هالة الإعجاب والافتتان بعمل سابق، وهو الشيء الذي لن نجده أو نقابله في سوق النشر العربية على الأقل إلى الآن، فهنا دور النشر لن تحبذ أن تنشر رواية لكاتب من فئة الكبار أو الأكثر مبيعًا باسم مستعارٍ وبدعاية قليلة، بل إن بعض درو النشر لا تجد حرجًا في نشر كتب فارغة من المحتوى – بالمعنى الحرفي للكلمة – ما دام يوجد على الغلاف اسم كاتب أو فنان شهير.
وفي هذه المقالة سوف نستعرض 5 من أشهر الكتاب والأدباء الذين كتبوا تحت اسم مستعار.
ستيفن كينج
يعد كينج واحدًا من أكثر الكتاب غزارة في الإنتاج، فهو يكتب يوميًا وبلا استثناء سواء في الإجازات أو أعياد الميلاد، وفي إحدى الفترات كانت تصدر له ثلاثة أو أربعة كتب سنويًا، لطالما كان كينج على هذه الوتيرة منذ أن احترف الكتابة، ولكن بالعودة إلى سبعينات القرن الماضي نصحه ناشروه بأن يبطء ويتمهل في النشر بمعدل كتاب واحد سنويًا حتى لا يتشبع السوق باسم “كينج”.
لم يكن أمامه من خيار آخر سوى أن يتخذ اسمًا مستعارًا وهو “ريتشارد باكمان”، لكي يتمكن من نشر أعماله، وأيضًا كان ذلك يعد بمثابة اختبار لكي يتمكن من معرفة هل نجاحه السابق كان مستحقًا بسبب أسلوب كتاباته وموهبته أم كان مجرد ضربة حظ!
لم يكتف كينج بمجرد النشر تحت اسم مستعار، بل تأكد من أن يحظى بدعاية قليلة جدًا، وأن تكون الاحتمالات ضده.
نشر كينج ما مجموعه 7 روايات باسم ريتشارد باكمان، أشهرها الرواية ذات الطابع الديستوبياوي “الرجل الهارب The Running Man“، وكان من المفترض أن ينشر رواية ميزري بنفس الاسم إلا أن هويته الحقيقة كشفت آنذاك بواسطة بائع للكتب لاحظ التشابهات الأسلوبية ما بين كينج وباكمان مما دفعه لنشرها باسمه الحقيقي.
جي. كي. رولينج
رولينج هي صاحبة السلسلة الأكثر شهرة والأكثر مبيعًا خلال العقدين الماضيين، فقد بيعت سلستها الشهيرة “هاري بوتر”، أكثر من 400 مليون نسخة حول العالم، بالإضافة إلى تحويلها لسلسلة أفلام ناجحة أيضًا؛ مما جعل من رولينج أول كاتبة تنجح في تحقيق دخل يقدر بمليار دولار من الكتابة.
عندما سئلت رولينج لماذا قررت أن تكتب تحت اسم مستعار وهو “روبرت غالبيرث” أجابت بأنه كان لديها شوق بالعودة لمهنة الكتابة من البداية في نوع جديد من الأدب، وأن تعمل بدون توقعات مسبقة أو حماسة من متابعيها، ولكي تحصل على مراجعات صريحة عن كتاباتها.
كتبت رولينج 3 روايات تحت الاسم المستعار قبل أن يتم كشفها وهي سلسلة “كورموران سترايك Cormoran Strike” وهي سلسلة تنتمي إلى الأدب البوليسي على عكس ما عاهدنا عن رولينج.
الجدير بالإشارة أن هناك بعض من الناشرين رفضوا نشر الرواية كما كان الحال مع هاري بوتر في البداية، كذلك لم تترجم السلسلة للعربية – كالعادة – إلا حينما تم كشف هوية رولينج.
أجاثا كريستي
لا يخفى على أحد أن أجاثا كريستي أشهر من كتبت القصص البوليسية وقصص التحقيق على الإطلاق، وبشخصياتها الفريدة والمتميزة مثل هيركول بوارو ومس ماربل، وإن كانت رولينج أول كاتبة تحقق المليار دولار من الكتابة، فإن أجاثا كريستي قد باعت ما يقرب من 2 مليار نسخة من أعمالها المختلفة.
أخذت كريستي اسمًا مستعارًا لها وهو “ماري ويستماكوت”، فهي أرادت أن تكتب نوعًا مختلفًا من الأدب وتستهدف شريحة مختلفة من القراء.
نجحت أجاثا في إخفاء هويتها بالاسم المستعار لمدة عشرين سنة كتبت خلالها 6 روايات رومانسية.
دين كونتز
مثل حال ستيفن كينج، يعد دين كونتز كاتبًا غزير الإنتاج، فقد أصدر أكثر من 6 كتب خلال أحد الأعوام، بدوره تلقى نصيحة مماثلة لنفس النصيحة التي وجهت لكينج من ناشريه بأنه من الأفضل أن يكتب كل نوع أدبي تحت اسم مستعار مختلف، وهو ما فعل كونتز بالفعل، لكنه على عكس بقية الكتاب، لم يختار اسم أو اثنين أو حتى ثلاثة، فقد تخطى حد المعقول لدرجة أنه كان يكتب تحت 10 أسماء مستعارة مختلفة، وهو ما سمح له الكتابة في عدد متنوع من فروع الجنس الأدبي مثل الرعب والفانتازيا والخيال العلمي والألغاز، إلا أن ما يعبر عن كتاباته بصفة عامة هي التشويق والغموض.
من أشهر أعمال كونتز: المراقبون، ومنتصف الليل، وتوماس الغريب، كما أنه قام باستلهام رواية فرانكنشتاين لماري شيللي وقام بكتابة ما مجموعه 5 روايات تعد بمثابة تتمة لأحداث حكاية فرانكنشتاين التي كتبتها شيللي لكنها تدور في العصر الحديث.
مايكل كريتون
تحولت العديد من كتابات مايكل كريتون للسينما، ولعل أشهر تلك الأعمال سلسلة “حديقة الديناصورات Jurassic Park“، وسلالة أندروميدا The Andromeda Strain، والمحارب الثالث عشر المأخوذة عن رواية له بعنوان أكلة الموتى.
بالإضافة إلى كونه كاتبًا، فإن كريتون قد امتهن الإخراج أيضًا، فكان أول فيلم سينمائي من إخراجه وتأليفه هو Westworld في عام 1973، والذي تم إعادة إنتاجه كمسلسل يحمل ذات الاسم ويصدر في الوقت الحالي.
تتميز كتابات كريتون بأنها تنتمي لنوعية الخيال العلمي الدقيق Hard SF، والتي تهتم بأدق التفاصيل العلمية خلال السرد الروائي.
كتب كرايتون تحت عدة أسماء مستعارة، منها جون لانج وجيفري هادسون.