أصدر أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح قرارًا بحل البرلمان، وذلك حسبما أفادت به وكالات الأنباء الرسمية الكويتية (كونا)، وذكرت الوكالة في نبأ عاجل لها، أن مرسومًا أميريًا صدر أمس الأحد، بحل مجلس الأمة الكويتي.
وأضافت الوكالة أن أمير الكويت استقبل في قصر بيان، عصر أمس الأحد رئيس مجلس الوزراء الكويتي جابر الصباح، حيث حيث رفع إلى الأمير مشروع مرسوم بحل مجلس الامة وفقًا للمادة 107 من الدستور، لافتة إلى أن الأمير اعتمد المشروع.
وتضمن المرسوم أيضًا عقد مجلس الوزراء اجتماعًا طارئًا في قاعة مجلس الوزراء بقصر بيان برئاسة رئيس المجلس الشيخ جابر المبارك، كما تقدمت الحكومة باستقالتها، وذلك بعد دعوة مجلس الوزراء لاجتماع عاجل.
لتصبح هذه المرة التاسعة في تاريخ الكويت التي يتم فيها حل مجلس الأمة بمرسوم أميري، بعد خلافات حادة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وذلك بعد أن رفع مجلس الوزراء الكويتي مرسومًا إلى أمير الكويت يطالبه بحل المجلس استنادًا للمادة 107 من الدستور؛ بسبب “التحديات الاقتصادية” حسبما ذكر بيان المجلس.
المادة 107 من الدستور الكويتي تنص على أن “للأمير أن يحل مجلس الأمة بمرسوم تبين فيه أسباب الحل، على أنه لا يجوز حله لذات الأسباب مرة أخرى”.
“وإذا حُل المجلس، وجب إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحل، وإن لم تجر الانتخابات خلال تلك المدة يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية، ويجتمع فورًا كأن الحل لم يكن، ويستمر في أعماله إلى أن ينتخب مجلس جديد”، وذلك بحسب المادة ذاتها من الدستور.
الأسباب هذه المرة
استندت الحكومة في دعوتها للحل هذه المرة إلى التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد، وأبرزها هبوط أسعار النفط وأزمة زيادة أسعار الوقود التي زادت من التوتر بين الحكومة والبرلمان.
كما يعتقد أن قرار حل البرلمان جاء بعد سلسلة من طلبات الاستجواب التي قدمها نواب كويتيون الفترات الماضية ضد أنس الصالح وزير المالية، وزير النفط بالوكالة، ويعقوب الصانع وزير العدل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن وسائل الإعلام الكويتية المحلية كانت تتحدث منذ فترة عن اقتراب موعد حل مجلس الأمة والدعوة لانتخابات برلمانية مبكرة تجرى في الشتاء المقبل بدلًا من الموعد المقرر لها في صيف 2017.
ورغم أن هذا البرلمان الكويتي الحالي وصف بأنه موال للحكومة إلى حد كبير بعد أن قاطعت فصائل المعارضة الرئيسية الانتخابات التي جرت في 2013، إلا أن الصدامات زادت بينهما بسبب تردي الوضع الاقتصادي مع موجة كساد النفط التي ضربت الخليج ككل.
وعلى إثر ذلك شهد مجلس الأمة الكويتي صدامات مع الحكومة بعد قرارات اتخذها مجلس الوزراء تهدف إلى الترشيد وتقليص النفقات بالميزانية الجديدة، كان آخرها قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية وتحرير سعر البنزين؛ ما أدى إلى احتجاجات برلمانية واستجوابات انتهت بقرار قضائي ابتدائي يقضي ببطلان قرار الحكومة برفع سعر البنزين، وإعادة السعر القديم في حكم قابل للاستئناف، في حين قدمت الحكومة مقترحًا بتزويد المواطن بـ75 لتر بنزين شهريًا.
ودفعت قضية رفع سعر البنزين إحدى ثلاث قضايا خلافية بين السلطتين، بالإضافة إلى قضيتي الإسكان والبصمة الوراثية، إلى اتساع هوة الخلاف بين السلطتين؛ ما آل إلى حل المجلس واستقالة الحكومة.
ومنذ أيام، وصف رئيس مجلس الأمة الكويتي، مرزوق الغانم، ما يتردد عن قرب حل المجلس، بأنها مجرد “تكهنات”، غير أنه قال فور إصدار المرسوم الأميري بالحل، في بيان رسمي: إن “المرحلة القادمة سوف تشهد تحديات داخلية وخارجية، حيث أنها تتطلب فريقًا حكوميًا جديدًا والعودة إلى صناديق الاقتراع”.
وكانت مسألة “حل المجلس” متداولة بقوة بين غالبية النواب بداية هذا الأسبوع؛ الأمر الذي آل إلى ضرورة إجراء انتخابات تشريعية مبكرة، حيث يسبقه مرسوم أميري للدعوة إلى الانتخابات تمهيداً لولادة مجلس أمة جديد في نهاية نوفمبر المقبل.
أغراض أخرى من الحل المبكر
يرى مراقبون أن للقرار أبعاد سياسية أخرى قد يكون أهمها تفويت فرصة المشاركة على زعيم المعارضة، مسلم البراك –وإن كان لم يعلن مشاركته حتى الآن-، وذلك بعدما أعلنت قوى معارضة كويتية، في وقت سابق من هذا العام، عودتها إلى الحياة البرلمانية بعد مقاطعتها لمدة ثلاث سنوات بسبب تمرير قانون مرسوم الصوت الواحد من دون أخذ موافقة مجلس الأمة.
كما يعتبر إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في صالح الحكومة، لاسيما في ظل الارتباك الواضح الذي تبديه المعارضة، وترددها بين حالة إنهاء المقاطعة والعودة للمشاركة في الانتخابات.
وعلى رأس القوى العائدة للمنافسة الحركة الدستورية الإسلامية التي تمثل تيار الإخوان المسلمين في الكويت، والتي أعلنت على لسان أكثر من قيادي بها نيتها خوض الانتخابات المقبلة، لكن فصائل معارضة أخرى لا تزال مترددة في اتخاذ ذلك القرار.
يذكر أن مجلس الأمة الكويتي هو السلطة التشريعية في الكويت ويتكون من 50 عضوًا منتخبًا من قبل الشعب، ويشترط الدستور الكويتي ألا يزيد عدد الوزراء عن ثلث عدد النواب (أي أن لا يزيد عن 16 وزيرًا). وبإمكان السلطة التنفيذية اختيار عضو برلماني لمنصب الوزارة فيكون في هذه الحالة وزيرًا في السلطة التنفيذية ونائبًا في السلطة التشريعية ويُسمى في هذه الحالة “محللا”.