أفادت وكالة أنباء “سانا” التابعة للنظام السوري أن رئيس مكتب الأمن الوطني لنظام بشار الأسد اللواء “علي مملوك” قام بزيارة رسمية إلى العاصمة المصرية القاهرة بناءً على دعوة من الجانب المصري.
وتأتي هذه الزيارة في ظل توتر العلاقات بين السعودية ومصر على خلفية مواقف الأخيرة الداعمة للأسد، وتصويتها لصالح المشروع الروسي في مجلس الأمن الأمر الذي أثار غضب السعودية.
هذا وتعد هذه الزيارة الأولى من نوعها بطريقة علانية لمسؤول سوري أمني بارز إلى مصر منذ اندلاع الثورة السورية قبيل أكثر من خمس سنوات.
زيارة المملوك استمرت يومًا واحدًا التقى فيها اللواء خالد فوزي نائب رئيس جهاز الأمن القومي في مصر، ومدير المخابرات العامة، ومجموعة من المسؤولين الأمنيين في مصر، واتفق الطرفان، وفق وكالة سانا، على تنسيق المواقف سياسيًا بين سوريا ومصر، وكذلك تعزيز التنسيق فيما أسموه “مكافحة الإرهاب”.
وقد أكدت مصادر إعلامية سورية عدة أن الزيارة الحالية ليست الأولى للمملوك إلى العاصمة المصرية القاهرة، إلا أنها أول زيارة معلنة بهذا الشكل.
سياق الزيارة
تأتي الزيارة الحالية للمملوك في سياق زمني تشهد فيه العلاقات المصرية السعودية خلافًا واضحًا خرج إلى العلن، بسبب تباين مواقف البلدين من الأزمة السورية، إذ تتبنى القاهرة الموقف الروسي من بقاء نظام الأسد مع إعلان ذلك في صورة “الحل السياسي الذي يشمل جميع الأطراف”، ولا ترى مصر سبيل غير ذلك لإنهاء الصراع الدائر في سوريا منذ نحو ست سنوات، بينما ترى الرياض ضرورة رحيل الرئيس السوري بشار الأسد من السلطة أولًا، للمضي في أي خطوات انتقالية.
وقد لخص الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أغسطس الماضي الموقف المصري من الأزمة السورية المستند إلى خمسة مبادئ وهي “احترام وحدة الأراضي السورية وإرادة الشعب السوري، وإيجاد حل سياسي سلمي للأزمة، ونزع أسلحة الميليشيات والجماعات المتطرفة وإعادة إعمار سوريا، وتفعيل مؤسسات الدولة”، وهو خطاب إعلامي كبير يشبه ما تتحدث به موسكو دائمًا.
فيما يعتبر مراقبون هذه الزيارة استكمالًا لما بدأته القاهرة من قبل من تأييد للمشروع الروسي في سورياـ في إطار محاولات نظام السيسي للتقارب مع موسكو أكبر حلفاء الأسد، هذا إلى جانب استضافة القاهرة باستمرار لقاءات لمعارضين سوريين يدعمون الحل السياسي بهذه الصيغة، ومقبولين بشكل عام من النظام.
المحور الداعم للأسد يجتذب مصر
ليست هذه الحوادث الأخيرة التي تنم عن انضمام مصر للحلف الروسي في سوريا بل إن أحدث اللقاءات الدولية بشأن الأزمة السورية، قد دُعيت لها مصر بضغط إيراني روسي.
حيث كشفت صحيفة إيرانية كيف مارست طهران ضغوطًا على المجتمعين في لوزان، من أجل مشاركة مصر في الاجتماعات في سويسرا لبحث الأزمة السورية.
وقالت صحيفة “آرمان أمروز” الإيرانية، إن إيران اشترطت لحضورها في مفاوضات لوزان، حضور الوفد المصري، وأوضحت الصحيفة أن مصر والعراق يشاركان النظام السوري رؤيته للأزمة السورية، “ولهذا السبب ضغطت إيران من أجل مشاركة مصر والعراق في هذه المفاوضات ،حيث ستؤدي مشاركة مصر إلى تعزيز موقف المحور الداعم للأسد.
واستطردت الصحيفة الإيرانية أن القاهرة لم يعد لديها خيار سوى التقارب مع طهران وموسكو وبغداد، واعتبرت أن من شأن تأزم العلاقة بين مصر والسعودية أن يخدم إيران وحلفاءها، “لأن الخلاف بين البلدين يقسم الوطن العربي إلى قطبي مصر والرياض وهذا لصالح إيران جدًا في المنطقة”.
هذا الدور المصري المطلوب الذي أكدت عليه موسكو، حين رحبت بوجود القاهرة، في مباحثات لوزان، التي انعقدت، السبت الماضي، بحضور كل من وزراء خارجية كل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والسعودية وتركيا، في إشارة إلى أن روسيا، أكدت على أنها ترغب في اجتماع على نطاق ضيق، لا يجمع جميع الدول.
أهمية زيارة شخصية بحجم المملوك
يُعد علي مملوك واحدًأ من أعضاء الحلقة الضيقة المحيطة بالأسد، واسمه مدرج على لائحة العقوبات الأوروبية المفروضة على أركان النظام والمتعاونين معه.
وقد عُين مملوك في العام 2012 رئيسًا لمكتب الأمن الوطني السوري الذي يشرف على كل الأجهزة الأمنية السورية، وذلك بعد مقتل أربعة من كبار القادة الأمنيين في تفجير بدمشق في 18 يوليو 2012.
ويعود آخر ظهور علني له إلى 13 مايو 2015 لدى مشاركته في اجتماع عقده الرئيس السوري بشار الأسد مع مسؤول إيراني.
وكانت صحيفة “الحياة” اللندنية، قد كشفت عن لقاء سابق جمع بين علي مملوك مع وزير الدفاع السعودي، الأمير محمد بن سلمان، ودار اللقاء حول مبادرة السعودية لإجراء انتخابات رئاسية سورية بإشراف دولي، ووصفت حينها اللقاء بـ “المعجزة”، وهو ما جعل المملوك حينها أحد المرشحين بقوة لخلافة الأسد.
واستضاف مسؤولون سعوديون اللواء مملوك، في جدة، ورُتب لعقد هذا اللقاء بوساطة روسية، ووصلها بمرافقة مسؤولَين رفيعي المستوى، أحدهما في الاستخبارات السورية والآخر في وزارة الخارجية، بحسب “الحياة”.
كما زار مملوك، الأردن في زيارة غير معلنة، في العام الماضي، والتقى خلالها بمسؤولين أمنيين أردنيين.
ونقلت وكالة أنباء آكي الإيطالية حينها، عن مصدر في المعارضة السورية، ترجيحه أن يكون المسؤول الأمني السوري قد قدم للمسؤولين هناك قائمة بفصائل المعارضة المسلحة، التي ترغب دمشق بإدراجها في قوائم الإرهاب التي كلف مؤتمر “فيينا” الأردن بتحضيرها لتصنيف المجموعات المسلحة السورية المعارضة.