منذ قديم الزمان والإنسان يحاول جاهدًا، أن يطور من ماهيته عبر تحويل العالم إلى مكان أفضل وأكثر أمانًا وأكثر راحةً، ولكن هذا لا يحدث إلا بطريق واحد يجب سلوكه واحتمال مخاطره وتضحياته وهو العلم، فمنذ عصور ما قبل التاريخ واكتشاف الإنسان البدائي للنار الذي يعتبر من أكثر الاكتشافات أهمية على مر التاريخ، إلى الفراعنة والأهرامات التي لم نستطع تفسير أسرارها، إلى أبي الطب أبقراط وإقليدس وفيثاغورس ونظرياتهم الرياضية في الحضارة الإغريقية، إلى الحضارة اليونانية وفنوناها المعمارية العبقرية، إلى الحضارة الإسلامية وإسهامتها غير الطبيعية.
فإذا كتبنا الأسماء تنتهي الصفحات وتجف الأقلام، فجابر بن حيان وابن سينا والرازى والبيرونى وأبو الريحان والكندى والخوارزمى وابن الهيثم وغيرهم بمساهمتهم وكتبهم التي تعتبر كنزًا لا يقدر بثمن، ثم إلى عصرنا الحديث بعلماء أكثر نبوغًا وذكاءً منهم أينشتاين ونيوتن وداروين وفرويد وماري كوري وستيفن هوكنج وجون ناش ومندل وتسلا وأديسون وغيرهم من ذوي العقول الفذة، كل هؤلاء العلماء ضحوا بوقتهم وعملهم وأحيانًا حياتهم وأسرهم من أجل العلم ولأجل حياة أفضل لي ولك، فعقول النبغاء لا تتوقف.
موضوعنا اليوم هو موضوع علمي بحت ولكن مع لمسات من الخيال، هل حلمت يومًا أن تصبح من المتحولين؟ هل فكرت يومًا أن المتحولين هم بشر مثلي ومثلك؟
لا شك أنهم من صنع الخيال، ولكن هل فكرت يومًا أن في المستقبل ربما يصنع العلماء رجلاً متحولًا إكس – مان، يحوي بداخله جينات مختلفة أو معدلة تعطيه قوة خارقة.
لا يستطيع أحد قول هذا الآن ولكننا نقترب من هذه الخطوة وبشدة، فنحن منذ مئة عام حتى عام من الآن كنا نشاهد الجينات الوراثية من بعيد بدون أن نلمسها أو نتلاعب بها، ولكن الآن نستطيع التلاعب بها وتغيرها وهذا موضوع يضع البشرية في موقف خطير ورائع في نفس الوقت، فالعلماء الآن يستطيعون شفاء الأمراض بتحسين الجينات الوراثية DNA، ولكن أيضًا التلاعب بالجينات يعد شيئًا أسطوريًا؛ سوف يفتح العديد من الأبواب التي ربما هي غريبة بعض الشيء أو ليست غريبة، إنما نحن لا نفهم ماهية هذه الأشياء.
لكي نفهم كيف تعمل الجينات ونكون قادرين على تعديلها، يجب أن يصبح العلماء قادرين على السيطرة عليها، وهذا الأمر ليس يسيرًا على الإطلاق ولكن مؤخرًا طور العلماء طريقة جديدة أدت إلى وجود أمل كبير في تطوير قدراتنا على تعديل الجينات الوراثية DNA لأي كائن حي على وجه المعمورة، وهي طريقة مكتشفة منذ بضع سنوات وهي .CRISPR
- ما هي تقنية الـ CRISPR؟
هي إحدى تقنيات التعديل الوراثي تم اكتشافها منذ عدة أعوام بالصدفة لدى البكتيريا التي نستخدمها للتصدي إلى الفيروسات والأجسام المضادة لها.
- كيفية عمل CRISPR؟
عندما تكتشف الباكتيريا وجود فيروس في الـDNA تنتج نوعين من الـRNA القصير، كل واحد فيهم يحتوي على تسلسل مطابق للفيروس الغازي لها، والنوعان يوجد بهما بروتين اسمه CAST9 أوCAS9 وهو نوع من الإنزيمات التي تخرجها البكتيريا محمولة داخل الـRNA ؛ ولها القدرة على قطع الـDNA المفيرس، وبفضل الموجةRNA والإنزيم CAS9 تتم عملية قطع الجزء المفيرس بنجاح، وتستطيع الخلية أن تقوم بالاستشفاء الذاتي وتعوض الجزء المفققود.
في الأعوام القليلة الماضية قام العلماء بدراسة هذا النظام وأدركوا أن العملية يجب أن تقوم بطريقة هندسية ودقيقة لكي تقطع ليس فقط DNA الفيروسات بل تستطيع أن تقطع أي DNA متسلسل في الموقع الذي تم تحديده بدقة، وبفضل قدرات العلماء وتجاربهم الآن يصبح تعديل الـ DNA بعد اقتطاعه بواسطة إيصال المركب جاهزًا بدلاً من DNA مصنع له، ولذلك تم صنع وتطوير حوامل تستطيع حماية وإيصال المركب إلى داخل النواة، واستخدمت هذه الطريقة كرات بحجم النانو مصنعة من خيوط الـDNA الطبيعي ضمن الخلايا، وتم تصميمها بحيث تستطيع أن ترتبط بشكل جزئي مع جزيئات الـRNA ، مما يكسب المركب ثباتية ضمن حوامل النانو، وتغلف الكرات بطبقة من البوليميرات المشحونة إيجابيًا، وتلتقط من قبل الخلايا وتتجه باتجاه النواة وتستخدم جزيئات الـRNA كأساس بناء تسلسل جديد وإدخال التعديلات المطلوبة، وتتميز هذه التقنية بالقدرة على التعديل الوراثي، فقد استخدمت لتعديل الطفرات وإكساب الخلية مناعة تجاه الفيروسات مثل الإيدز والسرطان ولتعديل الأجنة وهي مفيدة جدًا وبشكل عظيم وسوف تحدث طفرة فى علاج الأمراض.
والآن سوف نتطرق إلى موضوع أكثر جرأة وأكثر حدة، وربما تعتبره لا يمت للواقع بصلة، ونسج من خيالات الأدباء ورسامين الكوميكس المشهورين، ولكن عندما نتكلم عن الجينات الوراثية يتحول رأسك إلى قبعة من الخيالات ويخطر في بالك سؤال: هل يمكن صناعة رجال متحولين ذوي قدرات خاصة X-MEN ؟ هل يمكن صناعة X-MEN بواسطة حقن الإنزيم ومعه الجينات المطلوبة لتكسبك قوة خارقة؟
قبل أن نتطرق ونغرق في الخيالات، يجب عليك معرفة أن الـX-MEN يوجد بهم (X-GENE) وهو ليس موجودًا بالبشر ولا نستطيع أن نخاطر بتجارب لا نعرف ماهيتها ولا نعرف ما يكفي عنها لكي يعطينا الكفاءة المطلوبة، ولا نعرف هذا النوع من الجينات الذي ينتج القوة الخارقة، ولكن من يعرف، ربما في السنوات القادمة نكتشف الجينات التي تعطي قوة خارقة ونحدث طفرات فيها، ونصنع الرجال المتحولين في الحياة الحقيقية، خاصة وأن القوة غير الطبيعية والطفرات الجينية موجودة بالفعل في البشر، ولكنهم قليلون في العالم، وتكسبهم جيناتهم قدرات خاصة وغريبة وسوف أعرض الآن بعضًا منها.
بشر ذوو قدرات خاصة
- Steven Pete (ستيفن بيت)
الرجل الذي لا يشعر بالألم فيمكنه أن يضع يده على موقد النار أو يمشى على الزجاج، وعندما كان في المدرسة قفز قفزة ووقع خطأ على عظامه وعظامه انكسرت، ولم يلاحظ ستيف أنه أصيب إلا عندما وجد عظامه مكسورة خارج جسمه، وأيضًا عندما كان صغير مضغ أو أكل ستيف لسانه ولم يحس بالألم إطلاقا وقد اكتشف العلماء أن ستيف يعانى من طفرة في جين SCN9A، وهو المسؤول عن عدم إحساسه بالألم.
- تيموثى دراير(Timothy Dreyer)
هذا الرجل عظامه ذات كثافة كبيرة جدًا مما يؤدى إلى قوتها وكبر حجمها، وقد نجا من حادثة كانت من الممكن أن تؤدى إلى الموت لو كان إنسانًا طبيعيًا.
- نينا كوليجنا (Nina Kulagina)
روسية من مواليد 30/6/1926، لينا ولدت بقدرة خاصة عقلية تمكنها من تحريك الأشياء عن بعد، وهو ما أدى إلى أن تصبح محل تجارب العلماء الروسيين في هذا الوقت، ويقولون أيضًا إن من قواها الخاصه معرفة الأمراض وتشخيصها ومعالجتها ورؤية ما داخل الأشياء المغلقة.
إذن يوجد الكثير من الأشخاص ذوي القوة والقدرات الخاصة في حياتنا العادية، ربما لا نميزهم عن الآخرين ولكنهم بيننا، فإذا رأيت امرأة تحرك الأشياء عن بعد، أو رجل لا يحس بالألم أو رجل يتذكر كل شيء أو شخص آخر لا ينام، فلا تتعجب، وربما أيضًا هناك مختبارات سرية مخفية حول العالم تدرس الجينات الوراثية بهدف صناعة أول رجل متحول بقوة خارقة وأنا أتوقع خلال الخمسين سنة القادمة سيحدث هذا وربما نرى ماجنيتو أو ولفرين بيننا.