توصلت كلًا من تركيا و”إسرائيل” أمس الثلاثاء 18 أكتوبر/تشرين الأول لاتفاق أولي وُصف بـ”الإنجاز التاريخي” يقضي بنقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر الأراضي التركية، إذ عُقد اجتماع جمع بين وزير الطاقة التركي “بيرات البيرق” ونظيره الإسرائيلي “يوفال شطاينتس” انتهى بتوقيع الوثيقة الأولية المنظمة للاتفاق حيث سيستغرق المشروع مدة ثلاث سنوات ليكون جاهزًا لنقل الغاز في نهاية العام 2019.
علاقات جديدة بين تركيا وإسرائيل
شهدت العاصمة الإيطالية روما في شهر يونيو/حزيران إعلان رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم ونظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن بدء المرحلة الأولى من اتفاق تطبيع العلاقات بين إسرائيل وتركيا والذي بموجبه سيتم تبادل السفراء بين البلدين مقابل ثلاثة شروط وهي اعتذار إسرائيل بشكل علني عن الهجوم على سفينة “مافي مرمرة” ودفع تعويضات لعائلات القتلى الأتراك ورفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة والبدء بإدخال مساعدات إلى القطاع المحاصر.
يُذكر أن العلاقة بين البلدين توترت عقب هجوم الجيش الإسرائيلي في المياه الدولية على أسطول الحرية “مافي مرمرة” الذي كان يحمل مساعدات إنسانية إلى مدينة غزة المحاصرة في 31 مايو/أيار عام 2010 حيث أسفر الهجوم عن مقتل عشرة ناشطين أتراك كانوا على متن السفينة.
وقد اعتبرت تركيا الاتفاق بمثابة مرحلة جديدة لإعادة الحياة إلى القطاع أما إسرائيل فقد اعتبرت الاتفاق أنه سيمنع أي أنشطة “إرهابية” من الأراضي التركية ضد إسرائيل.
الأمر المهم بالنسبة لإسرائيل وهو فيما إذا قامت بإصلاح العلاقات مع تركيا دفعًا من رغبتها بتوقيع اتفاق الغاز لتصديره نحو أوروبا والدخول في خارطة الطاقة الاسترايجية التي تتشكل في السنوات الحالية بعد اكتشاف غاز بحر المتوسط وإطلاق عدة مشاريع نقل غاز إلى أوروبا كما يحصل في “السيل التركي” والخط الأذري.
ومنذ التوصل لاتفاق تطبيع العلاقات بين البلدين يعد وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شطاينتس أرفع مسؤول إسرائيلي يزور تركيا بعد قطيعة دامت ست سنوات في أعقاب الهجوم على السفينة، وقد نُقل عن الرجل في الصحف الإسرائيلية قوله أن طواقم متخصصة من تركيا ستقوم بإجراء مفاوضات من أجل التوصل لاتفاق مفصل حول كل ما يتعلق بظروف وشروط نقل الغاز الإسرائيلي إلى تركيا ومنها إلى أوروبا وبحسب تقديرات الصحيفة الإسرائيلية سيتم الانتهاء من صياغة الاتفاق في الربع الأول من العام 2017.
خط السيل التركي
وكسيناريو أسوأ تدرس إسرائيل في حال حصول أي طارئ أدى لتعطل المحادثات مع تركيا وتأثر تدفق الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر تركيا فإنها ستعمل على تدشين خط غاز لنقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر قبرص كما تدرس أيضًا نقل الغاز إلى مصر عبر أنبوب وإسالته هناك ومن ثم نقله إلى أوروبا في حاويات.
مع العلم أن إسرائيل مضطرة للتوافق مع تركيا على اعتبار أن نقل الغاز عبرها إلى أوروبا يضمن وصول الغاز في وقت أقصر وبتكلفة أقل كلفة وأكثر أمنًا، سوى أن شخصيات إسرائيلية رفضت بقوة منح تركيا أي دور في نقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا بحجة أن هذه الخطوة تعني أن يكون قطاع الطاقة الإسرائيلي رهينة لدى الأتراك، حيث علق جنرال إسرائيلي وقيادي سابق في حزب العمل من مغبة الاعتماد على تركيا في نقل الغاز لما تمثله هذه الخطوة تهديدًا لمكانة إسرائيل الجيو استراتيجية.
يُذكر أن تركيا وروسيا وقعتا اتفاق السيل التركي في مدينة اسطنبول الشهر الماضي بحيث يتضمن الاتفاق إسراع العمل على تنفيذ المشروع واتفاقات أخرى في إطار تطبيع العلاقات بين البلدين. وبحسب بوتين فقد صرح في مؤتمر صحفي أن الجانبين اتفقا على تحديد آلية خاصة بتقديم حسم لشراء الغاز.
وقد دشن كل من الرئيس التركي ونظيريه الأذري والجورجي مشروع خط أنابيب اللضخ الغاز من حقل شاه دينيز 2 الأذري عبر الأناضول إلى تركيا ودول الاتحاد الأوروبي من خلال خط “تاب” العابر للبحر الأدرياتيكي.
وبحلول العالم 2020 من المتوقع أن تتلقى أوروبا أول شحنة غاز أذري من خلال الأنابيب العابرة للبحر الأدرياتيكي حيث وصف وزير الخارجية الإيطالي المشروع بأنه يتحلى بأهمية اقتصادية كبيرة وستبلغ قيمة الاستثمار فيه بما يقارب 45 مليار دولار وسيكون له تأثير على خطة سياسة الطاقة لأوروبا بأسرها.
والمحصلة أن تركيا ستحصد فائدة كبيرة من جراء مرور خطوط الغاز عبرها ففي خلال الخمسة أعوام المقبلة ستحفل تركيا بانطلاق عدة مشاريع لنقل الغاز عبر أراضيها وهي “تاب” و”السيل التركي” والأنبوب الإسرائيلي وبهذا يتحقق لتركيا مرادها بأن تصبح مركزًا عالميًا لنقل وتوزيع الغاز الطبيعي للعالم، وتتصدر خريطة الطاقة الاستراتيجية.
خط الغاز الأذري
الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا
من ناحية إسرائيل فإن خطوتها نحو تصدير الغاز إلى أوروبا عبر تركيا تزامنت مع زيارات اسرئيلية إلى مصر الشهر الماضي سبتمبر/ أيلول لبحث استكمال مفاوضات تصدير الغاز الطبيعي الإسرائيلي إلى مصر خلال الفترة القادمة، وذلك بعد تطوير حقل تمار الإسرائيلي.
إذ تعمل إسرائيل على عرض الغاز لمصر بأسعار مخفضة قد تصل إلى 4 دولارات بدلًا من 14 دولار بالإضافة إلى تنازل إسرائيل عن قضايا التعويضات المرفوعة بالتحكيم الدولي البالغة قيمتها 1.76 مليار دولار بسبب تعليق مصر إمداد الغاز الطبيعي لإسرائيل عام 2011.
كما تسعى من جهة أخرى لإنشاء تحالف طاقة يضم كلا من اليونان وقبرص لاستغلال الاكتشافات الحديثة لحقول الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط بالدول الثلاث وتصدير الغاز إلى أوروبا عبر خط أنابيب للغاز الطبيعي.