يعتقد كثير من الأفارقة أن مدينة وهران الجزائرية ستكون محطة إقلاع نحو “الجنة الموعودة” أوروبا التي منّوا بها أنفسهم أيام فروا من الحروب والصّراعات القبلية، والمجاعات والأوبئة في بلدانهم، مولّين وجوههم نحو الجزائر، التي ولجوا إلى ترابها بطريقة غير شرعية، متسلّلين عبر الحدود الجنوبية، غير أن أحلامهم تبخرت بمجرد أن وطئت أقدامهم الجزائر، ففي وهران وجدوا أمامهم شبابا يائسا يسابق أمواج البحر بواسطة قوارب الموت، بحثا عن حياة أفضل في الضفة الأخرى.
“كالو” و”مامادو” و”مارلان فرنونديز” وآخرون، أفارقة ينحدرون من بلدان مختلفة مثل مالي والنيجر والكاميرون وغامبيا وناميبيا، تحدثوا لمراسل وكالة الأناضول عن قصة تسللهم إلى الجزائر، عبر الحدود الجنوبية، مع دولتي مالي والنيجر، بحثا عن فرص عمل يجنون منها المال لتأمين مصاريف مغامرة بحرية نحو السواحل الإسبانية، قبل أن تجبرهم ظروفهم على امتهان الأعمال الشاقة في محال البناء مقابل أجر زهيد، في حين وجد الكثير منهم التسول تجارة مربحة ودخل آخرون عالم الجريمة من بابها الواسع، من تزوير للعملات، وتكوين لشبكات الدعارة.
وبعض الجزائريين، يشفقون على حال هؤلاء الأفارقة، فيغدقون عليهم بالصدقات، وكثيرا ما يصطف أصحاب البشرة السوداء، أمام المساجد في وهران، يمدون أيديهم للمصلين، ولأنها باتت وسيلة سهلة لجلب المال، احترفها أيضا بعض الأفارقة المسيحيين، فتجدهم يقفون عقب الصلوات أمام المساجد يستدرون عطف المتصدقين، فتجد أحدهم، وهو مسيحي، يقف يستجدي المصلين، قائلا بلغة عربية، ممزوجة بالإنجليزية، “اسمي إبراهيم، من غامبيا، والله أنا مسلم”، ثم يذهب إلى مسجد آخر ليكرر نفس السيناريو باسم جديد ربما يكون محمد أو علي.
والسلطات المحلية بمحافظة وهران، باشرت ترحيل عدد من هؤلاء اللاجئين إلى بلدانهم الأصلية، وهو ما كشف عنه السيد بن موسى العربي، رئيس المكتب الولائي للهلال الأحمر الجزائري بوهران، قائلا لوكالة الأناضول: “منذ يوليو/تموز الماضي، وحتى الآن، شارك الهلال الأحمر بوهران، برفقة مديرية النشاط الاجتماعي والحماية المدنية، 5 مرات في عمليات جمع ونقل مهاجرين أفارقة إلى مركز للاجئين كائن بولاية أدرار – جنوب الجزائر-، تمهيدا لإرجاعهم إلى مواطنهم الأصلية”.
وأضاف :”الهلال الأحمر الجزائري باعتباره منظمة إنسانية، باشر عمليات إطعام، وكسوة، لعدد هائل من اللاجئين الأفارقة، الذين قدموا إلى وهران بصحبة عائلاتهم، ونأمل في تفعيل العمل التطوعي، من أجل تقديم يد المساعدة لهؤلاء، خاصة أولئك الذين يبيتون في شوارع، وأزقة المدينةّ”.
وبين فشل هؤلاء الأفارقة، في تحقيق حلمهم في السفر إلى أوربا، ورفضهم العودة إلى بلادهم، يفضل أغلبهم البقاء في الجزائر، رغم أوضاعهم الاجتماعية المزرية، لكن وباعترافهم، هي أقل بأسا، من تلك التي كابدوها في أوطانهم الأصلية، مع التمسك ببصيص من أمل في الرحيل نحو القارة العجوز “أوروبا” في يوم من الأيام.