حققت السندات السعودية أكبر حجم طلبات أوامر في دولة مصدرة للسندات من الأسواق الناشئة بنحو 67 مليار دولار، ومن المتوقع أن تصدر السعودية في الأسبوع الجاري سندات بقيمة 17.5 مليار دولار من خلال ثلاث شرائح آجلة لـ 5 سنوات و10 سنوات و30 سنة على أن تكون العوائد على السندات بحدود 2.85% و3.6% و4.87% على التوالي، ويعد قيمة هذا الإصدار الأعلى في الأسواق الناشئة بحسب رويترز لتتفوق على الأرجنتين التي أصدرت سندات بقيمة 16.5 مليار دولار هذا العام.
ويجدر الذكر أن السعودية اتجهت للاستدانة من أسواق المال لاقتراض أكثر من 15 مليار دولار وقد تم تكليف بنوك عالمية لإدارة عملية الاقتراض وهي Citi group وHSBC وJPMorgan، وكان مسؤولون سعوديون قد التقوا بمستثمرين في مدينة نيويورك الأمريكية يوم الثلاثاء 18 أكتوبر الجاري لإعداد شرائح السندات.
ومن خلال إصدار السندات تسعى الرياض لتمويل خطة التحول الاقتصادي وسد العجز في الميزانية لعام 2016 والذي يقدر بنحو 13% من حجم الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
مؤشر ثقة بالاقتصاد أم شراهة مستثمر؟
أفادت صحف محلية سعودية أن حجم الطلبات التي تلقتها السعودية على شراء السندات مؤشر مهم على ثقة العالم بالاقتصاد السعودي، حيث كشفت الأرقام الأولية أن حجم الطلب بلغ 67 مليار دولار مقابل حجم السندات البالغ 17.5 مليار دولار، وهذا يعني أن نسبة حجم الطلب على العرض يوازي 382% أو نحو 4 أضعاف عن المبلغ المطلوب وبزيادة تبلغ نسبتها 282% عن العرض المتوقع.
سند الدين هو أداة تمويلية تلجأ إليها الحكومات والشركات لتمويل مشاريعها لقاء عائد مالي محدد يعطى لحامل السند بعد قضاء أجله
وتضيف صحيفة الشرق الأوسط السعودية أن حجم ارتفاع الطلب العالمي على السندات الحكومية يشير إلى معدلات التعطش العالية التي تظهرها رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار في السندات الحكومية السعودية.
إصدار سندات سيادية من قبل دولة كالسعودية لم تصدر سندات منذ ربع قرن وتعاني من أزمات ومشاكل اقتصادية عديدة من المفترض أن يكون فيه خطورة عالية خصوصًا في ظل الأزمة التي تعاني منها البلاد بعد هبوط أسعار النفط العالمية.
تمثلت هذه الخطورة فعلًا في تقرير لبلومبيرغ في أغسطس/ آب الماضي ذُكر فيه أن المستثمرين أقبلوا على شراء عقود تأمين ضد مخاطر تعثر السعودية في سداد ديونها، حيث صعدت قيمة عقود التأمين 1.1 مليار دولار وهو أعلى مستوى لعقود التأمين على السندات على الإطلاق، حيث ارتفع ثمن العقد من 50 نقطة أساس في منتصف عام 2014 إلى 155 نقطة أساس في أغسطس/ آب 2016 أي ارتفع ثمن عقود التأمين بنحو 4 أضعاف.
كما أن البلاد بشهادة نائب وزير الاقتصاد السعودي محمد التويجري في مقابلة مع فضائية MBC السعودية أن البلاد كانت عرضة للإفلاس خلال 3 سنوات في حال لم يتم اتخاذ إجراءات تقشف وخفض النفقات الجارية، ففي حال استمر سعر برميل النفط عند 40 – 50 دولارًا، ولم يتم اتخاذ إجراءات وقرارات اقتصادية لترشيد الإنفاق فإن إفلاس المملكة أمر حتمي خلال 3 – 4 سنوات على حد تعبير الوزير.
لذا فالواضح أن إقبال المستثمرين على السندات جاء من باب الشراهة على الاستثمار وتحقيق الربح لسندات تعود لدولة غنية تملك احتياطيًا ضخمًا من النقد الأجنبي وتعوم على احتياطي ضخم من النفط الخام ولا تزال تعد أكبر مصدر للنفط في منظمة أوبك، بالإضافة أن لديها خططًا مستقبلية تعمل عليها لإصلاح الاقتصاد أعلنتها في الرؤية للتخلص من النفط، وليس من باب الثقة بالاقتصاد فالواثق من اقتصاد بلد ما لا يعمد لتأمينها من الخسارة بالشكل الذي حصل مع السندات السعودية.
يعد إصدار السندات الأعلى في الأسواق الناشئة لتتفوق على الأرجنتين التي أصدرت سندات بقيمة 16.5 مليار دولار العام الحالي
يذكر أن الحكومة لجأت إلى حزمة إجراءات تقشفية للتخفيف من حدة الأزمة التي تمر بها البلاد وترشيد الإنفاق، ومن بينها خفض الدعم عن مواد الطاقة والمياه والكهرباء نهاية العام الماضي وتخفيض بدلات وعلاوات موظفي الدولة من فترة قريبة وتخفيض رواتب الوزراء ومكافآت أعضاء مجلس الشورى بنسبة 15%، بالإضافة إلى رؤية اقتصادية لعام 2030 تهدف لخفض اعتماد الدولة على النفط الذي يشكل إيرادات الموازنة الرئيسية في البلاد.
ويجدر الذكر أن صافي الأصول الأجنبية بالسعودية سجل أدنى مستوى له منذ أكثر من أربع سنوات، علمًا بأن أعلى مستوى سجلته في أغسطس/ آب 2014، حيث وصلت إلى 737 مليار دولار قبل أن تنخفض تدريجيًا تحت وطأة تراجع أسعار النفط.