ترجمة من الفرنسية وتحرير نون بوست
أعلن خليفة حفتر عن تبنيه فكرة إعادة إحياء القومية العربية، الأمر الذي أثار مخاوف الأقليات في ليبيا على رأسهم الأمازيغ الذين يقطن أغلبهم في مدينة زوارة الواقعة قرب الحدود التونسية. وقد أضاف التقرير أن أمازيغ زوارة يصرون على القيام بثورة للحفاظ على هويتهم الأمازيغية.
قام سكان مدينة زوارة الواقعة في أقصى الغرب الليبي برفع الأعلام الأمازيغية في المباني الحكومية للمدينة وفي الطرق الرئيسية. وجدير بالذكر أن الراية الأمازيغية تحمل ثلاثة ألوان تميزها وهي الأزرق، رمز البحر، والأخضر وهو رمز الطبيعة، والأصفر وهو رمز الصحراء. ويتوسط هذه الراية حرف “الزين” رمز الهوية الأمازيغية وهو عبارة عن خط عمودي يتوسطه قوسين الأول يرمز إلى يدي شخص وهما مرفوعتان إلى فوق والثاني إلى رجليه. كذلك فإن سكان هذه المدينة البالغ عددهم حوالي 80 ألف ساكن مازالوا يحافظون على رموز الهوية والعادات الأمازيغية.
و قال محافظ هذه المدينة حافظ بن ساسي إن “شمال أفريقيا كان أمازيغيا قبل قدوم العرب، ونحن نحارب اليوم من أجل الحفاظ على هويتنا ونؤكد أننا مازلنا موجودين.” وتجدر الإشارة إلى أن نفس هذا الخطاب قوبل بالقمع خلال عهد القذافي، الذي لطالما اتهم الأقليات الأمازيغية بالعمالة لدول أجنبية.
ومن بين مظاهر القمع، وقع إلغاء اللغة الأمازيغية ومنع تسمية المواليد الجدد بأسماء أمازيغية، إلا أنه بعد سقوط نظام القذافي تم السماح بإعادة تسمية هذا الجيل بأسماء أمازيغية. وحسب الممثل السابق للمؤتمر العالمي للأمازيغ “لعبيدي عربي” الذي مر والده بهذه التجربة “لقد كان والدي أمازيغيا وقد تفطن إلى ذلك في فترة متأخرة لأنه اندمج مع الثقافة العربية”.
وعلى مدار خمس سنوات شارك الأمازيغ في مقاومة نظام القذافي، محاولين البحث عن إعادة إبراز الهوية الأمازيغية وتوحيد أمازيغ ليبيا من زوارة مرورا بالبلدات الواقعة في جبال نفّوسة وصولا إلى الجنوب الغربي موطن الطوارق. وفي الإجمال ويمثل الأمازيغ حوالي 10 بالمائة من مجموع سكان ليبيا.
وتاريخيا، شهدت مدينة زوارة بعض المناوشات مع المدن المحيطة بها مثل الزلطن ورقدالين والجميل. في المقابل فإن مدينة زوارة تفرض رقابتها على منطقة رأس الجدير الليبية الحدودية مع تونس والتي تغيب فيها رقابة السلطة الليبية الأمر الذي سمح للأمازيغ بالسيطرة عليها وقيادة ثورة هادئة انطلاقا منها.
و تأكيدا على محاولة التحرر من هيمنة الدولة الليبية، قام محافظ مدينة زوارة الأمازيغي بتطبيق سياسته الخاصة في مقاومة شبكات الهجرة السرية دون اللجوء إلى القضاء الليبي غير الناجع، حسب تعبيره.
كذلك فإن اللغة الأمازيغية أصبحت تدرس في المدارس الإبتدائية والجامعات، التي تقوم بانتداب أساتذة من المغرب والجزائر أين حققت القضية الأمازيغية تقدما وعرفت منعرجا آخر. وبالإضافة إلى ذلك، يكافح أمازيغ ليبيا من أجل الاعتراف بلغتهم كلغة رسمية ثانية في الدستور الليبي، لكن هذا المطلب قوبل بالرفض.
وقد قاطع الأمازيغ انتخاب برلمان مصغر متكون من 60 نائب سنة 2014، بتعلة غياب ضمانات بخصوص الاعتراف بهويتهم ولغتهم ورايتهم ونشيدهم الرسمي في الدستور. وفي نفس الوقت، انسحبت أقاليم أخرى كالطوارق وتوبو من الهيئة الدستورية لنفس الأسباب، ولأنهم رغبوا في أن يحظى مطلبهم على التصويت بالإجماع.
كما أن الأمر الذي أثار مخاوف هذه الأقلية هو إعلان خليفة حفتر نفسه قائدا للجيش العربي الليبي. وحول هذا الموضوع، أكد الكولونيل سالم بدروش أن “الأمازيغ يرفضون هذا الإعلان لأن حفتر هو قومي عربي يتبع منهج جمال عبد الناصر”.
كذلك يرى أمازيغ زوارة أنه في حال وقع إعادة توحيد مجلس طبرق وطرابلس فإن مطالب الأمازيغ ستتلاشى مرة أخرى. وفي هذا الإطار، صرح عيسى حمّاسي أحد منتجي الأفلام الثقافية أن “الأمازيغ مسلمون لكن ليسوا عربا …أنا قلق جدا لأننا نحس بأننا غير مرغوب في تواجدنا في هذا البلد، كذلك فإن الأمم المتحدة تتجاهلنا في الوقت الذي بدأنا نتذوق فيه طعم الحرية ونحن لسنا على استعداد للعودة إلى الوراء”.
المصدر: لوموند