ترجمة سمية طه
إذا كنت تؤمن بأن التغذية السليمة والتمارين الرياضية والوجود الحر هي نصائح حديثة للحصول على حياةٍ صحية، فأنت بحاجة إذن إلى إعادة التفكير والانضمام إلينا لاستكشاف أشهر خمسة كتب طبية يرجع تاريخها إلى 1000 عام، تطرقت بالتفصيل إلى مثل تلك الأمور.
من السمات التي تؤدي إلى تطور النوع البشري، هي البحث المستمر والاعتناء بصحة ورفاهية البشر، ولقد ساهمت العديد من الحضارات في تطور الطب والرعاية الصحية، وكان للحضارة الإسلامية دور هام في هذا المجال منذ أكثر من 1000 عام.
كانت الرعاية الطبية متاحةً للجميع خلال العصر الذهبي للحضارة الإسلامية، فبُنيت المستشفيات في العديد من مدن العالم الإسلامي، وأجريت العديد من العلاجات المتطورة والجراحات السريعة مثل إزالة عتامة العدسة واللقاحات المنتظمة والخياطات الداخلية وإعادة هيكلة العظام، كما كان من المعتاد آنذاك، ممارسة التعليم الطبي في المستشفيات التعليمية، وكان ثمة ما يكفي من الوعي لإدراك أهمية التغذية السليمة والتمارين الرياضية من أجل الحفاظ على حياةٍ صحية.
يقول ابن سينا في كتابه “القانون” وذلك في القرن الحادي عشر: “إن الطب هو العلم الذي من خلاله نتعلم أحوال جسم الإنسان، بغرض الحفاظ عليه في صحة جيدة أو استعادة هذه الصحة في حالة المرض”.
أدرك الكثير من علماء الطب الآثار السلبية للعادات الغذائية غير الصحية، كما أدركوا أهمية الرياضة والسباحة واتباع أنظمة غذائية سليمة وتنظيم النوم، من أجل الحفاظ على صحةٍ جيدة، إنها المفاهيم ذاتها التي يتم اتباعها بالطب الوقائي في العصر الحديث، والتي تتكرر دائمًا من أجل مكافحة السمنة ومرض السكري اليوم.
دعونا نستكشف معًا بعضًا من كتب ذلك العصر التي تم الربط فيها بين السمنة والعادات الصحية غير السليمة.
1- كتاب القانون لابن سينا (القرن الحادي عشر)
من كتاب ابن سينا
ابن سينا هو الشيخ الرئيس شرف الملك أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، عالمٌ وطبيبٌ مسلمٌ من بخاري، اشتهر بالطب والفلسفة واشتغل بهما، أحد أشهر كتبه الطبية هو كتاب “القانون” الذي تُرجم إلى اللاتينية في نهاية القرن الثاني عشر، وصار مرجعًا للدراسات الطبية داخل جامعات أوروبا حتى أواخر القرن السابع عشر.
لقد خصص ابن سينا بابًا من ثلاثة مجلدات من كتابه الشهير القانون، يتحدث فيه عن عيوب السمنة المفرطة، مصنفًا إياها كمرض، واقترح ممارسة التمارين الرياضية وتناول الأطعمة الخفيفة والخالية من الدهون للقضاء عليها.
2- كتاب الحاوي في الطب للرازي (القرن العاشر)
من كتاب الرازي
ذكر محمد بن زكريا الرازي 926-841 في كتابه “الحاوي” في الطب وهو موسوعةٌ طبية، جميع المعلومات المتاحة عن السمنة في ذلك الوقت، كما ناقش في ضوء خبراته وممارساته الخاصة آراء العلماء الذين سبقوه وبخاصة ما يتعلق بالسيطرة على السمنة المفرطة.
ووثق الرازي نقاشاته باستخدام تقارير الحالة السريرية لمرضاه الذين عانوا من السمنة المفرطة والذين عالجهم بنجاح، واصفًا بالتفصيل العلاجات التي استخدمها، بما في ذلك النظام الغذائي والمخدرات والتمارين الرياضية والتدليك والعلاج المائي وتغيير نمط الحياة.
كما ألف الرازي كتابًا استثنائيًا أسماه “منافع الأغذية ودفع مضارها”، بخصوص كيفية التخلص من الآثار الجانبية للمواد الغذائية، وتناول الموضوع بطريقةٍ أوضح وأكثر شمولًا من أسلافه.
3- مختارات الطب لابن هُبل (القرن الثاني عشر)
كان ابن هُبل البغدادي 1121-1213 طبيبًا وعالمًا عربيًا، عُرف في المقام الأول بكتابه “مختارات في الطب” والذي كتبه عام 1165 في الموصل بالعراق.
وأشار في كتاباته إلى قابلية إصابة الأشخاص البدناء جدًا بالأمراض، كما شدد على أهمية وجود جدول زمني يزداد تدريجيًا للتخلص من السمنة المفرطة، باستخدام التمارين الثقيلة على معدةٍ فارغة، موضحًا خطورة الممارسة المفاجئة للتمارين الثقيلة.
4- فن الطب لابن النفيس (القرن الثالث عشر)
هو أبو الحسن علاء الدين علي بن أبي الحزم القرشي الدمشقي الملقب بابن النفيس ويعرف أحيانًا بالقرشي، درس الطب تحت إشراف الأستاذ المتميز ابن الدخوار، في المستشفى النوري بدمشق.
له الكثير من الأعمال أشهرها كتاب “الشامل” في الصناعة الطبية، كما شرح في أحد أعماله وهو كتاب “الموجز في الطب”، العلاقة بين السمنة المفرطة والحوادث الدماغية والقلبية وبين اضطرابات الجهاز التنفسي والغدد الصماء:
“تحد السمنة المفرطة من حرية الإنسان وحيويته ونشاطه، بل قد تقضي عليهم تمامًا، إذ قد تكون سببًا في منع وصول الهواء إليه، لذا يعاني المريض بالسمنة المفرطة من بحةٍ في الصوت وخفقانٍ في القلب، أيضًا يتعرض المريض بالسمنة المفرطة لخطر تمزق الأوعية الذي يؤدي إلى حدوث نزيفٍ في تجويف الجسم أو الدماغ أو القلب، مما يسبب حدوث الموت المفاجئ”.
5- كتاب الغذاء والماء للأصحاء للسمرقندي (القرن الثالث عشر):
هو نجيب الدين أبو حامد محمد بن علي بن عمر السمرقندي، وهو طبيبٌ فارسيٌ طبب في سمرقند، له الكثير من المؤلفات الطبية وفسر الكثير من الأفكار الطبية، من أشهر مؤلفاته كتاب “الأسباب والعلامات” وهو موسوعة شاملة من علم المداواة وعلم الأمراض، قُرأت مؤلفاته على نطاقٍ واسع، ودُونت عليها الكثير من التعليقات.
في كتابه “الغذاء والماء للأصحاء”، قام بتعريف الغذاء السليم والمناسب بالغذاء القادر على استبدال ما يتحلل من العناصر المكونة لأجزاء الجسم.
المصدر: 1001inventions