ترجمة من الفرنسية وتحرير نون بوست
في تموز/ يوليو 2014 استقبلت رئيسة الجبهة الوطنية ممثل إماراتي عرض المساعدة على الجبهة الوطنية، في آيار/ مايو 2015 مولت الإمارات رحلتها إلى مصر، وفق ما أكده أحد المقربين منها. في الوقت الذي تبحثه فيه الجبهة عن تمويل خارجي لحملة ؛2017 وذلك هو سبب تقربها من أبو ظبي.
هل ستمول الإمارات الحملة الرئاسية لمارين لوبان؟ عاد السؤال للواجهة من جديد في الوقت الذي تبحثه فيه الجبهة بشكل حثيث عن تمويل خارجي لحملة 2017 دون استثناء حتى بين دول الخليج. وقد قال برنارد مونو، القيادي بحزب الجبهة الوطنية والنائب الفرنسي في الاتحاد الأوروبي للصحيفة، في إطار مساعي الحزب لجمع الأموال اللازمة للحملة الانتخابية 2017: “نبحث عن المال في جميع أنحاء العالم باستثناء فرنسا بسبب تعنت بنوكها”
وشرح برنارد مونو، أحد أعضاء الجبهة ويعمل بشكل نشيط على جمع بعض القروض قائلا: “رمينا الصنارة في مختلف الأماكن المحتملة لدينا، فنحن نبحث في الغرب، في منطقة اليورو والدولار، ولكن أيضا في منطقة الشرق الأوسط”
وعند سؤالنا له هل هناك احتمال لتسلمكم لقرض من الشرق الأوسط، قال جان ميشال ديبوا، الأمين المالي للحملة الانتخابية لمارين لوبان وهو غاضبا: “يجب أن نكون أكثر جدية بعض الشيء…. هناك بعض الدول التي اقترحت علينا ذلك ولكن نحن من سيتخذ القرار. وهذا القرار ليس من مشمولاتي ولكن نريد دولا تحمل قيمنا”
وقد عمل الحزب في عام 2014 على تسلم أموال من إحدى بنوك أبو ظبي ولكن المفاوضات فشلت في اللحظات الأخيرة. وقد شرح جان لوك شافهاوسير النائب الفرنسي بالاتحاد الأوروبي، والمفاوض باسم الجبهة الوطنية، سبب فشل الاتفاق إذ قال: “كانت نسبة الفائدة على القرض حينها تقدر بـ2.8 بالمائة ولكن تغير هذا يوم التوقيع في شباط/ فبراير 2014”
وقد تحصل الحزب أخيرا على قرض من روسيا بقيمة 9 مليون يورو في أيلول/ سبتمبر 2014 وقد تحصلت في ماض لاحق على قرض آخر بقيمة 2 مليون يورو من روسيا أيضا في نيسان/ أبريل 2014
ومنذ ذلك الوقت أطلقت رئيسة الحزب تصريحات علنية داعمة للإمارات، ومنتقدة قطر والسعودية، وأكدت تواصل العلاقة بين الطرفين رغم فشل ذلك الاتفاق، إذ قالت في 30 أيلول/ سبتمبر 2014 على قناة فرانس24: “على فرنسا قطع علاقاتها مع قطر والسعودية لدعمهما المتواصل للإسلام الأصولي حول العالم، علينا الاعتماد على الدول الإسلامية التي تحارب الأصولية مثل الإمارات ومصر” كما تمنت أن تقيم معهما “تحالفا كبيرا”.
كما قالت في نقاش تلفزيوني آخر يوم 1 آيار/ مايو 2015 : “علينا تطوير علاقاتنا مع الدول التي تحارب الإسلاميين مثل روسيا، والإمارات، ومصر وغيرهم من الدول”. وأعادت في الأيام الموالية نفس الخطاب في الاجتماع الأوروبي الكبير، يوم 3 آيار/ مايو وعلى قناة بي أف أم تي في يوم 14 حزيران/ يونيو
إن الجبهة الوطنية ومصر والإمارات العربية المتحدة (حليفة النظام المصري) لديهم عدو واحد مشترك وهو الحراك الإسلامي وبالأخص الإخوان المسلمين، حيث تعتبرهم رئيسة الجبهة “قالب التطرف الإسلامي السني” أو “جذع من شجرة متشعبة الغصون توصل للإرهاب”. كما قال الموقع إن مارين لوبان من أبرز الداعين للتحالف مع روسيا فلاديمير بوتين ضد الإسلام الأصولي. كما أن هذه التصريحات تأتي أيضا في إطار التقارب مع الإمارات: وكان ذلك على مرحلتين
أول المرحلتين الاجتماع السري الذي جمع رئيسة الجبهة الوطنية، قبل ذهاب في عطلة ترفيهية، مع عميل استخباراتي من الإمارات العربية، بحسب مصادر موقع “أنتليجنس أونلاين”، ذلك أن المعلومات شحيحة حول هذا اللقاء الذي عقد في 20 تموز/ يوليو 2014 في إقامة لوبان بسان كلو على جبل مونتريتوت (الإقامة التي غادرتها بعد 3 أشهر). وقد كان الترحاب حارا من قبل مارين لوبان لهذا العميل الإماراتي في حوار دام أكثر من ساعة كان موضوعه قطر والإخوان المسلمين.
وأورد الموقع بعض التسريبات من هذا الحوار فقال إن الممثل الإماراتي عبّر عن استعداد بلاده دعم الجبهة الوطنية ضد قطر والإخوان المسلمين قائلا: “سنساند ترشحك لمنصب الرئاسة”. على شرط أن تقوم عندما تصل للسلطة بتجاهل قطر والعمل مع الإمارات على اعتبار أنها تمثل “المسلمون الطيبون” الذين يحاربون الإسلام الأصولي.
وكان الهدف من هذا العرض هو دعم الحملة الانتخابية لمارين لوبان. وقد بدا التوتر على رئيسة الحزب في هذا الحوار لجهلها بهذا العالم (الخليج العربي)، فقد كانت شديدة التركيز فقط على فكرة أن قطر عدوة الإمارات العربية المتحدة.
أما المرحلة الثانية فكانت في آيار/ مايو 2015 عندما قامت مارين لوبان بأول زيارة لها للشرق الأوسط. في 28 آيار/ مايو زارت مصر لمدة زمنية دامت 4 أيام قابلت في القاهرة العديد من الفاعلين السياسيين والدينيين: من أبرزهم رئيس الوزراء إبراهيم محلب والإمام السني لمسجد الأزهر محمد الطيب والبطريرك القبطي تواضروس الثاني، حتى أنها زارت وجلست في الكنيسة القبطية.
وقد صحبها خلال هذه الزيارة 3 شخصيات كبيرة وهم مدير حملتها الانتخابية نيكولاس لوزاج والنائب بالاتحاد الأوروبي أيمريك شوبارد مستشارها في الشؤون الدولية، قبل أن يغادر الحزب في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، وباسكال رينور دي فاليار وهو “المستشار” المستفيد من تواصل الحزب مع الشرق الأوسط خاصة مع مصر. وقد نظم هذه الزيارة شوبارد بمساعدة رينور دي فاليار
قام صحفي من موقع “فالور أكتيال” بنشر صور عن تلك الزيارة، كما أنه حضر الحوار الذي جمع مارين لوبان (بجانبها أيمريك شوبارد) ورئيس الوزراء المصري لمدة 45 دقيقة. قال الرجل الثاني في مصر، الذي استقال في وقت لاحق، لقائدة الجبهة الوطنية الفرنسية “إني أتابعكم منذ مدة، وأنا أحترم شخصكم وحزبكم جدا” ثم أضاف في آخر الحوار: “أعتمد على الجبهة الوطنية لتشجيعنا”.
فحوى تلك الزيارة قد نشرها الحزب في تقرير مفصل على موقعه الرسمي، أورد فيه أن تلك الزيارة كانت تهدف إلى إظهار دعم الحزب اللامحدود للماريشال عبد الفتاح السيسي في حربه ضد الإسلاميين. من جانبها أقامت رئيسة الجبهة الوطنية مؤتمرا صحفيا في نانتار. تدافع عن زيارتها لمصر “الناجحة جدا”، حسب قولها.
وتفسر كيف أنه حان الوقت “لتهشيم الحاجز البلوري المعتم الذي فرضه الآخرون بين العالم العربي والإسلامي والجبهة الوطنية” وقالت إنها تريد “إعادة تجديد القواعد الكبرى لسياسة فرنسا مع العرب والبحر الأبيض المتوسط” كما قامت بتحية عبد الفتاح السيسي ووصفته “بالرجل الشجاع” وقالت إنه “السور الذي يحمينا من الإخوان المسلمين”، كما لم تنس رئيسة الجبهة أن تنقد قطر.
ولكن ما نسيت الصحيفة الأسبوعية ذكره حول ذلك الاجتماع نشره موقع “أنتليجنس أونلاين” الذي أورد فيه أن مارين لوبان اجتمعت في كنف السرية رئيس جهاز الاستخبارات المصري خالد فوزي. بحسب ما ورد في الموقع فإن الضغط الودي للاستخبارات الإماراتية هو الذي جعل الجانب المصري يقبل بملاقاة رئيسة الجبهة الوطنية.
كما قال الصحفيين كريستيان شيسنو وجورج مالبرينو في كتاب “أميرنا الغالي” إن رئيسة حزب الجبهة الوطنية لاقت خلال ساعة ونصف الرئيس المصري شخصيا.
ليس هذا فحسب، وفق موقع “أنتليجنس أونلاين” الذي قال إن الإمارات تكفلت بكل مصاريف زيارة رئيسة حزب الجبهة الوطنية للقاهرة. وهذا ما أكدته مصادر مقربة من الجبهة الوطنية لميديابار. وليس هذا بالأمر الغريب فأبو ظبي هي أبرز ممول خارجي لمصر. ففي آذار/ مارس 2015 قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رئيس وزراء الإمارات، إنه قدّم مبلغ قيمته 13 مليار يورو لمصر، كما وعد بدفع 3.7 مليار يورو إضافية.
حتى الآن لم تكشف مارين لوبان عن الزيارة التي وقعت في مونتريتوت، ولا عن “التمويل” الإماراتي الذي غطى مصاريف زيارتها للقاهرة. على الرغم من إلحاح موقع ميديابار لرئيسة الجبهة إلا أنها لم تقدم أي إضافة. وقد أجابنا ألان فيزيي، مدير الاتصالات في الجبهة قائلا: “ليس لنا علم بهذا، ولكننا نشير إلى الإمارات تحارب الدين الأصولي على خلاف قطر”
هل أكدت رئيسة الجبهة اللقاء الذي وقع في مونتريتو؟ من موّل رحلتها لمصر؟ حول هذين السؤالين يبقى حزب الجبهة الوطنية صامتا، تماما كما فعل مدير حملتها الانتخابية مارين لوبان، نيكولاس لوزاج لموقع ميديابار: “ليس لدي معلومات حول هذه المواضيع، لا أعلم شيئا بالمرة”
إلا أنه أكد “أنه لم يقم أي ممثل للإمارات بعرض تمويل مادي مباشر لصالح مارين لوبان” خلال اجتماع مونتريتوت. كما أشار نيكولاس إلى أن مارين لوبان تنظر إلى هذه الدولة وإلى مصر بعين الإكبار بفضل محاربتهما للإسلام الأصولي.
وقد أكد الملحق باسكال رينور دي فاليار في رحلة مارين لوبان إلى مصر وجود الكثير من المرافقين في الرحلة إلا أنه لا يملك أدنى فكرة عن مصادر تمويلها. وقال لنا “اسألوا مارين لوبان مباشرة”. رجل الأعمال هذا الذي يبلغ من العمر 55 عاما كان حتى 2012 عضوا في “الاتحاد من أجل حركة شعبية” والأهم أنه عضو في الدائرة المضيقة للاتحاد وأبرز المانحين. في عام 2011 علّق له وسم جوقة الشرف من قبل الوزيرة فاليري باكراس.
بعد انتخابات 2012 غادر رجل الأعمال الاتحاد وابتعد عن عالم السياسية. ولخص سبب ابتعاده اليوم عندما قال “السياسة بها الكثير من التلاعب والكثير من خيبات الأمل”. ولكن بالتوازي تعرف خلال السنوات الخمس الماضية على مارين لوبان فقال: “إنها امرأة أحبها كثيرا، فهي لطيفة، قلبها طيب وشجاعة جدا تجاه ما يحدث في العالم، من مشاكل اقتصادية، وهجرة، وأمن، وإرهاب. أما أنا فكوكوريكو، لذا فكل ما تقوله يؤثر في. إنها جان دارك، اليوم الحروب في كل مكان. هذه ليست فرنسا التي عرفناها، ليست فرنسا أجدادنا”
كما نشر على موقعه بعض الصور مع بعض كبار الشخصيات، والشخصيات الدبلوماسية التي قابلها في تلك الزيارة، في سهرة الخمسين عاما لفالور أكتيال، يوم 5 تشرين الأول/ أكتوبر ظهر رجل الظل هذا صحبة مارين لوبان ومدير حملتها الانتخابية نيكولاس لوزاج ونائبه فلوريان فيليبو. في لقاء قال عنه باسكال رينور دي فاليار إنه وقع “مصادفة”
وأكد “أنه لا يعمل معها” وقال “أنا لست برجل سياسي ولست عضوا في الجبهة الوطنية أما الباقي فهو حياتي الشخصية. في مهنتنا نقابل الكثير من السياسيين ونتبادل بطاقات العمل وتتكرر لقاءاتنا، فالسرية لا تعنيني”. وعن سؤال إن كان سيرافق رئيسة الجبهة الوطنية مرة أخرى في تنقلاتها قال: “يسعدني ذلك، ولكن للأسف لن يحدث هذا”
إن الإماراتيين مثل الروس يأملون في صعود مارين لوبان لمنصب الرئاسة بفرنسا، غير أنهم أصيبوا بخيبة أمل في الانتخابات البلدية والإقليمية الأخيرة التي لم توصل أي مرشح من الجبهة لمنصب تنفيذي. وقد قال مقرب من رئيسة الجبهة الوطنية “أملت دول مثل روسيا والإمارات مثل ما أملت بعض الدول الأوروبية وأعداد واسعة في الداخل فوز الجبهة الوطنية ولكن بعد الانتخابات الإقليمية تلاشى هذا الأمل”: ولكن هذا لا يمنعنا من أن ندعم مرشحة الحزب لرئاسة فرنسا. في الأثناء تسعى أن أبو ظبي إلى تثليث هذه العلاقة من موسكو من أجل التودد إلى روسيا.
المصدر: ميديا بار