ترجمة الزهراء عزازي
ليست هناك أية مبالغة في التحدث عن مدى اعتماد الأمريكيين على نظام الضمان الاجتماعي (Social Security)، فالبرنامج يوفر مساعدات شهرية لما يقرب من 60 مليون شخصًا، معظمهم من المتقاعدين والذين تمثل تلك المدفوعات المتواضعة إليهم – حوالي 1.300 دولار شهريًا في المتوسط – نصف دخلهم، ومع تزايد أعداد المسنين في العقود القادمة سيصبح نظام الضمان الاجتماعي أكثر أهمية، وللأسف أقل موثوقية في الاعتماد عليه، فوفقًا لأحدث التوقعات، سيحدث عجز في هذا النظام عام 2034 ما لم تحدث إصلاحات قبل ذلك لتدعيم موارده المالية.
وبعد فترة وجيزة من ظهوره كمشكلة – يجب حلها – في الانتخابات التمهيدية، لم يلق الضمان الاجتماعي الاهتمام الذي يستحقه في السباق الرئاسي، في الواقع لم يرد ذكر كلمتي “الضمان الاجتماعي” و”التقاعد” في أول مناظرتين رئاسيتين سواء من المرشحين أو ميسري المناظرة، مع ذلك، وفي إطار آخر، قدَم المرشحان وجهات نظر مختلفة بشكل صارخ للبرنامج، وفهم تلك الاختلافات هام جدًا في حياة الأمريكيين.
اقترحت هيلاري كلينتون رفع معاشات الأشخاص الذين غالبًا ما يثبت عدم كفاية معاشهم، خاصة الزوجين كبار السن والأشخاص الذين تركوا العمل لرعاية ذويهم من المرضى، وستقوم أيضًا بزيادة مداخيل النظام عن طريق زيادة الحد الأقصى للأجور الخاضعة لضريبة الرواتب، وهي حاليًا 118.500 دولار، ذلك الإصلاح جاء متأخرًا، ففي العقود الأخيرة لم يعد سقف الأجور يتماشى حتى مع مكاسب الدخل لأصحاب الأجور المرتفعة ولو حدث ذلك لكانت الأجور الخاضعة للضريبة 250.000 دولار اليوم.
وأوضحت السيدة كلينتون بشكل جلي الأشياء التي لن تفعلها، فهي لن تقوم بدعم الإصلاحات التي تطلب من الأشخاص أصحاب الدخول المتوسطة والمنخفضة أن يدفعوا أكثر أو يقبلوا أقل، ولن تقوم بتحويل ضرائب الضمان الاجتماعي لحسابات استثمارية خاصة، وهي الفكرة المفضلة لدى الجمهوريين، ولن تقوم بتقليل تسوية تكلفة المعيشة الخاصة بالضمان الاجتماعي أو برفع سن التقاعد – وهو 67 عامًا للأشخاص الذين ولدوا عام 1960 أو بعده ( كلا الفكرتين حصلتا على دعم واسع من الجمهوريين ودعم أقل من الديموقراطيين).
وهي محقة على كل الأصعدة، فالخصخصة ستضعف نظام الضمان الاجتماعي، بينما ستعرَض المتقاعدين لخطر فقدان المال في البورصة واستنفاد مدخراتهم، وليست هناك أية أدلة دامغة على أن تسوية تكلفة المعيشة الحالية مرتفعة جدًا، رفع سن التقاعد للجميع – وهي الفكرة المستندة على التأكيد الساذج أن الجميع أصبح يعيش لوقت أطول – ستضر أصحاب الدخول المنخفضة على الأرجح لأن الأثرياء سيعيشيون وقتًا أطول من الفقراء.
وعلى الرغم من تلك القرارات الواضحة، فخطة كلينتون ستسمح بالتسوية مع الجمهوريين الذين يفضلون اقتطاع الأرباح للإبقاء على النظام، معارضتها لرفع سن التقاعد في كل المجالات، على سبيل المثال، لن يحول دون اقتطاع المساعدات للمستفيدين أصحاب الدخول المرتفعة، وهذا الإصلاح يمكن أن يتم ببساطة عبر ضبط الصيغة المستخدمة لحساب المساعدات لذوي الدخل المرتفع.
قال دونالد ترامب إنه لن يقوم بقطع المساعدات، ولكن من العدل أن نسأل ما إذا كان سيفي بهذا التعهد في حين أنه في نفس الوقت سيفى بتعهدين آخرين – خفض الضرائب وزيادة الإنفاق العسكري -، فتلك الوعود، مجتمعة، ستؤدي إلى عجز فيدرالي مدوٍ ما لم يكن هناك تخفيض في نفقات البرامج الكبيرة مثل الضمان الاجتماعي، وترامب قد راوغ في مسألة السيولة، غياب تخفيض المساعدات، هي الطريقة المؤكدة الوحيدة لدعم موارد النظام المالية لزيادة الإيرادات، وهو الخيار الذي لم يتطرق إليه ترامب على الإطلاق.
فنهج ترامب – لن تُخفض المساعدات ولن تزداد الضرائب – يغلق كلا السبيلين للحصول على السيولة، وهذا، على المدى الطويل، سيفلس النظام بشكل أساسي.
مسار السيدة كلينتون، على النقيض من ذلك، سيساعد في الإبقاء على نظام الضمان الاجتماعى معافى على المدى الطويل وسيعزز الامتيازات للأكثر احتياجًا وسيحافظ على الامتيازات المضمونة لكل من يقوم بالدفع لصالح النظام.
المصدر: نيويورك تايمز