ترجمة من الفرنسية وتحرير نون بوست
استقال الأمين العام لجبهة التحرير الوطني عمار سعداني ، بعد تصريحاته الأخيرة التي اتهم فيها مدير المخابرات الجزائرية السابق، محمد مدين المعروف باسم “الجنرال توفيق”، بالتخابر لصالح فرنسا.
علل عمار سعداني استقالته الفجئية والمثيرة للجدل بأسباب صحية، بينما رجح البعض أن تكون هذه الاستقالة نتيجة لضغوطات؛ إما من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة والرئيس الرسمي لجبهة التحرير الوطني أو من المقربين من عمار سعداني . والجدير بالذكر أنه وقع ترشيح سعداني، النقابي السابق البالغ من العمر 66 سنة، لولاية ثانية على رأس جبهة التحرير الوطني سنة 2015.
وقد عاد سعداني إلى الساحة السياسية بعد غياب دام أسبوعين، بتصريح خطير اتهم فيه الرئيس السابق لجهاز المخابرات اللواء محمد مِدين، بتوليه زعامة قدماء ضباط الجيش الفرنسي وبالعمل لحفظ مصالح دول أجنبية في الجزائر. وبالإضافة إلى ذلك، اتهم سعداني سلفه على رأس جبهة التحرير الوطني، عبد العزيز بالخادم، بالعمالة لصالح فرنسا.
كما توجه سعداني، الذي يلقب أيضا “بالطبال” منذ أن شارك سابقا في الفرقة الموسيقية لعبد الله مناعي، بتصريح لاذع لقدماء ضباط الجيش الفرنسي الذين انضموا إلى جبهة التحرير الوطني بين سنتي 1956 و1961، والذين تمكنوا في مرحلة لاحقة من الحصول على مراكز مهمة في الجيش الجزائري.
وفي هذا السياق، قال سعداني إنه “يوجد في الجزائر ضباط فرنسا ومجاهدي فرنسا ومثقفي فرنسا”. وأضاف أنه “لقد خسرت فرنسا رجالها في الجزائر وعليها الآن أن تخضع لمؤسسات الدولة الجزائرية”.
ومن جهته ردّ أحد قدماء الجيش الفرنسي على تصريحات سعداني عبر الموقع الإعلامي الإلكتروني “ألجيري باتريوتيك” التابع لأحد أبناء وزير الدفاع السابق خالد نزّار، أهم الموالين للجنرال توفيق؛ واتهم في أقواله سعداني أنه يُدلي بتصريحات تبعا لتعليمات موجهة.
وجاء في تصريحاته أنه “عندما تجرأ سعداني على نقد قدماء ضباط الجيش الفرنسي، فقد فضح لعبته بطريقة غير مباشرة وأسقط القناع عن العرّاب الذي لم يكشف عن اسمه والذي يقود حربا ضد خلافة بوتفليقة.
ومن الواضح أنه كثيرا ما أثار تاريخ قدماء ضباط الجيش الفرنسي جدلا واسعا وخطيرا في الجزائر، لكن الاتهام الذي وجه للرئيس السابق لجهاز المخابرات “الجنرال توفيق” حول تدبير الصراع الطائفي في ولاية غرداية، يعتبر الأخطر من نوعه.
وتجدر الإشارة إلى أن أول شرارة لهذا الصراع الطائفي كانت في شهر ديسمبر/كانون الأول سنة 2013. ونتيجة لهذه الأزمة الطائفية التي عرفتها الجزائر، نشبت مواجهات دموية يومي السابع والثامن من يوليو/تموز سنة 2015 بين قبيلة “شاعنباء” العربية وقبيلة “الموزابيت” الأمازيغية، الأمر الذي تسبب في مقتل 22 شخصا قبل أن يتدخل الجيش لإعادة الهدوء إلى هذه الولاية المضطربة.
والجدير بالذكر أن اتهام الجنرال توفيق بتدبير أحداث غرداية قد أثار اهتمام مسؤولين في أحزاب المعارضة الذين طالبوا بالمبادرة بفتح تحقيق في هذه القضية. وفي المقابل، كان أحمد أويحيى الوزير الأول السابق والأمين العام الحالي للتجمع الوطني الديمقراطي كان أول من كذب تصريحات سعداني وساند الجنرال توفيق.
وحول هذه القضية، قال أويحيى إنه “عندما يتكلم البعض عن الجنرال توفيق فعليهم أن يتذكروا جيدا أنه يقف وراء هذا الرجل آلاف الضباط والجنود… وأنا أرفض الاتهامات التي تورطه في أحداث غرداية”.
ومن ناحية أخرى، تبقى أسباب استقالة سعداني غامضة، كما أنها كانت صادمة للذين يريدون أن يتبنوا إصدار قانون ضد الصمت تجاه ممارسات الضباط السابقين في الجيش. من بين هؤلاء الجنرالات، نذكر قايد صالح الذي لقبه سعداني “بالمجاهد الأكبر” والذي يطمح إلى مسائلة الضباط السابقين.
وقد أحرج عمار سعداني، الذي يعتبر من أكبر معارضي الجنرال توفيق، جميع العاملين في الحكومة بعد تصريحه الأخير. وعلق أحد الصحفيين المحليين قائلا “لم نرد إعلان رحيل سعداني بل تركناه يعلن ذلك بنفسه”. وتجدر الإشارة إلى أنه قد وقع تعيين وزير الصحة السابق جمال أولاد عباس على رأس جبهة التحرير الوطني بعد استقالة سعداني.
المصدر: لوموند