رأت صحيفة الغارديان البريطانية أن كل من السعودية وإيران تصران على خطط غير واقعية لفرض السيطرة في الشرق الأوسط، وأن الشرق الأوسط أصبح “رهينة حرب لا يستطيع أي طرف واحد الانتصار فيها”، معتبرة أن الصراع الدائر في المنطقة بين السنّة والشيعة، من لبنان إلى العراق، ما هو إلا حماقة إستراتيجية تضاعف يوما بعد يوم من حجم الخسائر البشرية.
ويشير الكاتب إلى أن أعداد الضحايا الذين سقطوا في تفجيرات بيروت وفي الصراع الدائر في الفلوجة العراقية وفي الرمادي وفي الغارات الأخيرة على حلب، لا تخدم مصالح أي من الأطراف المتنازعة في المنطقة، وإلى أن الأشخاص الذين يرتكبون المجازر على الأرض “عقولهم مشوشة بالخوف والتعصب والعاطفة وحب الإنتقام”، وما يقومون به يأتي وفق أجندات العواصم البعيدة التي تحرض على سفك الدماء دون أن تبالي بالخسائر التي تتكبدها الشعوب في تلك البلدان.
وإن لم تنزه الصحيفة عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية، واشنطن، من هذا الاتهام، فإنها حملت المسؤولية الأكبر عن ما يحصل من إشعال لفتيل الحرب الطائفية في المنطقة إلى عواصم إيران والسعودية، فعلى إيران أن تعي أنه “لا يمكن تحويل العالم العربي السنّي إلى ولايات خاضعة لطهران، لأن هذا يتنافى مع الحقائق التاريخية والديمغرافية والولاءات الإثنية”، وحتى إن تناغم العراق مع الطموح الإيراني، وحتى إن بقي بشار الأسد في السلطة، وحتى إن حافظ حزب الله على قوته في لبنان، فإن الإيران لن تسيطر على هذه المناطق.
فالعراق سيدرك عاجلا أم آجلا أن مصالحه تختلف عن مصالح إيران رغم الرابط الطائفي بين البلدين، وسوريا ستحكمها الأكثرية السنيّة عاجلا أم آجلا، و”لا يمكن لأحد أن يتخيل أن الأقلية العلوية ستتمكن من حكم سوريا بعد 10 سنوات من الآن مثلا؟”، وكذلك لبنان، وبمجرد تغير المعادلة في سوريا سوف يفقد حزب الله نفوذه السياسي تدريجيا وسيكون مجبرا على التعايش مع باقي مكونات المشهد السياسي والمجتمع اللبنانيين، بمنطق المواطنة لا بمنطق القوة.
وأما العاصمة السعودية، الرياض، والتي تسعى إلى زعامة المسلمين السنة في المنطقة فهي تتجاهل حقيقة بينة، وهي أن المملكة صغيرة في كل شيء عدا المساحات الصحراوية الهائلة والبترول الكامن في أعماقها، وتفتقر إلى أسباب الصمود، مثل التعداد السكاني الذي يعادل نصف سكان إيران، والأراضي الفلاحية التي تكاد تكون منعدمة.
وكما ساوت الصحيفة بين إيران والسعودية في كون كلاهما يحملان طموحات غير ممكنة، وكون كلاهما سيكتشف أنه عاجز على تجاوز حدوده الطبيعية، فإنها ساوت بينهما كذلك في الخلاصة بالقول: “بالتأكيد يوجد في كل من الرياض وطهران رجال يملكون من الحكمة ما يكفي كي يدركوا حماقة ما يقومون به”.