يجتمع حلف شمال الأطلسي من أجل اقناع أعضائه بالمساهمة في أكبر حشد عسكري على الحدود الروسية منذ الحرب الباردة، ويهدف وزراء دفاع الحلف إلى الوفاء بوعد قطعه زعماء الحلف في يوليو الماضي، بإرسال قوات إلى دول البلطيق وشرق بولندا اعتبارًا من أوائل العام المقبل.
الولايات المتحدة تقف خلف هذا الحشد
تأمل الولايات المتحدة في الحصول على التزامات من أوروبا بملء أربع مجموعات قتالية بنحو أربعة آلاف عسكري، في إطار رد حلف الأطلسي على ضم روسيا للقرم عام 2014، وهو إبداء للقلق من أن تحاول روسيا تكرار الأمر نفسه في جمهوريات سوفياتية سابقة في القارة الأوروبية.
ويتوقع أن تقوم فرنسا والدانمارك وإيطاليا ودول حليفة أخرى بالتصدي للمطلوب من جانب الولايات المتحدة فيما يتعلق بالمجموعات القتالية الأربع التي تقودها الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وكندا، كي تذهب إلى بولندا وليتوانيا وإستونيا ولاتفيا بجانب قوات تضم أسلحة متنوعة، بدءًا من المشاة المدرعة حتى الطائرات المسيّرة.
وستكون المجموعات القتالية مدعومة بقوة الرد السريع في الحلف البالغ قوامها 40 ألف عسكري، وبقوات متابعة أخرى يمكن أن تنتقل إلى دول البلطيق وبولندا على أساس دوري إن تطلب الأمر، وذلك تأهبًا لأي صراع قد ينشأ، في وقت يتأهب فيه الحلف لخلاف ممتد مع موسكو.
ويقول الأمين العام للحلف ينس ستولتنبيرغ عن هذه الإجراءات إن هذه الالتزامات ستكون “برهانًا واضحًا لرباطنا عبر الأطلسي”.
وفي هذا السياق دعا ستولتنبيرغ موسكو إلى وقف إطلاق النار وممارسة دور فعال في التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية.
رسائل رادعة موجهة لروسيا
وتعد هذه الإستراتيجية بحسب مراقبين جزءًا من قوة ردع وليدة، يمكن أن تضم في النهاية دفاعات صاروخية ودوريات جوية ودفاعات ضد الهجمات الإلكترونية.
يأتي ذلك بينما تتجه حاملة طائرات روسية إلى سوريا في استعراض للقوة أمام سواحل أوروبا، حيث يمكن أن تُستخدَم هذه الحاملة لشن مزيد من الضربات الجوية على المدنيين في مدينة حلب.
صرح بهذا التخوف الأمين العام لحلف شمال الأطلسي بتصريحه منذ أيام إن مجموعة بحرية قتالية روسية يعتقد أنها تتجه إلى سوريا يمكن أن تستغل في استهداف المدنيين في حلب المحاصرة، وقد أوضح ذلك في مؤتمر صحفي أنه قد يتم استخدام هذه القطع البحرية لزيادة قدرات روسيا في القصف، وصرح بأن “الخوف هو استخدام هذه المجموعة لزيادة الضربات الجوية ضد المدنيين في حلب”.
محاولات دفاعية أوروبية حثيثة
كان رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر قد اقترح تشكيل صندوق أوروبي مشترك لتمويل الدفاع وتشكيل قوة عسكرية أوروبية مشتركة يكون دورها مكملا لقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وعبر يونكر عن اعتقاده أن الاتحاد الأوروبي الذي يمثل أكبر كتلة تجارية في العالم لا يزال قوة اقتصادية مهمة وفي تصريحات له أمام المجلس الأوروبي، اعتبر يونكر أن ضعف التعاون العسكري الأوروبي يكلف دول الاتحاد المليارات، مشيرًا إلى أن أمن الحدود الأوروبية يستلزم تبادل المعلومات الاستخبارية بين الدول ويتطلب دورا أكبر للشرطة الأوروبية المعروفة باليوروبول.
وقال يونكر في خطابه السنوي حول حالة الاتحاد “ليس لدينا هيكلية دائمة، وبدون هذا الأمر نحن غير قادرين على العمل بفاعلية، ويجب أن ننشئ مقر قيادة أوروبيا“.
وتابع أمام النواب “لم يعد بإمكاننا الاعتماد على قوة كل من الدول الأعضاء، ومعا يجب أن نتأكد من أننا نحمي مصالحنا”.
وعلى صعيد الناتو رحب الأمين العام لمنظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ بالمساعي الأوروبية لتبني سياسة دفاع مشتركة وسط التحديات الراهنة والمخاوف من روسيا، غير أنه حذر من محاولة إحداث بديل للحلف.
وقال الأمين العام -في مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني في روما- إن اعتماد سياسة دفاع أوروبية قوية سيكون أمرًا جيدًا للاتحاد الأوروبي والناتو، وحث ستولتنبرغ الدول الأوروبية على زيادة إنفاقها العسكري “لأننا نعيش في عالم أكثر خطورة” نتيجة تحديات وتهديدات جديدة “يجب أن نواجهها ونتأقلم معها“.
غير أن ستولتنبرغ نبه إلى ضرورة تجنب إحداث بديل للناتو، مشددًا على أن ما تقوم به أوروبا مكمل لعمل الحلف، وقال إنه مطمئن عقب تصريح وزير الخارجية الإيطالي ومسؤولين أوروبيين آخرين بأن أوروبا ليست بصدد إنشاء بديل للناتو.
وتأتي تصريحات ستولتنبرغ في وقت يجري فيه وزراء دفاع دول الاتحاد الأوروبي مباحثات منذ أشهر من أجل تقوية تعاونهم الدفاعي، ما أغضب بريطانيا التي تعهدت بمعارضة أي مساع لإحداث جيش أوروبي في أعقاب تصويت البريطانيين في يونيو الماضي على الانفصال عن الاتحاد.
وفي موضوع متصل، قال الأمين العام للناتو إن نشر روسيا بالأسابيع الماضية أنظمة صاروخية بالقرب من حدود التحالف يمكنها أن تحمل أسلحة نووية سلوك يثير القلق، مشددًا على استمرار نهج الحلف سياسة دفاعية صارمة إلى جانب الحوار السياسي مع موسكو.