عادت مسألة تدخل رجال الأعمال والسياسيين في القطاع الاعلامي التونسي ومحاولة السيطرة عليه إلى الواجهة، بعد ادعاء أحد رجال الاعمال المتهمين بالفساد، بشراء ذمم كل صحفيي تونس باستثناء واحد فقط. الأمر الذي استنكرته النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين وطالبت على اثره أجهزة الدولة بتطبيق القانون على رجل الاعمال.
شكوى ضد رجل أعمال متهم بالفساد
ومساء الأحد، بث تلفزيون “الحوار التونسي” الخاص، مقابلة ضمن أحد برامجه مع رجل الأعمال شفيق جراية (45 عاما). وقال جراية فيها، إنه اشترى ذمم كل الصحفيين في تونس باستثناء واحد فقط يعمل في احدى القنوات الخاصة. ويتهم صحفيون تونسيون شفيق جراية بالفساد ومحاولة السيطرة على الاعلام وتوجيهه لصالحه الخاص. وقدّم عدد منهم، اليوم الجمعة بقرابة 100 شكاية، لدى المحكمة الابتدائية بالعاصمة تونس، ضد جراية، بتهمة الثلب.
أعربت النقابة عن “استغرابها من الحصانة التي يتمتع بها المدعو جراية من قبل كل أجهزة الدولة
و سبق للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين أن اعتبرت في بيان لها تصريح رجل الأعمال شفيق جراية بأنه “اعتراف صريح باقتراف جريمة الرشوة والفساد المالي” مطالبة السلطات بـ”إحالته إلى القضاء من أجل جرائم الرشوة والفساد المالي اللذين اعترف بها صراحة” و”المس من سمعة الصحافة وضرب ثقة الجمهور فيها”. وأعربت النقابة عن “استغرابها من الحصانة التي يتمتع بها المدعو جراية من قبل كل أجهزة الدولة وخاصّة وزارة العدل ووكالة الجمهورية (النيابة العامة)”.
وذكرت بانها “تقدمت بشكاية لوزير العدل السابق بتاريخ 8 تموز/يوليو 2015 ضد المدعو شفيق جراية لاقترافه مجموعة من الجرائم أخطرها التحريض على قتل الصحافيين والفساد المالي، وقد بقيت هذه الشكاية دون متابعة إلى حدّ اللحظة”.وأعلنت النيابة العامة التونسية الثلاثاء فتح تحقيق حول رجل أعمال تونسي، بعدما صرح لتلفزيون محلي انه اشترى ذمم “كل” الصحافيين في تونس باستثناء واحد فقط.
اتهامات لرجال أعمال وسياسيين بمحاولة السيطرة على القطاع
ومافتئت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين تؤكّد أن لوبيات المال الفاسد أصبحت تمثل التهديد الأخطر على حرية التعبير والصحافة في ظلّ ” صمت الحكومات المتعاقبة وتواطؤ صريح من النيابة العمومية”.
ويسعى الصحفيون التونسيون إلى فتح تحقيق كامل وجدي في الفساد الموجود في القطاع الاعلامي وتدخل رجال الاعمال والسياسة في قطاعهم. ويحاول عديد الاطراف في تونس خاصة رجال الاعمال والسياسة السيطرة على المؤسسات الاعلامية وتوجيهها لخدمة مصالحهم في غياب الرقابة الكافية.
يمنع القانون التونسي أعضاء الأحزاب السياسية من إدارة أو تملّك الإذاعات والتلفزيونات الخاصة.
ويتكون المشهد الإعلامي التونسي الحالي من 14 قناة تلفزيونية، منها قناتان رسميتان، وقناة “الزيتونة ” التي تبث بشكل غير قانوني، وقناتي نسمة والتاسعة (يمتلكهما مقربون من حركة نداء تونس) و42 محطة إذاعية (عود ملكية أبرزها لرجال أعمال تونسيين )، عشرة منها رسمية، و50 صحيفة ورقية، و50 موقعاً إخبارياً مصنفاً، ووكالة الأنباء الرسمية.
ومن ضمن المواقع الإلكترونية والصحف الورقية، نجد صحيفة “الحصاد” وموقعها التي يملكها ويتولى إدارتها مبروك كورشيد وزير أملاك الدولة في الحكومة الحالية، الذي يملك توجهاً سياسياً قومياً. وموقع الجريدة لصاحبه مستشار الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، نورالدين بن تيشه.
وقررت الهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي البصري في تونس مطلع الاسبوع إيقاف إجراءات التسوية المتعلقة بحصول إذاعة كلمة أف أم على الإجازة وإمضاء الاتفاقية و الاذن للديوان الوطني للإرسال الإذاعي والتلفزي بالتوقف عن إسداء خدمات الإرسال للإذاعة بسبب الخروقات القانونيّة الجسيمة فيها والشبهات المتعلقة بملكيتها واستقلاليتها. ويمنع القانون التونسي أعضاء الأحزاب السياسية من إدارة أو تملّك الإذاعات والتلفزيونات الخاصة.
وتصدرت تونس، السنة الماضية، قائمة الدّول العربيّة في التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي تصدره مراسلون بلا حدود سنويا .ويلي تونس في التصنيف، لبنان (المرتبة 98) و الكويت (المرتبة 103).