هل سيمتنع جيل الألفية الحديثة عن تباع الثقافة الاستهلاكية الغير محدودة التي كان يتبعها من قبله من أجيال؟، ربما يعد هذا سبب من أسباب الفجوة ما بين الأجيال المختلفة، حيث لا يريد جيل الألفية الحديثة أن يتبع أسلوب الحياة ذاته، لا يرغب في إفناء عمره في العمل لشراء منزله الخاص به، أو سيارة حديثة، كما لا يحب الاستمرارية، لا في مكان عمل واحد، أو في مكان معيشة واحد، ربما لن يكون هناك زبائن من جيل الألفية الحديثة لشراء المنازل بعد الآن في المستقبل القريب، فكيف يمكن أن يكون مستقبل التجارة مع هذا الجيل الموّفر؟
يصف العديد من خبراء العلوم الإنسانية جيل الألفية الحديثة بالجيل الموّفر، فعلى الرغم من تميّز جيل الألفية الحديثة بضعف القدرة الشرائية التي كان يتميز بها آباؤهم، وقدرتهم على جني المال بسرعة أكبر من قدرة آبائهم على ذلك، إلا أنه مازال يصفه الخبراء بالجيل الموّفر، وذلك لأن هذا الجيل لن يقوم بإنفاق المال على الأمور التالية بحلول عام 2020
لن يكون هناك داع للتلفاز بعد الآن
لن يقوم جيل الألفية الحديثة بالاهتمام بشراء تلفاز في منازلهم فيما بعد، حيث يعمدون إلى استثمار ثمن التلفاز في الهواتف الذكية وإجهزة الكمبيوتر أو التابلت، حيث يعتمد هذا الجيل على تلقي معلوماته أو مشاهدة الأخبار من الإنترنت أكثر من التلفزيون، فبعد أن أصبح كل شيء متاح على أجهزة الهواتف المحمولة صغيرة الحجم وسهلة التنقل في أي مكان، لم يعد التلفزيون يثير اهتمام جيل الألفية الحديثة فيما بعد.
الدراجة أو المشي أو المواصلات العامة هي وسائل النقل القادمة فقط
لوحظ انخفاض إقبال شباب الجيل الألفية الحديثة على شراء السيارات الخاصة، الأغلبية يميل إلى التأجير عند الحاجة لمدة أيام معدودة، كما يميل الأكثرية لاستخدام المواصلات العامة، وذلك لأنها أرخص ثمنًا من شراء سيارة، و وسيلة نقل أسرع من السيارة إٌن تم استخدام وسائل النقل النهرية أو المترو أو القطارات.
لن يشتري الشباب المنازل بعد الآن
من الممكن أن تنخفض نسب شرائح الشباب التي تميل لشراء المنازل المستقلة بهم، فأهم ما يميز هذا الجيل هو عدم حب الاستقرار، والتنقل الدائم ما بين المدن المختلفة، بل والبلاد المختلفة كذلك، ولا يحبذون الاستمرار في أداء نفس المهمة في العمل لسنوات متعددة، ويميلون إلى التنقل الدائم بين الوظائف المختلفة ما دامت تلائم مؤهلاته، كما يميل هذا الجيل إلى تفضيل العمل عن بعد معظم الوقت، لذلك يفضل الانتقال دومًا، وعدم الامتلاكية معظم الوقت، لذلك سيميل الجيل الحديث إلى التأجير بشكل أكبر، وامتلاك إثاث بعدد أقل يكفي الحاجة فقط.
لن ينفق جيل ما بعد الحداثة على حفلات الزفاف بعد الآن
اعتادت الأجيال السابقة على إعطاء حفلات الزفاف أهمية ضخمة باعتباره حدثًا شديد الأهمية في حياتهم ولا يتكرر، لذا يجب أن يحتفلوا به حق الاحتفال، إلا أن جيل ما بعد الحداثة لا يفكر بمثل تلك المنهاجية، فيميلون إلى الاحتفالات البسيطة بحفلات الزفاف، حيث لا يعطونها حجمًا أكبر من حجمها.
هل يمكن التربح من جيل بهذا المواصفات؟
هذا التفكير هو ما جعل رجل الأعمال الهندي “فلورانسو” يجني ما يقارب الـ 30 مليون دولار زيادة على رأس ماله الاستثماري، حيث استغل فكرة البساطة التي يتبعها جيل ما بعد الحداثة، من عدم ميلهم لامتلاك الأثاث الخاص بهم، وتنقلهم المستمر من منزل إلى آخر بسبب ظروف عملهم المختلفة، في تكوين بداية لمشروع تجاري في إقراض أثاث المنزل للشباب، فبدلًا من بيعه تمامًا وهو ما سيكون أعلى في السعر من الشراء، فسيعمل على عملية متبادلة في شراء المستعمل من الأثاث ليقرضه إلى من يحتاجه لفترة معينة.
يعمل “فلورانسو” مع فريق مكون من 15 من المصممين يقومومون على تعديل ما يمكن تبديله من الأثاث بقطع جديدة ليكون في حالة قابلة للاستخدام من جديد، يقول “فلورانسو” في التقرير الذي نشره موقع كوارتز بأن ما يقوم بتقديمه من خدمات يلائم فكر التبسطيين الحالي الذي يتبعه جيل ما بعد الحداثة، حيث يقول بأنه لا يقوم هذا الجيل بالتأجير لانه يحتاج دومًا للتأجير، بل لأنه يريد التأجير لأن هذا ملائم لتنقله المستمر.
يقوم الباحثين الاقتصاديين الأمريكان بتسمية جيل ما بعد الحداثة باسم “اللامالكين” وذلك لنفورهم من امتلاك المنازل والسيارات، إلا أنهم ليسوا موفرين كثيرًا، حيث يميلون إلى الاستثمار في بدائل أخرى تلائم أساليب حياتهم السريعة، مثل الهواتف المحمولة أو استثماره في السفر حول العالم.
يقول “فلارنسو” أن هذا التغير ما بين الأجيال لا يعود سببه إلى الأزمات الاقتصادية فقط، على الرغم من أن لذلك تأثير رئيسي في تحول التفكير الاقتصادي لجيل ما بعد الحداثة، إلا أنه تفكير في طبيعة البشر كذلك، وتطور الوعي البشري بما حولهم، في كيفية استغلالهم الجيد لمصادرهم الاقتصادية، واستبدال ثقافة الملكية بثقافة الملكية المؤقتة.