يحيي أمازيغ الجزائر يوم الثاني عشر من أول شهور السنة احتفالاً بموافقة هذا اليوم للثاني عشر من يناير من عام 2964 وفق التقويم الأمازيغي الذي يعود إلى عام 950 قبل ميلاد عيسى ابن مريم عليه السلام حيث يبدأ من يوم 13 يناير إلا أن الاحتفال يبدأ من مساء 12 يناير.
عيد الأمازيغ هذا والذي لا تعترف السلطات الجزائرية بعد به، من المقرر إقامة الإحتفالات به في مدينة قسنطينة – والتي تبعد 400 كلم شرق العاصمة – ووهي مدينة يسكنها عدد لا بأس به من الأمازيغ منذ مئات السنين، حيث لا زالوا بانتظار أن يرسّم كعيد وطني ويحصل الأمازيغ على عطلة مدفوعة الأجر كباقي الأعياد.
الروايات المتضاربة عن أصول الإحتفال بهذه المناسبة تجتمع في اثنتين، الأولى تقول بأن “يناير” يرمز للاحتفال بالأرض والفلاحة تفاؤلا بعام خير وغلّة وفيرة على الفلاحين وعلى الناس عموما، أما الرواية الثانية فتقول أنه اليوم الذي انتصر فيه الملك الأمازيغي “شاشناق” على الفرعون المصري “رمسيس الثاني” في مصر.
الأمازيغ الذين يهنؤون بعضهم البعض صبيحة السنة الجديدة بعبارة أمازيغية تقول: “أسوقاز أمقاز” والتي تعني “عاما سعيدا”، يتفق أغلبهم في الجزائر على إحياء المناسبة بطبق “الكسكس” الشعبي المُعدّ بلحم الديك الرومي وبكل ما تنتجه الأرض من خضر، ويحرصون أشد الحرص على أن يكون الطبق ثريا بالخضروات من البطاطا والخردل والجزر والكوسة، طلباً للتفاؤل كما يعتقدون.
الأمازيغ في المناطق المنتشرة في عرض الجزائر يحتفلون بطريقة وأطباق من الطعام مختلفة، ففي منطقة القبائل – وتبعد 200 كلم عن العاصمة – والتي تعتبر معقل أمازيغ الجزائر يحيون رأس السنة بذبح ديك عن الرجال ودجاجة عن النساء وديك عن الحامل في ما يعتبروه واقياً من العين والحسد، وتخرج العائلات إلى الحقول “للتبرك” بالطبيعةحيث يكون فصل الشتاء في عنفوانه، أما في مناطق بوسعادة والمسيلة والجلفة – جنوب شرق البلاد – فيحتفلون بأكل “الشرشم” التي تعدّ من الحبوب الجافة والذي يعني تناول هذه الحبوب في طبق واحد التفاؤل بعام وفير الغلة.
وفي منطقة تيارت – والتي تبعد 350 كيلو متراً غرب العاصمة – يحتفل الناس بطبق “المدلول”، أما في شرق البلاد فيقوم الأمازيغ كل 12 من يناير باستبدال أثاث منازلهم في الصبيحة، ويصبغون جدران البيت، ويُعدّ طبق ”الشخشوخة” بهذه المناسبة، وتجتمع العائلة ليلا لتستمع إلى حكايات قديمة تقصها العجائز، تتعلق بأمجاد الأجداد.
وتقول سلمى، وهي من جيجل شرق الجزائر العاصمة، بأن الأكلة المفضلة في المنطقة هي “العيش”، وهو طبق من العجين الصغير المكوّر في شكل حبيبات صغيرة يُطبخ بالمرق والخُضرة ، بينما يعطى الأطفال صحونا صغيرا فيها لبن تيمّنا بأن تكون أيامهم بيضاء صافية كاللبن.
أما الجزائر العاصمة فالاحتفال يعتبر فرصة لتجمع الأسر حول مائدة واحدة، حيث تحيي العائلات تقاليدها الخاصة بهذه المناسبة بتحضير طبقي ”الرشتة” وهو طبق من العجائن مغموسة في المرق و”الكسكسي، إلى جانب ”الدراز” وهو مجموعة من المكسرات والحلويات التي ترمى على أصغر فرد من العائلة، حيث يوضع الطفل في قصعة وتنثر عليه، ويَعتقد أصحاب هذا التقليد أنه يجلب الحظ السعيد للطفل ويجعل أيامه حلوة وسعيدة.
ويحرص الجزائريون الأمازيغ عموما على إحياء هذا العيد شعبيا، غير مبالين بعدم اعتراف السلطات به، لأن الأهم عندهم هو إحياء العيد “وفاء” للاجداد ولتاريخ وطنهم.