إذا كانت جائزة “نوبل” هي أرفع تكريمٍ يمكن أن يحصل عليه العلماء والأدباء، وجائزة “الأوسكار” هي أرفع الجوائز السّنويّة في عالم السينما، فإن جائزة “الكرة الذهبيّة”، أو “Ballon d’Or“، هي أسمى ما يطمح إليه لاعبو الكرة من جوائز فرديّة، فهي بحقٍّ “نوبل” أو “أوسكار” كرة القدم!
وفي مقالنا التالي، سنلقي الضوء على ماهيّة هذه الجائزة الثمينة، ونشأتها وتاريخها، وأبرز النجوم الفائزين بها عبر تاريخها الذي يمتدّ لأكثر من 60 عامًا، قبل أن نتعرّف بإسهابٍ على قائمة المرشّحين ال30، للمنافسة على جائزة الكرة الذّهبيّة لهذا العام، والتي تتضمّن اسم لاعبٍ عربيٍّ واحد.
الهولندي يوهان كرويف: أوّل من حمل الكرة الذّهبيّة 3 مرّات
لم يخطر ببال الصحفيّ الفرنسي غابرييل هانو، أن تغدو فكرته التي طرحها عام 1955 بهذه الأهميّة! حيث اقترح حينها على مجلّة “فرانس فوتبول” الفرنسيّة المتخصّصة، منح جائزةٍ سنويّةٍ لأفضل لاعب كرة قدمٍ في القارّة الأوروبيّة، فما كان من القائمين على المجلّة الفرنسيّة إلّا أن تبنّوا الفكرة، وشرعوا بتنفيذها في العام التالي، بإجرائهم تصويتًا اقتصر على صحفيي المجلّة ومراسليها، من أجل اختيار الفائز بالجائزة، التي استقروا على تسميتها بجائزة “الكرة الذّهبية”، وتصميمها على شكل كرة قدمٍ مطليّةٍ بالذّهب الخالص، وقد نال الإنجليزي ستانلي ماتيوز شرف حمل أوّل كرةٍ ذهبيّةٍ في التاريخ عام 1956.
واستمرّت مجلّة فرانس فوتبول بتقديم جائزتها السّنويّة، التي تحوّلت إلى حدثٍ موسميٍّ منتظرٍ، شهد تتويج العديد من نجوم عصرهم، كالإسباني –آرجنتيني الأصل- ألفريدو دي ستيفانو عاميّ 1957 و1959، والفرنسي رايمون كوبا عام 1958، والإسباني لويس سواريز ميرامونتيس عام 1960، وحارس المرمى السوفييتي ليف ياشين عام 1963، والذي كان أوّل وآخر حارس مرمىً يتوّج بالكرة الذهبيّة عبر تاريخها.
وشهدت فترة الستينيّات تتويج العديد من أساطير الكرة بالجائزة، كالبرتغالي أوزيبيو عام 1965، والإنجليزي بوبي تشارلتون عام 1966، والإيطاليّ جياني ريفيرا عام 1969، والألماني جيرد موللر عام 1970، قبل أن يحين موعد تألّق الأسطورة الهولنديّة يوهان كرويف، الذي أصبح أوّل من يحمل الكرة الذّهبيّة 3 مرّات، بفوزه بها أعوام: 1971 و1973 و1974، وسط منافسةٍ حاضرةٍ من نجوم عصره، كالقيصر الألمانيّ فرانس بيكينباور، الذي فاز بالجائزة عاميّ 1972 و1976، والثعلب الإنجليزي كيغن كيغان الفائز بالجائزة عاميّ 1978 و1979.
حاملو الكرة الذهبيّة منذ عام 1998 وحتى الآن
وشهد مطلع الثمانينيات سيطرة الفرنسي ميشيل بلاتيني على الجائزة، بفوزه بها 3 أعوامٍ متتالية، بين 1983 و1985، قبل أن يكرّر إنجازه الهولندي ماركو فان باستن، بفوزه بالكرة الذهبيّة أعوام: 1988 و1989 و1992، واعتبارًا من عام 1995 أصبح بإمكان أيّ لاعبٍ الفوز بجائزة الكرة الذهبيّة، بغضّ النّظر عن جنسيّته، بعد أن قامت فرانس فوتبول بإلغاء الشّروط التي تقصر الفوز بها على اللاعبين الأوروبيين، تلك الشّروط التي حرمت أساطير كرويّة، كبيليه ومارادونا وغارينشيا وزيكو، من الفوز بالجائزة عبر تاريخها، وقد استفاد الليبيري جورج وياه من هذا التغيير، ليصبح أوّل لاعبٍ غير أوروبيٍّ يتوّج بالكرة الذّهبيّة عام 1995.
وظهر اسم الفرنسي –جزائريّ الأصل- زين الدّين زيدان في سجلّ حاملي الكرة الذّهبيّة، بفوزه بها عام 1998 بعد نجاحه في قيادة منتخب فرنسا للفوز بكأس العالم، وهو ما نجح فيه الظاهرة البرازيليّة رونالدو عام 2002، ليتوّج بالجائزة للمرّة الثانية في تاريخه بعد عام 1997، كما نجح مواطنوه ريفالدو ورونالدينيو وكاكا في الفوز بالكرة الذّهبيّة أعوام 1999 و2005 و2007، قبل أن يحين موعد تألّق الأسطورتين كريستيانو رونالدو وليو ميسي، الذين سيطرا على الجائزة على مدى سنواتها ال8 الأخيرة، ففاز البرتغالي بها 3 مرّاتٍ أعوام: 2008 و2013 و2014، بينما حملها الآرجنتيني 5 مرّاتٍ، منها 4 متتاليةً بين 2009 و2012، فيما كانت المرّة الخامسة العام الماضي، عندما توّج البرغوث الآرجنتيني بالكرة الذّهبيّة، على حساب غريمه كريستيانو رونالدو، وزميله في برشلونة نيمار.
مرشّحو القائمة النهائيّة لجائزة العام الماضي
ولابدّ هنا من الإشارة إلى التغيير الذي طال الجائزة عام 2010، حين تمّ دمجها مع جائزة “لاعب العام” المقدّمة من قبل منظّمة الفيفا، مع إحداث تغييراتٍ جذريّةٍ على قواعدها، بحيث أصبح التصويت يشمل قادة ومدرّبي المنتخبات الوطنيّة، إضافةً إلى تصويت صحفيي فرانس فوتبول، ولكنّ هذه الشّراكة لم تعمّر طويلًا، حيث تمّ فسخها هذا العام، وعادت الجائزة إلى حضن فرانس فوتبول، التي أعادت نظام التصويت القديم المقصور على صحفييها ومراسليها حول العالم، ورفعت عدد المرشّحين إلى 30 بدلًا من 23 كما في النسخ ال6 السابقة، إضافةً إلى إلغاء نظام القائمة المختصرة الذي يضمّ 3 مرشّحين، حيث سيتمّ الإعلان عن الفائز مباشرةً، يوم 13 ديسمبر 2016.
:النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو أبرز المرشّحين لجائزة العام الحالي
وبالنّظر إلى قائمة المرشّحين ال30، نجد أن 6 منهم يلعبون لنادي ريال مدريد الإسباني بطل دوري أبطال أوروبّا، وفي مقدّمتهم النجم البرتغالي الشّهير كريستيانو رونالدو، الذي يعتبر المرشّح الأوفر حظًّا للتتويج بالكرة الذّهبيّة للمرّة الرابعة في تاريخه، نظرًا لإحرازه لقب بطولة أمم أوروبّا مع منتخبه البرتغالي، إضافةً إلى لقب هدّاف دوري الأبطال مع ناديه الملكي، وإلى جانب رونالدو هناك النجم الويلزي غاريث بيل، الذي قاد منتخبه الويلزي إلى نصف نهائيّ اليورو، وثنائي خطّ الوسط الملكيّ المكوّن من: الكرواتي لوكا مودريتش، والألماني توني كروس، إضافةً إلى الثنائيّ الدفاعيّ المكوّن من: الإسباني سيرخيو راموس، والبرتغاليّ بيبي، شريك رونالدو في إنجاز المنتخب البرتغالي.
ومن الغريم التقليديّ برشلونة تواجد 4 مرشّحين، نجحوا في قيادته لتحقيق ثنائيّة الدّوري والكأس المحليّة، أبرزهم أسطورة عصره الآرجنتيني ليو ميسي، الذي كان على أعتاب إنجازٍ تاريخيٍّ مع منتخبه الآرجنتيني، لولا خسارته نهائيّ بطولة كوبا أمريكا أمام المنتخب التشيلي، وتواجد معه شريكاه في مثلّث الرعب الهجوميّ للبارسا وهما: الفنّان البرازيلي نيمار، الذي قاد منتخبه البرازيلي لإحراز ذهبيّة أولمبياد ريو، والهدّاف الأورغواني لويس سواريز، الذي توّج مؤخّرًا بجائزة الحذاء الذّهبي كأفضل هدّافٍ في البطولات الأوروبيّة، كما شهدت القائمة تواجدًا معتادًا لاسم قائد برشلونة المخضرم أندريس إنييستا.
وكان لنجوم نادي أتلتيكو مدريد، الذي بلغ نهائيّ دوري أبطال أوروبّا، حضورٌ جيّدٌ في القائمة، بتواجد 3 لاعبين، أبرزهم المهاجم الفرنسيّ الممتاز أنتون غريزمان، الذي يُعدّ أحد المرشّحين لإحراز مركزٍ متقدّم، وخاصّةً بعد اختياره كأفضل لاعبٍ في الليغا عن الموسم الماضي، ومعه لاعب الوسط الإسبانيّ الشّاب خورخي كوكي، وصخرة الدّفاع الأورغوانيّ المخضرم دييغو غودين.
النجم الجزائريّ رياض محرز متوّجًا بجائزة أفضل لاعبٍ في البريمير ليغ للموسم الماضي
وبالتحوّل إلى إنجلترا، نجد اسم نجم ليستر سيتي الجزائريّ الرائع رياض محرز، حاضرًا بقوّةٍ في قائمة المرشّحين، وهو الذي قاد فريقه للتتويج بلقب البريمير ليغ للمرّة الأولى في تاريخه، فضلًا عن تتويجه بجائزة لاعب الموسم في إنجلترا، وإلى جانب رياض يتواجد اسم شريكه الهجوميّ في ليستر، الإنجليزي جيمي فاردي، كما يبرز اسما ثنائيّ مانشستر سيتي المبدع المكوّن من: البلجيكي كيفن دي بروين والآرجنتيني سيرخيو أغويرو، إضافةً لحارس توتنهام الفرنسيّ هوغو لوريس، وزميله المتألّق في المنتخب الفرنسيّ ديمتريّ باييت، الذي يلعب لنادي ويستهام يونايتد، أمّا نادي الشياطين الحمر مانشستر يونايتد، فسيكون ممثّلًا بلاعبَين انضمّا إلى صفوفه مطلع الموسم، أوّلهما الفرنسي بول بوجبا، القادم من يوفنتوس الإيطاليّ بأغلى صفقةٍ في تاريخ الكرة، وثانيهما المهاجم السويدي المخضرم زلاتان إبراهيموفيتش، الذي جاء من نادي باريس سان جيرمان الفرنسي، بعد أن أحرز معه 4 ألقابٍ محلّية.
الآرجنتيني غونزالو هيغواين أبرز مرشّحي الدّوري الإيطالي
وكعادته، استحوذ نادي بايرن ميونيخ، بطل الدّوري والكأس الألمانيين، على حصّة الأسد من مرشّحي البوندسليغا، بتواجد 4 لاعبين من صفوفه، أبرزهم الحارس الألمانيّ العملاق مانويل نوير، ولاعب الوسط التشيليّ القويّ أرتورو فيدال، المتوّج بلقب كوبا أمريكا مع منتخبه التشيلي، وثنائيّ الهجوم البافاري المكوّن من: الألماني توماس موللر، والبولندي روبرت ليفاندوفسكي، هدّاف البوندسليغا الموسم الماضي، فيما كان مهاجم بروشيا دورتموند، الجابوني بيير إيمريك أوباميانج، هو ممثّل إفريقيا الوحيد في قائمة الكرة الذّهبيّة لهذا العام.
ومن الدّوري الإيطاليّ تمّ ترشيح 3 لاعبين، جميعهم من نادي السيّدة العجوز يوفنتوس، بطل الدّوري والكأس في إيطاليا، أبرزهم الحارس الأسطوريّ جيانلويجي بوفون، أكبر مرشّحي هذا العام سنًّا، والذي لم تزده سنيّ عمره ال38 إلّا شباباً وتألّقًا، والمهاجم الآرجنتيني الشّاب باولو ديبالا، أصغر المرشّحين سنًّا، بعمر 22 عامًا، ومواطنه الهدّاف غونزالو هيغواين، الذي أحرز لقب هدّاف الكالتشيو مع نابولي، قبل قدومه إلى يوفنتوس الصيف الماضي.
جانبٌ من حفل الكرة الذّهبيّة عام 2014 والذي شهد تتويج كريستيانو رونالدو بالجائزة
ويتبقّى اسم المرشّح الأخير في القائمة، وهو حارس مرمى سبورتينغ لشبونة البرتغالي روي باتريسيو، والذي تمّ ترشيحه بناءً على المستويات المميّزة التي قدّمها مع منتخبه البرتغالي المتوّج ببطولة اليورو الماضية، والتي قد يكون لها كلمة الفصل في تفضيل ملف ترشيح النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، الذي يبدو الأكثر تكاملًا من الناحيتين الفرديّة والجّماعيّة، مع منافسةٍ متوقّعةٍ من الأسطورة ليو ميسي والفرنسي أنتون غريزمان، فيما ننتظر نحن العرب معرفة نتيجة مرشّحنا الجزائريّ رياض محرز، والذي تشير التوقّعات إلى إمكانيّة احتلاله مركزًا متقدّمًا، يتراوح بين الثالث والخامس.