ترجمة وتحرير نون بوست
تُثبت الهجمات الصاروخية الأخيرة للمتمردين الحوثيين اليمنيين، بمساعدة من حرس الثورة الإسلامية وحزب الله، استخدام إيران للحوثيين بغاية تعزيز أجندتها السياسية، لكن الحوثيين اليمنيين أنكروا تورطهم في أية هجمات صاروخية، ومع ذلك، فإنه من المؤكد أن هذه الهجمات لم تنفذ من قبل “رعاة الإبل”، ومن المؤكد أيضًا أن الحوثيين لن يقوموا بأي هجوم ضد القوات البحرية الأمريكية دون أمر من إيران، التي فشلت في احترام بنود اتفاق الأسلحة النووية التي عقدته مع إدارة أوباما، لكن في الحقيقة لا يوجد أي اتفاق، وذلك لأنه لم يتم توقيع أية وثيقة.
ومع الدعم الروسي لسوريا، فإن إيران تعتقد أن بإمكانها تحدي الولايات المتحدة، كما أن إيران أصبح بإمكانها تعزيز نفوذها كأهم دولة راعية للإرهاب وهو ما نشهده الآن في اليمن، وقد تعزز نفوذ إيران بعد أن تم تخفيف العقوبات ضدها بمقدار 150 مليار دولار، بالإضافة إلى حصولها على مبلغ 33 مليار دولار من العملة الصعبة، إلا أن هذا النفوذ، بالإضافة إلى استخدام إيران للحوثيين، أدى إلى مقتل عدد كبير من الأمريكيين، لكن، لحسن الحظ، أن إيران فشلت هذه المرة.
ومن الواضح أن إيران تريد أن تفرض سيطرتها على مضيق باب المندب الذي يصل البحر الأحمر بخليج عدن وبحر العرب، فذلك من شأنه أن يمكنها من السيطرة على قناة السويس، وبما أن 10% من الشحن البحري العالمي يمر عبر هذا المضيق بصفة يومية، فإن سيطرة إيران عليه بالإضافة إلى سيطرتها على مضيق هرمز، سيمنحها فرصة التحكم في جميع شحنات النفط العربية، فضلاً عن السيطرة على الملاحة الإسرائيلية الصادرة من ميناء إيلات في البحر الأحمر والمتوجهة إليه.
تم مؤخرًا، مع مساعدة كل من الحرس الثوري وحزب الله، إرساء موقعي رادار خارج اثنين من الموانئ اليمنية الرئيسية في البحر الأحمر وذلك في المخا والحديدة، ولا زال هذين الموقعين تحت سيطرة الحوثيين الذين يستعملون أسلحة وصواريخ يوفرها حزب الله والحرس الثوري، أما الصواريخ التي تُستعمل، فهي نسخ متطورة من الصاروخ الصيني طراز “سي ـ 802” المضاد للسفن، كما ينبغي أن نتذكر أنه في 14 يوليو/ تموز من سنة 2006، أطلق حزب الله صاروخًا من نفس الطراز ضد سفينة الصواريخ الإسرائيلية “إن أن آس حانيت” وألحق بها أضرارًا جسيمة.
وعلى الرغم من تأكيد إيران على عدم تقديمها لأية أسلحة، إلا أن الحوثيين تسلموا الأسبوع الماضي، أي قبل الهجمات الصاروخية، أكبر شحنة من الأسلحة الإيرانية حتى الآن، ومن الواضح أن هذه الشحنة، التي لم يتم كشفها من قبل أجهزة المخابرات الأمريكية، شملت صواريخ من طراز “سكود دي” يبلغ مداها 800 كيلومتر، هذا بالإضافة إلى الصواريخ الصينية من طراز “سي ـ 802” المضادة للسفن.
وقد تم تسليم صواريخ “السكود دي” إلى الحدود الشمالية لكي يتم استخدامها ضد المملكة العربية السعودية، أما الصواريخ المضادة للسفن فقد تم تسليمها لحركة أنصار الله الموالية للحوثيين والتي تقع تحت السيطرة المباشرة للحرس الثوري الإيراني.
وفي يوم 9 تشرين الأول/ أكتوبر، أطلق الحوثيون، بمساعدة من إيران، صواريخ “سكود دي” على مدينة الطائف السعودية والتي تبعد حوالي 700 من الحدود اليمنية، والأهم من ذلك، فإن مدينة الطائف تبعد 70 كيلومترًا فقط على مكة المكرمة، وبذلك، أصبحت الرسالة الموجهة للسعوديين واضحة: تريد إيران أن تتحدى قدرة السعودية على السيطرة على أكثر المواقع الإسلامية المقدسة.
إن المسافة الفاصلة بين إفريقيا والسعودية عبر البحر الأبيض لا تتعدى 62 كيلومترًا، وبذلك، فإن كل عمليات الشحن أصبحت مهددة، خاصة مع تواتر شحنات الصواريخ الموجهة إلى إيران، هذا بالإضافة إلى أن الحوثيين فرضوا سيطرتهم على جزيرة بريم وهي جزيرة بركانية في مدخل مضيق باب المندب، تتبع الجمهورية اليمنية، وبما أن السفن تمر على بعد 20 كيلومترًا فقط من هذه الجزيرة، فإنها أصبحت بمثابة تهديد لكل السفن طالما أنها تحت سيطرة الحوثيين والإيرانيين.
لكن السؤال الذي يطرح هنا هو كيف تطورت الولايات المتحدة في الحرب الطائفية بين الشيعة والسنة؟ باختصار، في أواخر سنة 2014، استولت قوات الحوثيين الشيعة على العاصمة اليمنية صنعاء، وقاتل الحوثيون ضد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا والتي يمثلها رئيس سني وهو عبد ربه منصور، ثم، في شهر آذار/ مارس سنة 2015، قادت السعودية حملة للتصدي للحوثيين.
أما الرئيس أوباما فقد وافق على دعم الجهود السعودية وذلك في محاولة للحصول على دعم السعودية فيما يتعلق بالاتفاق النووي، كما وافقت الولايات المتحدة على توفير معلومات استخباراتية وتزويد الطائرات بالوقود وتقديم بعض الأسلحة، والجدير بالذكر أن الهجوم الصاروخي ضد القوات الأمريكية في المنطقة المجاورة لمضيق باب المندب هو مظهر آخر من مظاهر معاداة إيران للولايات المتحدة وعدم احترامها للمعايير الدولة.
بينما نجح الحوثيون في استهداف سفينة حربية إماراتية يوم 1 تشرين الأول/ أكتوبر، كان هجومهم ضد “يو إس إس ميسون” فاشلاً، وعلى الرغم من أن البحرية الأمريكية استغرقت 4 أيام، إلا أنها نجحت في تدمير ثلاثة مواقع رادار إيرانية، الأمر الذي وضع حدًا للتهديد الذي كان موجهًا ضد سفن الشحن، ويعتبر هذا الهجوم ردًا بسيطًا، ومن المؤكد أنه سيكون هناك هجومات أخرى من قبل إيران، خاصة وأن الصواريخ من طراز “سي ـ 802” يمكن إطلاقها بدون رادار.
عندما تهاجم السفن التابعة لقوات البحرية الأمريكية، يجب أن يكون رد واشنطن ساحقًا، وكان من الأفضل لو وجهت الولايات المتحدة هجماتها ضد مواقع أخرى إلى جانب مواقع الرادار، مثل مواقع تخزين الذخيرة ومواقع إطلاق الصواريخ، كما كان على الولايات المتحدة تدمير كل المنشآت الإيرانية، وينبغي أيضًا تدمير شبكات المرافق الكهربائية التي توفر الطاقة للمتمردين الحوثيين وللقوات الإيرانية، ويجب التعامل مع سيطرة الحوثيين على جزيرة بريم.
المصدر: صحيفة واشنطن تايمز