لم يكن صباح يوم الثاني عشر من اغسطس عام 1976 يوماً عادياً في تاريخ القضية الفلسطينية، في هذا التاريخ كان جيش النظام السوري وميليشيا اليمين المتطرف اللبناني تقوم بإبادة جماعية بحق سكان مخيم تل الزعتر للاجئين الفلسطينين في بيروت، بعد أن تم قطع الماء والكهرباء والطعام عن المخيم قبل اقتحامه ولمدة زادت عن 52 يومًا، تعرض خلالها الأهالي لقصف مكثف وعنيف حيث تم احصاء 55 الف قذيفة مدفعية القيت على المخيم وهو تحت الحصار، ومنع الصليب الأحمر من دخوله واجلاء الجرحى والقتلى وتقديم العون الاغاثي لالاف الاطفال والنساء والعجائز المحاصرين داخله، حتى وصل الحال لمطالبة الأهالي بفتوى تبيحُ أكلَ جثثِ القتلى كي لا يموتوا جوعاً !
واليوم تستمر معاناة الشعب الفلسطيني مع نظام الممانعة في سوريا وخاصة في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينين جنوب دمشق، حيث يتعرضون لمأساة حقيقية تتمثل بعمليات القتل والاستهداف والتشريد والجوع والبرد والحصار وباتوا في ظروف إنسانية بالغة الصعوبة.
اليوم يحاصر مخيم اليرموك جيش نظام الممانعة مع ميليشيا التطرف في العراق ولبنان متمثلة بحزب الله ومقاتلي لواء ابو الفضل العباس وعصائب أهل الحق الشيعية العراقية بالإضافة الى مقاتلي الجبهة الشعبية القيادة العامة الفلسطينية، وما اشبه اليوم بالأمس فقد مُنعت الأمم المتحدة عبر مؤسساتها الإنسانية من إدخال المساعدات لآلاف اللاجئين بالمخيم، في وقت تتحدث فيه الأنباء عن وفاة 15 شخصا جوعا داخل المخيم هذا الاسبوع فقط.
اليوم في مخيم اليرموك يثبت نظام الاسد المعنى الحقيقي للممانعة، يثبت قيمة القضية واصحابها لديه، يعيد الكرة الاولى فبعد ثلاثة ألاف شهيد فلسطيني على يد نظام الاسد في مخيم تل الزعتر وصل عدد الشهداء الفلسطينين في الثورة السورية إلى اكثر من ألفي شهيد على يده لا على يد اسرائيل، لقد سقطت ورقة الممانعة عن عورة نظام الإجرام تلك الممانعة التي حملها نظام الاسد على مدى أربعين عاماً ليسرق مقدرات سوريا وابناءها.
إن مخيمات اليرموك وفلسطين في دمشق ومخيم درعا للاجئين الفلسطينين ومخيم الرمل الفلسطيني في اللاذقية ومخيمات حمص وحلب جميعها اختبرت إجرام نظام الممانعة، فكم من طفل فلسطيني قتل بقناصة حزب الله او قذائف المقاتلين الايرانيين، ان الفلسطينين في سوريا اليوم يدفعون ضريبة كبرى من دمائهم وأرواحهم على مذبح نظام الممانعة.
إن نكبة عام 1948 تعاش الآن واقعاً ملموساً في مخيمات اللجوء لدى نظام الممانعة، فمخيم اليرموك مطوق بالكامل من يحاول الخروج منه هرباً من الموت او دخولاً اليه حاملاً بعض خبز الحياة يترصده رصاص القناصة، وتتساقط عليه قذائف الهاون كما تتساقط حبات المطر لتزيد من آلم البرد في اطراف الاطفال والنساء حرارة الموت بنيران الممانعة.
إن الواقع الآليم والمُحزن لفلسطينيي سوريا يكتمل بقيادة فلسطينية قاتل بعض افرادها كمرتزقة احمد جبريل الى جانب النظام ليعطوا له شرعية زائفة، وقيادة فلسطينية في رام الله لا تخجل من علاقتها بنظام الاسد وسفارتها في دمشق لا تلقي بالاً لآلاف الفلسطينين الذي يقتلون وصوت المدافع التي تدكهم تهز جدران السفارة لا آذان سفير رام الله هنالك.