توجهت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني اليوم السبت إلى طهران في إطار ما يسميه الاتحاد الأوروبي بـ “الالتزام” بالبحث مع الجهات الإقليمية لإيجاد حل للأزمة السورية، بحسب بيان نشر مساء أمس الجمعة.
ذكر البيان، أن المسؤولة الأوروبية ستجري خلال زيارتها “محادثات رفيعة المستوى في إطار القرارات التي اتخذها مجلس الشؤون الخارجية والمجلس الأوروبي الأسبوع الماضي، لإجراء التواصل مع الجهات الفاعلة الرئيسية في المنطقة بشأن الأزمة السورية”.
وأضاف البيان أن “الاتحاد الأوروبي شرع في إجراء محادثات مع الأطراف الإقليمية، وأنه يعتزم اعتماد خطط (لم يذكرها) بعد هذه الزيارات”، كما ستواصل موغيريني، وفق البيان، الاتصال المستمر مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص ستيفان دي ميستورا في متابعة هذا التواصل.
وخلال قمتهم المنعقدة الأسبوع الماضي في بروكسل، أوصى قادة دول الاتحاد الأوروبي، بأن تقوم موغيريني، بمواصلة بذل جهد دبلوماسي وإنساني من أجل تمديد وقف إطلاق النار فى مدينة حلب السورية، والوقف الفوري للعمليات العدائية في المدينة، واستئناف عملية سياسية موثوق بها تحت رعاية الأمم المتحدة.
ستتوجه موغيريني إلى الرياض بعد زيارة طهران لإجراء مباحثات على مستوى رفيع في إطار جهود لإطلاق حوار مع القوى الإقليمية حول الأزمة السورية.
إيران كجزء لا يتجزأ من الحل في سوريا
بهذه الزيارة تعلن أوروبا أن التوصل لحل سياسي في سوريا لا بد وأن يبدأ من طهران حتى قبيل أن يبدأ من الرياض، وتأتي هذه الاندفاعة الدبلوماسية في وجهة نظر البعض، في ظل انسداد الأفق في النزاع الذي تصطف فيه القوى الإقليمية الرئيسية على طرفي نقيض، مع إيران التي تدعم نظام بشار الأسد، والسعودية التي تدعم الذين يقاتلونه للإطاحة به.
كما تأتي في ظل شن الفصائل المسلحة المعارضة هجومًا واسع النطاق انطلق أمس الجمعة يهدف إلى كسر الحصار المستمر على الأحياء الشرقية في حلب، في ظل امتناع مؤقت من روسيا حليفة النظام عن شن غارات جوية على هذه المناطق.
وذلك بعدما أعلنت وزارة الدفاع الروسية، عن هدنة إنسانية في حلب، بدأت في 20 أكتوبر الجاري، لمدة 11 ساعة، لمساعدة “المدنيين والمجموعات المسلحة الراغبة في مغادرة المدينة نحو مدينة إدلب”، وقد تم تمديد الهدنة لمساء الجمعة الماضية، قبل أن يتم الإعلان عن تمديدها الأخير حتى السبت الماضي.
اقترحت موغيريني في إطار مجموعة الدعم الدولية لسوريا “بدء حوار مع الشركاء الإقليميين الرئيسيين” لبدء النظر في نتائج الانتقال السياسي
وتعاني أحياء حلب الشرقية، الخاضعة لسيطرة المعارضة، حصارًا بريًا كاملًا من قبل قوات النظام السوري وميليشياته بدعم جوي روسي، منذ أكثر من شهر، وسط شح حاد في المواد الغذائية والمعدات الطبية، ما يهدد حياة نحو 300 ألف مدني فيها.
وفي ظل هذا الوضع، اقترحت موغيريني في إطار مجموعة الدعم الدولية لسوريا “بدء حوار مع الشركاء الإقليميين الرئيسيين” للنظر في نتائج الانتقال السياسي في هذا البلد، حيث قالت إن هذا الحوار يجب أن يشمل السعودية وإيران وتركيا “وربما جهات فاعلة إقليمية ممن لديها مصلحة مباشرة والتأثير في مستقبل سوريا.”
وتهدف المحادثات أيضًا إلى معرفة ما يمكن للاعبين الإقليميين الرئيسيين، رغم العداوات، “القيام به لبدء التحضير للمصالحة بعد النزاع وإعادة إعمار ناحجة في سوريا”.
وذلك بعد القمة الأخيرة في بروكسل، التي أعلنت دول الاتحاد الأوروبي فيها أنها “مصممة على التوصل إلى حل دائم للنزاع في سوريا، في ظل عدم وجود حل عسكري“.
وقد فرض الاتحاد الأوروبي الخميس عقوبات إضافية على سوريا شملت عشرة من كبار المسؤولين في النظام متهمين بالمشاركة في “القمع العنيف الذي يمارس ضد المدنيين”.
وكان 207 سوريين و69 جماعة أو منظمة مستهدفين حتى الآن بهذه التدابير التقييدية التي تم تمديدها في 27 مايو الماضي لسنة إضافية، وتضاف هذه العقوبات “الفردية” إلى عقوبات اقتصادية يسري مفعولها أيضًا حتى الأول من يونيو وتشمل حظرًا نفطيًا وقيودًا على الاستثمار أو على عمليات تصدير تقنيات يمكن استخدامها في النزاع، فضلاً عن تجميد أصول المصرف المركزي السوري داخل الاتحاد الأوروبي.
مجاملات أوروبية لإيران
ليست هذه المرة الأولى التي تزور فيها وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي طهران، حيث قادت بنفسها في زيارة ثانية لإيران منتصف أبريل الماضي وفدًا أوروبيًا رفيع المستوى، وقد أصدرت لائحة تصريحات سابقة قبيل الزيارة تحمل من المجاملات غير المعهودة إلى إيران.
حيث كانت قد أكدت وزيرة الخارجية الأوروبية فيديريكا موغيريني أن تجارب الصواريخ التي أجرتها إيران وقتها لا تخرق اتفاقها التاريخي مع القوى الكبرى حول برنامجها النووي.
وصرحت موغيريني حينها في أعقاب اجتماع شهري لوزراء الخارجية في الاتحاد الأوروبي في بروكسل أن التجارب “ليست في الواقع خرقًا للاتفاق النووي بحد ذاته”.
وأوضحت “أن كان هناك انتهاك لقرارات مجلس الأمن الدولي، فيجب بحث ذلك في الهيئات المختصة في الأمم المتحدة وليس بالضرورة في مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي”، بعدما آثارت تجارب الصواريخ البالستية الإيرانية في الأسبوع الفائت موجة إدانات حول العالم، بدءًا بإسرائيل والولايات المتحدة.
ليست هذه المرة الأولى التي تزور فيها وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي طهران، حيث قادت بنفسها في زيارة ثانية لإيران منتصف أبريل الماضي وفدًا أوروبيًا رفيع المستوى
وكان هذا على النقيض من موقف وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت، ونظيره الأمريكي جون كيري، اللذين هددا بفرض عقوبات على إيران بعد هذه التجارب الجديدة التي تنتهك حسب قولهم القرار الدولي 2231 الذي يصادق على الاتفاق النووي المبرم في يوليو 2015 بين الدول الكبرى وطهران.
لكن روسيا عارضت بحزم فرض عقوبات جديدة على إيران، التي لطالما نفت السعي لامتلاك سلاح نووي، مؤكدة أن صواريخها غير مصممة لحمل قنبلة ذرية، وقد جاءت تصريحات وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي بهذا الشكل المجامل الذي أفسد خطة فرض عقوبات جديدة على طهران.
واليوم تقود موغيرني زيارة أخرى إلى طهران تعترف فيها بضرورة إشراك إيران كقوة إقليمية لا غنى عنها قبل بدء أي محادثات عن الحل السياسي في سوريا، وذلك شأنها شأن السعودية التي ستتوجه إليها وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي بعد ذلك، وهو دليل قبول آخر لإيران في المنطقة كقوة رئيسية تفرض التعامل معها لحل أزمات المنطقة، وليست كقوة مارقة كما كان يعتبرها الإجماع الدولي السابق.