يقوم الملك المغربي محمد السادس منذ أيام بجولة في دول شرق إفريقيا تشمل كلاً من رواندا وتنزانيا وإثيوبيا، تعتبر الأولى من نوعها نحو البلدان الثلاثة بعد تربعه على العرش، وتكتسي هذه الزيارة أهمية كبرى، بعد طلب المغرب العودة إلى الاتحاد الإفريقي الذي انسحبت منه منذ سنة 1984 احتجاجًا على قبول عضوية جبهة البوليساريو، ومساعيه الحثيثة للعودة إلى القارة السمراء من البوابة الاقتصادية والثقافية.
التقى العاهل المغربي خلال هذه الجولة، برؤساء كل من رواندا بول كاغامي، وتنزانيا جون بومبي ماغوفولي، والرئيس الإثيوبي مولاتو تيشومي.
وتسعى المملكة المغربية إلى كسب أصوات الدول الإفريقية عندما يصوت الاتحاد الإفريقي على طلب عودتها إلى الاتحاد شهر يناير المقبل، بالإضافة إلى مساعيها لطرد جبهة البوليساريو من الاتحاد، ويحتاج المغرب إلى ثلثي أصوات الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي حتى يتمكن من تعديل النظام الداخلي للاتحاد وطرد جبهة البوليساريو، وكان المغرب قد فشل في العودة إلى الاتحاد وطرد البوليساريو نهاية القرن الماضي.
تضم دول إفريقيا الشرقية سوقًا استهلاكية تتكون من 231 مليون نسمة، ويتجاوز ناتجها السنوي الخام 206 مليارات دولار
يعمل المغرب على تعزيز وجوده الاقتصادي والسياسي والثقافي في هذه المنطقة الحيوية من القارة الإفريقية، التي تضم كلاً من تنزانيا وكينيا ورواندا وإثيوبيا وأوغندا وبوروندي.
وتسجل هذه المنطقة واحدة من أكبر معدلات النمو في القارة السمراء على الإطلاق، بنسبة تتراوح بين 5 و9%، وتضم دول إفريقيا الشرقية سوقًا استهلاكية تتكون من 231 مليون نسمة، ويتجاوز ناتجها السنوي الخام 206 مليارات دولار، ويقوم اقتصادها على الفلاحة، خاصة الخضراوات والفواكه والبن والشاي والقطن والقرنفل وقصب السكر، إلى جانب ثروة حيوانية مهمة، والمعادن، ومن بينها الذهب والقصدير والنحاس، والبترول.
ويركز المغرب على الشراكة مع دول جنوب الصحراء التي تشكل بالنسبة إلى المملكة حافزًا اقتصاديًا مهمًا، وفي هذا السياق وقع العاهل المغربي عشرات الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية مع زعماء الدول التي زارها ضمن جولته الحالية.
الدبلوماسيتان السياسية والاقتصادية، وجدتا إلى جانبهما كذلك دبلوماسية جديدة تعنى بالأبعاد الدينية والروحية
وفتح المغرب في مارس الماضي خطًا جويًا مباشرًا يصل مطار الدار البيضاء بنظيره في نيروبي، وتعمل الخطوط الجوية الملكية على ربط عملائها بدول تنزانيا، وإثيوبيا، وأوغندا، وجنوب السودان، ورواندا، وبوروندي، وزنجبار، وجزر القمر، والسيشل، وموريس، ومدغشقر، وزيمبابوي، وموزنبيق، وبوتسوانا، وناميبيا، وفي الوقت نفسه تؤمن لركاب الخطوط الكينية اتجاهات إسبانيا، وكندا والولايات المتحدة وساو باولو والجزائر وموريتانيا.
الدبلوماسيتان السياسية والاقتصادية، وجدتا إلى جانبهما كذلك دبلوماسية جديدة تعنى بالأبعاد الدينية والروحية، فقد عمل المغرب على الإسهام في التأطير الديني، ونشر قيم الوسطية الإسلامية والاعتدال وبناء المساجد في الدول الإفريقية وتكوين العلماء الإفريقيين.
ويأتي تحول المغرب نحو شرق إفريقيا بعد تمكنه من ترسيخ تعاون اقتصادي مع أبرز القوى الاقتصادية في دول غرب القارة، حيث أطلق مجموعة من المشاريع الاستثمارية الكبرى المشتركة هناك.
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد قام بجولة إفريقية سنة 2015 شملت خمس بلدان فرنكوفونية، وتم خلالها توقيع 88 اتفاقية في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والاجتماعية.
ويعد المغرب ثاني أكبر مستثمر في إفريقيا بعد الصين بأكثر من عشرة مليارات دولار، وبمساهمة القطاع الخاص التي تقدر بنحو ملياري دولار في منطقة غرب إفريقيا.
تنوعت الاستثمارات المغربية لتشمل الاتصالات والمصارف والتأمين والعقار والبناء والنقل الجوي والمعادن والكهرباء والصحة والصيدلة والتجارة والصناعة والأسمنت.
وبلغ حجم الاستثمارات المغربية في إفريقيا ما يزيد عن 11 مليار دولار في العام الماضي بزيادة 12% عن عام 2014 و75% مقارنة بالعام 2013.