ترجمة وتحرير نون بوست
استضاف مركز التقدم الأمريكي، لقاءً جمع فيه كل من مستشار مرشحة الرئاسة الأمريكية، هيلاري كلينتون ودبلوماسي مختص في الشؤون الخليجية، واللذان استنتجا بعد نقاش مطوّل أن سياسة كلينتون في الشرق الأوسط يجب أن تقوم على تقديم الدعم اللامشروط لدول الخليج خاصة للمملكة العربية السعودية وعلى تكثيف الإجراءات المتخذة ضد إيران.
مما يفضي أن إدارة كلينتون في المستقبل ستدعم السعودية في صراعها بشأن السيطرة على الشرق الأوسط مع إيران، كما يدل على الاختلاف الشاسع بين رؤية كلينتون وإدارة أوباما الحالية التي كانت من مناصري إيران في الشرق الأوسط.
وتجدر الإشارة إلى أن مؤسس مركز التقدم الأمريكي، جون بوديستا، يشغل أيضًا مهام رئيس حملة كلينتون الانتخابية وكان من المستشارين المقربين لها، كما يمكن القول أيضًا أنه كان مرجع كل الرؤساء الديمقراطيين الذي تعاقبوا على السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية، وأما في الوقت الحالي فيدير المركز، نيرا تاندن.
ناقش المشاركون في هذه الورشة، التي جاءت تحت عنوان: “تعزيز الشراكات الأمريكية في الشرق الأوسط”، الدور المهم الذي تلعبه المملكة العربية في الشرق الأوسط، إلا أنهم عارضوا التدخل الإيراني في العديد من الصراعات في الشرق الأوسط، ولكن اختلف معهم زميلهم في مؤسسة التقدم الأمريكي، الذي يركز عمله على سياسة الأمن القومي الأمريكي في الشرق الأوسط وجنوب آسيا، بريان كاتوليس، في بعض النقاط التي أجمع غالبيتهم عليها.
في حين دعا مدير المخابرات السابق ومستشار السياسة الخارجية لكلينتون، مايك موريل، إلى تصعيد العقوبات على إيران ردًا على “سياستها الخبيثة التي تتبعها في المنطقة”، كما حث على اعتراض السفن الإيرانية التي تقوم بتوريد الأسلحة إلى المتمردين الحوثيين في اليمن.
وفي هذا السياق، قال موريل إنه يعرف أن هناك قوانين دولية صارمة يمكن أن تعارض هذا الإجراء، لكنه لا يمانع إن قامت سفن حربية أمريكية باعتراض السفن الإيرانية المحملة بالذخيرة للحوثيين وإجبارها على العودة إلى إيران، مضيفًا أنه يعتقد أن اتخاذ مثل هذه الإجراءات الصارمة يمكن أن يبين مدى جدية الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية للمملكة العربية السعودية.
كما عارضت الولايات المتحدة الأمريكية استيلاء الحوثيين على الحكم في اليمن في سنة 2014، وأيدت الرئيس عبد ربه منصور هادي، بأن يكون الزعيم الشرعي للبلاد، وعندما بدأت دول الخليج بقصف اليمن في ربيع سنة 2015 دفاعًا عن حكومة عبده ربه منصور هادي المنفى في السعودية، وأعرب مجلس الأمن القومي أنه “يدين بشدة العمليات العسكرية التي يشنها الحوثيون ضد الحكومة المنتخبة في اليمن”، وجدير بالذكر، أنه على الرغم من العداوة التي تكنها الولايات المتحدة للحوثيين، إلا أنها لم تعتبرهم من المجموعات الإرهابية.
وعلاوة على ذلك، يمكن اعتبار العلاقة التي أنشأتها إيران مع الحوثيين بالهشة والضعيفة، لأنها نمت في المقام الأول بسبب التدخل السعودي في اليمن لا غير، وبما أن الحوثيون قد عرفوا بمعارضتهم الشديدة لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، لم تستطع الولايات المتحدة تسمية هذه المجموعات بالإرهابية، لأنها لا تشكل تهديدًا على الأمن القومي الأمريكي.
وقد استهل سفير الإمارات العربية المتحدة لدى الولايات المتحدة يوسف العتيبة، تصريحاته مشيدًا بتقرير مركز التقدم الأمريكي حول الشرق الأوسط، الذي صدر في الأسبوع الماضي، ودافع عن مسألة استمرار التعاون مع دول الخليج مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، في حين، حث على استخدام القوة ضد القوات النظامية المتحالفة مع إيران.
وقد تمثلت المشكلة الرئيسية لعتيبة مع سياسة الولايات المتحدة الحالية، هو أنها ليست ودية بما فيه الكفاية مع الأوتوقراطية السنية في الخليج، كما أنه يعتقد أنه يجب أن يكون من أولويات الحكومة القادمة إعادة بناء تلك العلاقات الأمريكية الخليجية، من أجل إعادة بناء الثقة بين هذين الطرفين.
ويرى عتيبة أن معارضة أوباما للديكتاتور المصري حسني مبارك، خلال الربيع العربي ساهم في تنامي انعدام الثقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والحكومات السنية، كما قال إنه إذا كان مراقبًا عاديا للأحداث التي دارت في الشرق الأوسط على مدى السنوات القليلة الماضية، ورأى ردة الفعل الأمريكية على الأحداث الدائرة في إيران، ومن ثم بعد فترة وجيزة، شاهد ردة الفعل الأمريكية على الأحداث التي تجري في مصر، لكان اعتقد أن إيران هي حليف أمريكي، ومصر عدوة لها.
وقد كانت سياسة الولايات المتحدة تجاه النظام العسكري في مصر غير متسامحة إلى حد ما، وشبه مؤيدة للنظام الإيراني، ولكنها في الواقع، لم تتوان في دعم ومنح 6.5 بلايين دولار من المساعدات العسكرية لمصر بين عامي 2011 و2015 وفرض مجموعة من العقوبات الاقتصادية على إيران.
وذكر عتيبة في حديثه مجموعة من الحلفاء الأساسيين مثل المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة، والأردن حيث يود أن تقوم الولايات المتحدة مجددًا بإقامة علاقات جيدة معه.
وجدير بالذكر أن تنامي هذه العداوة النسبية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة يعود إلى الحركات المسلحة التي نشأت في المنطقة واستوحت العديد من الإيديولوجيات السعودية، وقد أثارت رسائل البريد الإلكتروني التي سربها موقع ويكيليكس جدلاً كبيرًًا في المنطقة، فقد تبين أن هيلاري كلينتون تتذمر، نوعا ما، من السياسة الخارجية لبعض الدول الخليجية.
وكتب السياسي الأمريكي الديمقراطي جون بودستا، في رسالة بريد إلكتروني سنة 2014 “أنه يجب استخدام الاستخبارات الدبلوماسية والتقليدية لدينا للضغط على حكومة دولة قطر والمملكة العربية السعودية، التي تقدم الدعم المالي واللوجستي السري للجماعات السنية المتطرفة الأخرى في المنطقة، لكن بقية المتحدثين لم يختلفوا مع السفير الإماراتي، لدرجة أن موريل، اختار وصف السلوك الخليجي في المنطقة باعتباره مجرد ردة فعل دفاعية ضد تنامي نفوذ إيران في منطقة الشرق الأوسط.
وقد وضّح موريل أنه غالبًا ما يشار إلى الصراع بين إيران ودول الخليج السنية على أنه صراع من أجل النفوذ، لكن ذلك غير صحيح، لأن الصراع يتمحور بالأساس حول دحر القوة الإيرانية التي تحاول فرض هيمنة على المنطقة بأسرها.
ولكن هناك في الواقع صراع مستمر على النفوذ بين إيران ودول الخليج، أصبح بمرور الوقت حروبًا بالوكالة في جميع أنحاء المنطقة، ومن وأبرزها الصراع الأكثر عنفًا في المنطقة، الذي يدور في سوريا في الوقت الحالي، حيث إن القوات النظامية المدعومة من إيران تقاتل القوات المعارضة السورية المدعومة بالسلاح والعتاد من قبل دول الخليج.
واتفق نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية السابق، جيمس وين فيلد، مع مواقف موريل، ونصح بأن تتبنى الولايات المتحدة موقف المملكة العربية السعودية من اليمن وإيران، معربًا أن “إيران تفهم لغة القوة، كما أنها تفهم أيضًا لغة الضعف”.
كما أنه أشار في حديثه إلى مسألة معارضة القوانين الدولية لإمكانية التعرض للسفن الإيرانية في البحار، مصرًا على أنه يمكن للولايات المتحدة اعتراض السفن الإيرانية، في حال كانت مسألة دفاع عن نفس، مضيفًا أنه يمكننا أن نكون أكثر ليبرالية في تفسيرنا لمعنى الدفاع الجماعي عن النفس، ونعتبر أن عملية شحن إيران الأسلحة للحوثيين في اليمن هو تهديد للمنطقة بأسرها.
واغتنم عتيبة الفرصة في هذا الحوار للدفاع عن دعم بلاده للتدخل السعودي في اليمن، مشيرًا إلى أنه يهدف بالأساس لمناهضة تنامي النفوذ إيران، التي تحاول استغلال الحوثيين لصالحها لتحقيق أغراضها التوسعية لا غير، مضيفًًا أن بلاده لن تسمح باختراق حدود بلد ينتج قرابة عشرة ملايين برميل نفط يوميًا، ويعد موطنا لمكة المكرمة والمدينة المنورة.
وتجدر الإشارة إلى أنه لم ينتقد أحد، في هذا الحدث، فقط دافع عتيبة عن الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، والتي وصلت فيها مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى قرابة 20 مليار دولار خلال الـ 18 شهرًا الماضية، كما لم يتطرق أحد إلى الموضوع المتعلق بمقتل الآلاف من اليمنيين جراء التدخل العسكري السعودي المدعوم من الولايات المتحدة وكذلك لمسألة دور دول الخليج في تعزيز التطرف في سوريا وغيرها من البلدان، ولكن لم يشكك أحد في ضرورة اتخاذ موقف عدائي تجاه إيران.
المصدر: ذي إنترسبت