ولد بأجدير وهي منطقة تقع بشمال المغرب عام 1882، نال محمد بن عبد الكريم الخطابي قدرًا وافرًا من التعليم، واطلع على الأدب والعلوم الغربية، الشيء الذي أهله ليشتغل بمليلية معلمًا وصحفيًا في صحف ناطقة بالإسبانية، وعمل مترجمًا من الإسبانية إلى العربية ووصل به الأمر إلى ترجمة وثائق الجيش والمخابرات، الشيء الذي استفاد منه في حربه المستقبلية ضد المحتل.
وحينما نشبت الحرب العالمية الأولى، اتهم الإسبان محمد بن عبد الكريم الخطابي بالتخابر مع ألمانيا، وألقي به في السجن ومكث هناك قرابة عام، وحينما غادر السجن اتجه إلى مسقط رأسه وهناك استثمر كل معلوماته عن سلطات الاحتلال سواء فيما يخص طريقة التفكير ـو ردات أفعالهم.
وقد حرص الخطابي على أن يكتسب خطابه مصداقية عالية بين الناس، مما كان له دور بارز في التفاف الناس حوله وأصبحوا مناصرين مخلصين له ومستعدين للموت في سبيل تحرير الوطن تحت قيادته.
ومما أضاف امتيازًا لمحمد بن عبد الكريم الخطابي ابتكاره لما يعرف بحرب العصابات في العلم العسكري، وابتكر تكتيكات عديدة تسجل له منها “الخندق الواحد”، أي في كل خندق واحد جندي أو اثنان ولا بد أن تكون هناك مسافة فاصلة بين الخندق والآخر تجنبًا للخسائر البشرية الكبيرة في حال سقوط قذائف، أكثر من ذلك طور حرب العصابات من حرب كر وفر إلى حرب تسعى لتحقيق مكاسب على الأرض، بمعنى لا يخلي أي أرض استولى عليها ويبقي فيها حامية.
نعم فحرب العصابات التي ابتكرها المقاوم محمد بن عبد الكريم الخطابي مكنته من الانتصار في معارك عدة أبرزها معركة أنوال (عام 1921)، حيث تكبدت إسبانيا خسائر فادحة على يد المقاومة بلغ عدد الجنود الإسبانيين القتلى والجرحى 14 ألف، وتمكن الخطابي من الاستيلاء على كميات ضخمة من الأسلحة والمدفعيات.
ومما يسجل للخطابي أنه حاصر الجيش الإسباني الذي بلغ عشرة أضعاف قواته، وكان الحصار ناجحًا إلى درجة جعلت الإسبان يشربون بولهم من فرط العطش.
محمد الخطابي مع الملك محمد الخامس
من جهة أخرى أظهر محمد بن عبد الكريم الخطابي مهارة رفيعة كرجل دولة ناجح في طريقة إدارته لجمهورية الريف، حيث وضع دستور الجمهورية، وجعل السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية في يد الجمعية الوطنية التي يترأسها، ونص الدستور على أن رجال الحكومة مسؤولون أمام رئيس الجمهورية والرئيس مسؤول أمام الجمعية الوطنية، وفيما يتعلق بالوزارات فقد نص الدستور على تشكيل أربعة مناصب وهي مستشار رئيس الجمهورية، وهو يقوم مقام رئيس الوزراء ووزير الخارجية ووزير المالية ووزير التجارة، أما بقية الأعمال الحربية فهي من اختصاص رئيس الجمهورية، وجعل الخطابي للجمهورية علمًا خاصًا وعملة خاصة ونشيدًا وطنيًا خاصًا.
عمومًا لقد سن الخطابي قوانين تجريم الانتقام والثأر الذي يعتبر من الأعراف القبلية، ورسخ مبدأ الاحتكام للقانون والحق، وقد شجع الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي على التعليم، وأقام شبكة مواصلات، وقام ببناء اقتصاد، فنظم التجارة والصناعة والزراعة.