ترجمة وتحرير نون بوست
كنا قد تابعنا الانتخابات التشريعية في المغرب التي انتهت بفوز حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية واستمرار عبد الإله بنكيران كرئيس للحكومة، لذلك، أصبح من واجبه أن يتغلب على خلافاته مع الملك، وأن ينفذ التدابير الاقتصادية التي تحظى بالشعبية وأن يحارب الفساد.
وقد رفض عبد الإله بنكيران التحدث مع الصحافة لمدة طويلة بعد الحملة الانتخابية التشريعية والانتخابات التي حصل فيها على الصدارة، فمنذ فوزه بالانتخابات في 7 أكتوبر/ تشرين الأول، لم يقم الأمين العام لحزب العدالة والتنمية إلا بتحالفات مع أحزاب أخرى ولم يهتم بالصحافة.
كما أنه على هذا السياسي الأكثر شعبية في المغرب أن يعمل على تحسين علاقاته مع الملك، وأن يهتم ببعض التدابير الأكثر شعبية، مثل خفض الدعم على الخبز والسكر وغاز البوتان، ومحاربة الفساد وخدمة الوطن الذي ساعده على الفوز في الانتخابات التشريعية لسنة 2011 والاستمرار حتى الآن، وتجدر الإشارة هنا إلى أن بنكيران لم يتخذ أي إجراءات جديرة بجعل الشعب راضٍ عنه خلال فترة ولايته الأولى.
وفي هذا السياق، قال الأستاذ في كلية الحقوق في الرباط، محمد مدني، إن بنكيران يعتقد بأنه لا يستطيع أن يفعل شيئًا حيال الفساد، ولكنه أصبح الآن أكثر واقعية ولم يحاول إيجاد حل ولا نؤمن أنه سيقوم بذلك، لأنه يعلم أن الفساد هو جزء من النظام ومواجهته تعتبر كسرًا للتوازن السياسي.
ومن جهة أخرى، سنتناول الحديث على المجال الاقتصادي، حيث تقدر معدلات البطالة بنحو 10% وقيمة الدين العام 64% من الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تدخل رئيس الحكومة لخفض الدعم على السلع والمواد الأساسية، لكنه لم يفعل ذلك بل فعل العكس ورفع سعر البنزين وسن التقاعد من 60 إلى 63 عامًا، ونتج هذا الإجراء عن تحرك المعارضة من النقابات الرئيسية في البلاد.
وقال المحلل السياسي محمد مدني، إن بنكيران أظهر أنه بإمكانه مواجهة النقابات وبالفعل تفوق في ذلك للمرة الأولى في هذا البلد، ومن بين هذه المنظمات نذكر الأقدم أي الاتحاد المغربي للشغل، والذي صوّت في هذه الانتخابات ضد حزب العدالة والتنمية، على الرغم من ذلك، فاز هذا الحزب الإسلامي وقام أمينه العام بتحدي هذه المنظمات.
ويعتقد الكثير من المحللين أن بنكيران لن يغير التوازن السياسي للبلد ولا حتى الاقتصاد ويمكن ألا تحظى إجراءاته بالموافقة الشعبية، وقد يخل ذلك بسلطات الدولة.
ومن جهته، يعتقد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في أوكلاهوما، ومؤلف كتاب عن الملكية المغربية والتحدي الإسلامي، محمد دعداوي، أن بنكيران يعيش أكبر تحدٍ ألا وهو البحث عن المواليين للنظام، وفي الوقت نفسه سيعارض ما يسمى بالتحاكم أو السيطرة السياسية الاستبدادية، في إطار إنهاء الحكومة المثبتة في القصر، وأضاف دعداوي أنه يشك في قيام بنكيران بأي إصلاح جذري فيما يتعلق بالفساد سواء في المجال الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي، وأنه يسعى إلى ضمان السلم الاجتماعي ونيل رضا الشعب.
وأشار دعداوي إلى أن تغيير نظام التقاعد وزيادة أسعار البنزين أدى إلى احتجاج معظم المغربيين على هذا الوضع الذي لن يرضوا به أبدًا، مذكرًا بامتناع الملايين من المغربيين عن التسجيل في القوائم والتصويت له، وأضاف أستاذ العلوم السياسية أن الأطراف التي تختار التحالف معه محدودة وأن الإصلاحات الاقتصادية الأكثر جوهرية ستحتاج في نهاية المطاف إلى موافقة ضمنية منه.
وفي المغرب هناك عدة وزارات يشرف القصر الملكي على إدارتها مباشرة مثل وزارة الشؤون الدينية والدفاع والداخلية والخارجية، وعمومًا يمكن القول أن نفوذ بنكيران محدود جدًا، والأسوأ من ذلك، فإن الملك وبنكيران ليس لديهما اهتمام واستعداد للحد من نفوذ الرئيس المنتخب بطريقة ديمقراطية، وفي كل الأحوال فإن هناك عديد من التحديات في انتظار المغرب والحكومة الجديدة.
المصدر: صحيفة البايس