ترجمة وتحرير نون بوست
“تذكر أبو غريب، تذكر الإغراق، تذكر مواقع الاستخبارات السوداء، تذكر تقنيات الاستجواب “المدعمة” مثل حرمان السجناء من النوم لأكثر من أسبوع أو إبقاءهم لفترات طويلة في أوضاع شديدة الألم مثل تعليقهم من أيديهم في السقف”
هكذا تبدأ بروكس مقالها، الذي يدعو الأمريكيين لمخاطبة وكالة المخابرات الأمريكية سي آي إيه لإعلان تقرير لجنة الاستخبارات داخل مجلس الشيوخ الأمريكي حول ممارسات الاستجواب بعد أحداث ١١ سبتمبر.
فقد كتبت روزا بروكس، أستاذة القانون بجامعة جورج تاون الأمريكية مقالا في مجلة فورين بوليسي الأمريكية يناقش الأسباب التي تمنع وكالة الاستخبارات الأمريكية من إعلان نتائج التقرير، مفندة إياها ومعتبرة أن الإدارة الأمريكية ووكالة الاستخبارات يساهمان في تعقيد الأمر.
التحقيق الذي استمر لمدة ثلاث سنوات وتكلف أكثر من ٤٠ مليون دولار وعمل فيه أعضاء اللجنة على قراءة ملايين الوثائق السرية ومقابلة مئات الأشخاص من الإدارة الأمريكية وخارجها، صدر في ٦٠٠٠ صفحة. وبعد أن رفضت وكالة الاستخبارات أن يقابل معدو التقرير محققيها، رفضت مرة أخرى الإفراج عن التقرير للعامة.
هذه هي الحجج الأكثر شيوعا التي تسوقها سي آي إيه ضد الإفراج عن التقرير
– التقرير قد يكون “محرجا”
نعم هذا هو ما تقوله سي آي إيه! إنهم يتجاهلون حقيقة أن دور مجلس الشيوخ هو الإشراف على المخابرات ومساءلتها أمام القانون وليس حمايتها من الإحراج!
إن دافعي الضرائب الأمريكيين دفعوا فاتورة برنامج التعذيب غير القانوني وغير الفعال، والذي تم الدفاع عنه عن طريق تقديم معلومات خاطئة للكونغرس وللبيت الأبيض، نحن بحاجة لمعرفة ذلك. إن وكالة الاستخبارات المركزية تخدم البلاد وليس العكس!
– قد يحتوي التقرير على حقائق خاطئة
رغم أن مسؤولي السي آي إيه يستمرون في اتهام التقرير بأنه مليء بالأخطاء المتعلقة بالحقائق، لكن عندما انتهت اللجنة من إعداد تقريرها الأول، قدمت المخابرات ردا بعد ستة أشهر يقع في ١٢٢ صفحة، وظهر في التقرير أن اعتراضات سي آي إيه لم تكن أبدا حول الحقائق نفسها وإنما حول تفسير الحقائق.
هذا ليس سببا أبدا في حجب التقرير عن الجمهور! لماذا لا ندع الأمريكيين يحكمون على الحقائق بأنفسهم؟
– قد يعرض التقرير الموظفين الذين تصرفوا بحسن نية للخطر!
هذا مشكوك فيه للغاية! إذا تصرف مسؤولوا الاستخبارات امتثالا للتوجيهات القادمة من وزارة العدل والنائب العام ورؤساءهم في المخابرات فإنهم لا يمكن أن يُحاكموا حتى لو وافقوا على استخدام وسائل صار القانون الأمريكي يعتبرها تعذيبا فيما بعد.
إن هناك العديد من ضباط المخابرات المتقاعدين الذين نشروا مذكراتهم أو شاركوا في حلقات تليفزيونية شهيرة وعرضوا فيها العديد من تلك الحقائق، ولم يُضاروا أبدا من ذلك!
– نحن بحاجة لإبقاء المعلومات السرية سرية!
هذا صحيح إلى حد ما، لكن الغرض من تصنيف المعلومات بالأساس هو منع الإفراج عن المعلومات التي تضر الولايات المتحدة إذا نُشرت على الملأ، ويمكن للجنة مجلس الشيوخ أن تعيد تحرير التقرير بحيث تتجنب ذكر المعلومات المصنفة على أنها سرية على الملأ
– الإفراج عن التقرير قد يعرض القوات الأمريكية للخطر ويحفز المشاعر المعادية للولايات المتحدة
في الحقيقة العكس هو الصحيح، انتهاكات أمريكا تهدد قواتها وتحفز تلك المشاعر، ونفاق واشنطن وسكوتها على تلك الانتهاكات يفعل نفس الشيء، إذا كنا نريد الحد من المشاعر المعادية لأمريكا وأن نحمي قواتنا خارج البلاد فإن أفضل طريقة هي أن نثبت للعالم أننا نعيش بمبادئنا ونلزم أنفسنا بالمعايير التي نتوقع من الآخرين أن يلتزموا بها.
– هذا كان منذ فترة طويلة على أي حال، ولا نفعل ذلك الآن، وعلينا أن نركز على المستقبل وأن ننسى الماضي
أولا هذا الأمر لم يكن منذ فترة طويلة، بل أقل من عقد من الزمان، و الأمريكيون لا يفعلون ذلك لأن أوباما أصدر أمرا تنفيذيا بذلك في ٢٠٠٩، إلا أن أي رئيس أمريكي قد يغير ذلك بجرة قلم في المستقبل
إذا أردنا أن نتأكد من أن الولايات المتحدة لن تلجأ للتعذيب مرة أخرى فعلينا أن نعرف تحديدا ما الذي حدث وكيف أثر ذلك علينا، إن استطلاعات الرأي الأخيرة تشير إلى أن هناك أعدادا من الأمريكيين يعتقدون أن التعذيب مفيد وأنه مقبول، خاصة بعدما قرأوا كتب وشاهدوا أفلام مثل Zero Dark Thirsty الذي يناقش عملية اغتيال بن لادن، وكيف أن التعذيب آداة فعالة لمكافحة الإرهاب! هذا الأمر يجب أن يتغير
إننا لا يمكننا أن نضع الماضي وراءنا، إذا كنا نفكر في المستقبل، علينا أولا أن نواجه حقيقة الماضي.