أثار البيان الذي أصدره الدكتور محمد البرادعي نائب رئيس الجمهورية السابق ومؤسس حزب الدستور، الكاشف من خلاله بعض كواليس اللحظات الأخيرة قبيل اجتماع 3 يوليو 2013، لا سيما المتعلقة بالتحفظ على الرئيس المعزول محمد مرسي، حالة من الجدل داخل الشارع السياسي المصري، ما بين داعم له ومعارض وملتزم الصمت كالعادة.
البيان المكون من 13 نقطة، كشف النقاب عن بعض التفاصيل الخطيرة المتعلقة بحادثة فض اعتصام رابعة العدوية، ومدى إمكانية تفادي ما حدث من خلال الحلول السلمية، وبالرغم من تكذيب المقربين من البرادعي ودوائر صنع القرار في هذه الفترة لما نشره، إلا أن العديد من علامات الاستفهام فرضت نفسها حيال هذا البيان، أهمها: التوقيت الزمني لإصداره، فضلاً عن خطورة ما به من معلومات قد تعيد رسم خارطة ما حدث خلال السنوات الماضية، والقوى التي تقف خلف إصداره، ومدى رغبة نائب رئيس الجمهورية المستقيل في تقديم نفسه للعودة للعمل السياسي من جديد، ثم السؤال الأبرز: لماذا صمت البرادعي طيلة السنوات الثلاث الماضية؟
كواليس 3 يوليو
في خطوة وصفها البعض بـ”الجريئة والمثيرة للعجب” فاجأ الدكتور محمد البرادعي المصريين ببيان لم يفصح عنه من قبل، تضمن 13 نقطة محورية، عرّت بعض الحقائق المتعلقة بالساعات التي سبقت أحداث 3 يوليو 2013، وما تلاها من مجازر.
البيان الذي نشره البرادعي أمس الثلاثاء على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” تطرق إلى عدة محاور رئيسية، منها ما يتعلق بجدلية عزل مرسي أو رفضه لإجراء استفتاء على منصبه، ومنها ما يذهب إلى تبرئة ساحته – البرادعي – من الدماء التي أسيلت في رابعة العدوية، كذلك الرد على اتهامه بالهروب والتخلي عن الوطن في الوقت الذي كان بحاجة لتكاتف الجميع.
في النقطة الأولى من البيان أشار البرادعي إلى أن دعوة القوات المسلحة لممثلي كافة القوى السياسية لاجتماع بعد ظهر 3 يوليو 2013 كان المفهوم أنه اجتماع لبحث الوضع المتفجر على الأرض نتيجة مطالب الجموع الغفيرة المحتشدة في كل أنحاء مصر منذ 30 يونيو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، نظرًا للاستقطاب الحاد في البلاد الذي أصبح يهدد الوحدة الوطنية.
إلا أنه فوجئ باحتجاز الرئيس المعزول على حد قوله في النقطة الثانية من البيان والذي جاء فيها: عندما فوجئت في بداية الاجتماع أن رئيس الجمهورية كان قد تم احتجازه بالفعل صباح ذلك اليوم من قبل القوات المسلحة – دون أي علم مسبق للقوى الوطنية – وهو الأمر الذي أدى إلى عدم مشاركة رئيس حزب الحرية والعدالة – الذي كانت قد تمت دعوته – في الاجتماع، أصبحت الخيارات المتاحة محدودة تمامًا وبالطبع لم يعد من بينها إمكانية إجراء استفتاء على انتخابات مبكرة.
ثم تطرق نائب رئيس الجمهورية السابق إلى تمسكه بالحلول السلمية وهو ما دفعه لقبول أن يكون أحد رجال المرحلة التالية لعزل مرسي، حيث قال: في ضوء هذا الأمر الواقع – رئيس محتجز وملايين محتشدة في الميادين – أصبحت الأولوية بالنسبة لي هي العمل على تجنب الاقتتال الأهلي والحفاظ على السلمية والتماسك المجتمعي من خلال خارطة طريق تمت صياغتها في عجالة، بنيت على افتراضات مختلفة بالكامل عن تطورات الأحداث بعد ذلك: رئيس وزراء وحكومة تتمتع “بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة الانتقالية”، وانتخابات برلمانيه ثم رئاسية مبكرة وكذلك – وهو الأهم – لجنة للمصالحة الوطنية، وقد قبلت في ضوء ما تقدم أن أشارك في المرحلة الانتقالية على هذا الأساس كممثل للقوى المدنية بهدف المساعدة للخروج بالبلاد من منعطف خطير بأسلوب سلمى بقدر الإمكان.
عندما فوجئت في بداية الاجتماع أن رئيس الجمهورية كان قد تم احتجازه بالفعل صباح ذلك اليوم من قبل القوات المسلحة، أصبحت الخيارات المتاحة محدودة تمامًا وبالطبع لم يعد من بينها إمكانية إجراء استفتاء على انتخابات مبكرة
لكن ومع مرور الوقت، اكتشف البرادعي حسبما جاء في بيانه أن الأمور تسير في الاتجاه غير الصحيح، وأن الحلول السياسية تراجعت بصورة ملحوظة أمام الخيارات العسكرية، لذا كان عليه الرحيل فورًا، وهو ما جاء في نص النقطة الخامسة من البيان، والتي تنص على: ولكن للآسف، وبالرغم من التوصل إلى تقدم ملموس نحو فض الاحتقان بأسلوب الحوار والذي استمر حتى يوم 13 أغسطس، فقد أخذت الأمور منحى آخر تمامًا بعد استخدام القوة لفض الاعتصامات وهو الأمر الذي كنت قد اعترضت عليه قطعيًا في داخل مجلس الدفاع الوطني، ليس فقط لأسباب أخلاقية وإنما كذلك لوجود حلول سياسية شبه متفق عليها كان يمكن أن تنقذ البلاد من الانجراف في دائرة مفرغة من العنف والانقسام وما يترتب على ذلك من الانحراف بالثورة وخلق العقبات أمام تحقيقها لأهدافها.
ثم اختتم البرادعي بيانه بأن طريق “الحل السلمي” للأزمة يبدو أنه خالف قناعات الكثيرين من المقربين من دوائر صنع القرار في مصر حينها، وهو ما دفعهم للهجوم عليه سواء من الإعلام أو السياسيين، مؤكدًا في نهاية حديثه: غني عن الذكر أن رأيي كان وما زال هو أن مستقبل مصر يبقى مرهونًا بالتوصل إلى صيغة للعدالة الانتقالية والسلم المجتمعي وأسلوب حكم يقوم على الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والعلم والعقل، حفظ الله مصر وشعبها.
البرادعي خلال حضوره اجتماع لجبهة الإنقاذ بمقر حزب الوفد المصري
ليست الأولى
يبدو أن بيان البرادعي الذي حمل شهادته عن كواليس ما جرى في 3 يوليو، لم يكن الأول ولن يكون الأخير، حيث دفع هذا البيان العديد من النشطاء والحقوقيين والسياسيين إلى الإدلاء بشهاداتهم حول هذه الفترة، وكان من أبرز هذه الشهادات ما أدلى به الناشط الحقوقي جمال عيد، المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.
جاءت شهادة عيد تعليقًا على بيان البرادعي، قائلاً: “شهادة: يوم طلب السيسي تفويض من الشعب، كنت بالاتحادية مع البرادعي و30 شخصًا، طلب التفويض كان مفاجأة وشعرنا أن عدلي منصور صورة والحكم العسكري قادم”.
وأضاف في تغريدة أخرى على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “بيان البرادعي لماذا تأخر نشر هذا البيان 3 سنوات، ولماذا لم تنشره فور رحيلك؟ وماذا فعلت غير التغريدات لمقاومة الدكتاتورية؟ نحترمك لكنك أخطأت”.
وتابع المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان: للأسف يا صديقي تأخر الشهادة، خطأ كبير، بالعكس نشرها بوقتها كان هيفيد ويساعد الناس على تحديد المواقف، الراجل نزيه، لكنه خذل كثيرين.
شهادة:يوم طلب السيسي تفويض من الشعب،كنت بالاتحادية مع البرادعي و30 شخص،
طلب التفويض كان مفاجأة
وشعرنا ان عدلي منصور صورة والحكم العسكري قادم
— Gamal Eid (@gamaleid) November 1, 2016
للاسف يا صديقي تأخر الشهادة، خطأ كبير، بالعكس نشرها بوقتها كان هيفيد ويساعد الناس على تحديد المواقف ،
الراجل نزيه ، لكنه خذل كثيرين@memam8
— Gamal Eid (@gamaleid) November 1, 2016
نعم كان هناك تحفظٌ ولكن!
من الواضح أن النقطة التي أثارها البرادعي في بيانه بشأن احتجاز مرسي قبيل 3 يوليو، بما فسره البعض أن قرار التخلص منه واعتقاله قد تم اتخاذه بالفعل، لاقت تأييدًا واضحًا حسبما أشار ثلاثي حركة “تمرد” كما سيأتي ذكره لاحقًا، فضلاً عما نوهت إليه مستشارة الرئيس المؤقت السابق عدلي منصور، الكاتبة الصحفية، سكينة فؤاد، في حديثها عن احتجاز الرئيس المعزول: “ما فهمته أن الأمر كان مجرد تحسب لأي مخاطر، وإذا كنت أنا بعرض عليه يرجع يطرح نفسه في استفتاء، فمكنش عزل ولا حاجة، وكان تحسبًا للحظات القادمة التي كانت مليئة بالمخاطر، وتحسبًا لأي تحركات تضر بالرئيس السابق، فقد كانت لحظة مشحونة بالمخاطر، ودعم الجيش تأخر كما فهمت وعرفت لكي يوافقوا على استفتاء جديد على استمرار الرئيس السابق في الحكم، وهذا أعلن عنه وليس جديدًا”.
وتابعت فؤاد: إن تأجيل إعلان دعم الجيش لإرادة عشرات الملايين قبل إلقاء بيان 3 يوليو 2013 كان من أجل إعطاء جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية العدالة فرصة ليستجيبوا في الدخول مرة أخرى في طرح أنفسهم لإرادة الشعب.
أول ظهور لمرسي في 4 نوفمبر 2013، منذ التحفظ عليه في 3 يوليو
التوقيت..علامة استفهام
التساؤل الأهم حيال بيان البرادعي يتعلق بتوقيت صدوره، فقد جاء قبل أيام قليلة من موعد التظاهرات التي تم الترويج لها فيما أطلق عليها إعلاميًا “انتفاضة الغلابة”، ما يضع العديد من علامات الاستفهام، خاصة وأن البرادعي التزم الصمت ثلاث سنوات كاملة قبل أن يتطرق إلى هذه التفاصيل، وهو ما أيده طارق العوضي المحامي الحقوقي ومدير مركز دعم دولة القانون، بقوله إن البيان كان من المفترض أن يصدر حينها في 2013، وطرحه الآن يضع علامات استفهام كثيرة، مؤكدًا على أنه لا يشكك في البرادعي ولا يكذب البيان وأنه صادق بلا شك، لكن التوقيت هو المثير.
العوضي طالب النظام بالرد على ما جاء بالبيان، وخصوصًا وأن هناك اتهامات واضحة وخطيرة للدولة بأنها أفشلت المساعي السلمية لفض اعتصام رابعة دون اللجوء إلى القوة، مطالبًا البرادعي أيضًا بأن يشرح للناس حتى لو من خلال “تويتة” صغيرة لماذا تأخر كل هذه الفترة – ثلاث سنوات – منذ أغسطس 2013 وحتى الآن، واضعًا علامات استفهام حول توقيت صدور البيان.
التساؤل الأهم حيال بيان البرادعي يتعلق بتوقيت صدوره، فقد جاء قبل أيام قليلة من موعد التظاهرات التي تم الترويج لها فيما أطلق عليها إعلاميًا “انتفاضة الغلابة”، ما يضع العديد من علامات الاستفهام
مدير مركز دعم دولة القانون، حثً الإعلام الخاص والحكومي على فتح مجال للحوار حول النقاط التي ذكرها البيان، تأكيدًا على حق الناس في أن يعرفوا، وأن يرد النظام على ما جاء فيه من اتهامات خاصة وأنها صادرة من شخص كان نائبًا لرئيس الجمهورية المؤقت عدلي منصور، مشيرًا إلى أن الرد عليه بالسباب والسخرية لن يكون مجديًا.
وبالرغم من تقليل البعض لمسألة توقيت البيان، وأن البرادعي أراد مخاطبة المصريين بعد سخونة الهجمة الشرسة عليه وضده، لكشف الحقائق والملابسات التي تبرئ ساحته، إلا أن تزامن هذا البيان بما يحتويه من معلومات خطيرة وتفاصيل غابت عن المصريين منذ 2013 وحتى الآن، مع دعوات التظاهر يوم 11/11 لا شك وأنها ستلقي بظلالها على المشهد السياسي خاصة وأن للبرادعي شريحة لا يستهان بها من مؤيديه ومريديه، خاصة بعدما نشر بشأن ترحيب إخواني بهذا البيان وفتح الباب لجميع الفصائل للانضمام لتوحيد القوى الثورية المعارضة من جديد.
ترحيب إخواني
تباينت ردود فعل قيادات جماعة الإخوان المسلمين حيال البيان، ما بين الترحيب والترقب، حيث أعلن الدكتور جمال عبد الستار الأمين العام لرابطة علماء أهل السنة والقيادي بالجماعة، ترحبيه بالبيان قائلاً: “رغم أنني اختلف مع البرادعي سياسيًا بشكل كبير، إلا أنني أرى أن الأمر الظاهر أمامي أنه وقف إلى حد كبير ضد إسالة الدماء، ولم يتورط في جريمة سفكها، ومرحبًا به وبكل من لم تلوث أيديهم في جريمة قتل أبناء الشعب أيًا كان دينه أو توجهه السياسي، ومصر سيبقى فيها الاختلاف وكل اختلاف مقبول التعامل معه ما دام لم يتورط في سفك الدماء”.
وأضاف عبد الستار: “من الواضح الآن أن هناك ترتيبات جديدة في المنطقة، مما يؤكد على اقتراب مرحلة جديدة ظهرت ملامحها عبر هذا البيان، لافتًا إلى أن البرادعي يحاول أن يبرئ نفسه ليكون له مكان في المرحلة القادمة خاصة بعد فشل الانقلاب، رغم أنه جاء متأخرًا جدًا لكنه يعلم أن هناك شيء يحدث فخرج بهذا البيان في ذلك الوقت بهذا الشكل”
من الواضح الآن أن هناك ترتيبات جديدة في المنطقة، مما يؤكد على اقتراب مرحلة جديدة ظهرت ملامحها عبر هذا البيان
أما الحقوقي هيثم أبو خليل الناشط المؤيد للجماعة، فقد لام على البرادعي تأخر الإفصاح عن هذه المعلومات، متهمًا إياه أنه ما تحرك إلا حين تعرض لحملة شرسة من الإعلام والسياسيين المؤيدين للنظام الحالي.
خليل في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” قال: البرادعي تذكر بعد 40 شهرًا يطلع بيان توضيح علشان الانحطاط الذي يمارس ضده لكن ما حدث من مجازر وانتهاكات لعموم الشعب لم تلفت انتباهه ولم تحتج لتوضيح.
البرادعي تذكربعد٤٠شهر يطلع بيان توضيح علشان الإنحطاط الذي يمارس ضده لكن ماحدث من مجازروانتهاكات لعموم الشعب لم تلفت إنتباهه ولم تحتاج لتوضيح
— Haytham Abokhalil (@haythamabokhal1) November 1, 2016
بينما كان للمؤرخ محمد الجوادي رأي آخر، حيث نشر عبر صفحته الشخصية على “فيس بوك” بيانًا آخر، اسمّاه (بيان البرادعي كما يجب أن يكون) قدم فيه صياغة مختلفة عما جاء في بيان البرادعي، طالبه فيه بالاعتذار عما بدر منه طيلة السنوات الماضية، والاعتراف بالتمويل المقدم لتشويه الثورة ورجالها وقيادات الإخوان.
واختتم بيانه البديل بـ: “وأنفقنا (وأنفقت لنا) المليارات على ماكينة الإعلام لكن الحق بطبعه أبلج، وتورطنا (كتابة وبتوقيعاتنا) بسوء أفعالنا في رابعة، ونحن نظنها قاضية فإذا هي قاضية علينا نحن، وكان من حسن حظي بفضل دعاء والدتي على ما أعتقد أن وجه إليّ مفكر مصري مرموق النصح على الهواء بأن أهرب من العار وألا أكون كأحمد زيور باشا الذي شالوه فانشال وحطوه فانحط واستحلفني بروح أبي، وقد انتصحت بنصحه رغم أني كنت في جاه المنصب والسلطان والهيلمان والضلال، وها أنذا اليوم بعد كل ما علمتم وسمعتم ورأيتم على مدى أربعين شهرًا أحاول التوبة من الضلال فساعدوني، لا أقول لكم: سامحوني فأنا لا أستحق، ولكن القول: ابتهلوا إلى الله أن يقبل توبتي فإن ذنبي كبير”.
تزامن البيان مع دعوات التظاهر 11/11 علامة استفهام
كذب ومحاولة للعودة للمشهد
وفي المقابل شنّ عدد من النشطاء والسياسيين والإعلاميين حملة شرسة ضد البرادعي، متهمين إياه بالكذب والتضليل، متسائلين عن توقيت إصدار البيان، كما جاء على لسان محمود بدر، أحد مؤسسي حركة تمرد: “لا أفهم معنى التوقيت الذي أصدر فيه البرداعي البيان الأخير قبل دعوات التحريض في 11 نوفمبر، ما يضع علامات استفهام كثيرة”.
بدر أضاف “أنا من طالب باحتجاز محمد مرسي، وأقسم بالله الدكتور البرادعي شخصيًا طلب مني لقاء كاترين آشتون لإقناعها بأن الإخوان مسلحون”، مشيرًا أن السيسي كان يرى في 3 يوليو إجراء استفتاء على انتخابات مبكرة، بينما كان رأي البرادعي عزل مرسي.
وتابع: “كنت أول من رد على الرئيس السيسي ورفضت فكرة الاستفتاء، وأنه لا بد من العزل، وطلبت ضرورة احتجاز محمد مرسي، والبرادعي لم يعارضني”.
وفي السياق نفسه أشار محمد عبد العزيز، أحد قياديي “تمرد” إلى علم البرادعي باحتجاز مرسي قبل بيان 3 يوليو، وأنه هو من رفض إجراء استفتاء على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، مشيرًا إلى أن صياغة خارطة الطريق لم تتم على عجل كما قال البرادعي في بيانه، مؤكدًا أنه تم الاتفاق على كل تفاصيلها معه.
بدر: كنت أول من رد على الرئيس السيسي ورفضت فكرة الاستفتاء، وأنه لا بد من العزل، وطلبت ضرورة احتجاز محمد مرسي، والبرادعي لم يعارضني
وأضاف أن البرادعي أكد لكاثرين أشتون وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي علمه أن اعتصام رابعة مسلح، متسائلاً “إذا كان لديه كل هذه الحقائق من وجهة نظره لماذا لم يكتبها في نص استقالته ويتذكرها الآن”؟.
كما شنّ الإعلامي خالد صلاح، رئيس تحرير اليوم السابع، هجومًا حادًا على البيان قائلاً: “إن البرادعي يلعق أحذية الغرب وأمريكا، ولا يظهر إلا وقت الأزمات في مصر”، مضيفًا: “البرادعي سابنا في وقت الأزمة وهرب على أمريكا يعني الراجل ده خاين”.
وأردف صلاح: “البرادعي لم يقدم لمصر إلا مجموعة تغريدات على تويتر، وكان بيتعامل بالجزمة مع كل الناس، وفشل في لم شمل الشباب حوله، وكان سبب في تفكيك جبهة إنقاذ مصر”.
أما مصطفى بكري، النائب والإعلامي المقرب من جميع الأنظمة، فقال في تصريحات له: “البرادعي يتجاوز كل الحقائق ويتبنى الكذب كوسيلة حياة، لافتًا إلى أنه كان على علم ودراية كاملة باحتجاز مرسي، متهمًا إياه بتحريض المجتمع الدولي للضغط على السلطات المصرية، ملفتًا أن سبب استقالة البرادعي هو عدم حصوله على المنصب الذي كان يريده (رئيسًا للوزراء) وأنه وجد نفسه مهمشًا.
أما الإعلامي أحمد موسى فقد وصف ما جاء في البيان بالإفك والزور والأكاذيب، متسائلاً عن توقيت هذا البيان، الذي جاء بعد 3 سنوات، مضيفًا: البرادعي يدعو للمصالحة مع الجماعة الإرهابية وهدفه إدماج الجماعة الإرهابية في الحياة السياسية مرة أخرى.
أما على مواقع التواصل الاجتماعي فقد دشّن نشطاء هاشتاج يحمل إسم #حط_البرادعي_في_فيلم، للسخرية من بيان البرادعي الأخير.
#حط_البرادعى_فى_فيلم
كداب ومنافق وحرامى ?#جبهة_شعب_مصر pic.twitter.com/ztvkaGwIKo
— مقاتله من اجل مصر✌ (@Egypt_Memooo) November 2, 2016
#حط_البرادعي_في_فيلم
ليلة سقوط البرادعي??
— الدياسطي سمير (@imfree20001) November 2, 2016
مجزرة رابعة و11/11
سؤال آخر يفرض نفسه بقوة: لماذا مجزرة رابعة هي التي أولاها البرادعي اهتمامًا في بيانه الأخير؟ علمًا بأنه قد سبقها العديد من الحوادث الأخرى، منها مجزرة الحرس الجمهوري، والمنصة، ومن بعدها مسجد الفتح ومصطفى محمود، ومع ذلك لم يتفوه مؤسس جبهة الإنقاذ بكلمة واحدة طيلة السنوات الثلاث الماضية.
40 شهرًا قضاها البرادعي مرتاح الضمير هادئ النفس مستكين الروح، ثم فجأة تذكر أن هناك مجزرة قد تمت بميدان رابعة العدوية، مع العلم أنه قد صرح قبل ذلك حسبما جاء على لسان بعض قيادي جبهة الإنقاذ وحركة “تمرد” أنه على علم بأن الاعتصام كان مسلحًا، وهو ما يقودنا للحديث عن تظاهرات 11/11.
المؤشرات في معظمها تلمح بأن مآرب أخرى للبيان غير الذي تم الإفصاح عنه، أهمها محاولة البرادعي للعودة للحياة السياسة من جديد، مستغلاً السخط الشعبي الشديد تجاه النظام الحالي بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية.
النائب البرلماني السابق محمد العمدة، في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي”تويتر” قال: عندما يصدر بيان براءته من الانقلاب بعد ثلاث سنوات من وقوعه فهذا يعني أن أمريكا تعيد تلميع أحد رجالها تحسبًا لنتائج ثورة الغلابة
بينما الإعلامي معتز الدمرداش علق على ما ورد قائلاً: ﺑﻴﺎﻥ #ﺍﻟﺒﺮﺍﺩﻋﻲ ﺑﻴﺄﻛﺪ ﺃﻧﻪ ﺑﻴﻘﺪﻡ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺮﺓ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻛﻨﻤﻮﺫﺝ ﻟﻀﺒﻊ ﻣﺤﺘﺮﻑ ﻳﺪﻣﻦ ﺃﻛﻞ ﺍﻟﺠﻴﻔﺔ.
أما محمد الديب عضو حزب “الوسط”، فأشار إلى أن البيان “ممتاز ولكنه تأخر كثيرًا في إصداره”، مضيفًا: “ولكن خطورة البيان تكمن في إصداره قبل 11 نوفمبر والمعروفة إعلاميًا ثورة الغلابة، وأن هناك شيء يحدث داخل الغرف المغلقة في الداخل وبمساعدة الخارج”.
بينما اعتبر أحمد بهاء الدين شعبان، رئيس الحزب الاشتراكي المصري، بيان البرادعي بأنه محاولة للعودة للمشهد المصري مرة أخرى، بعدما كادت أسهمه السياسية تحترق في الفترة الماضية، لافتًا إلى أن هروبه من الوطن وتركه لمنصبة في ذلك التوقيت كان إساءة إلى مصر.
وأضاف بهاء الدين: “البرادعي ذكي ويفهم جيدًا أن هناك مشكلات في المجتمع، وأن هناك دعاوى لتفجير الأوضاع في البلاد، وبالتالي يسعى لاستغلال هذا الأمر واستعادة موقعه الذي خسره”.
مما سبق وبعيدًا عن تأويلات ما يمكن أن يتمخض عن هذا البيان من تحريك للمياه الراكدة في المشهد الثوري المصري، إلا أن النقطة الأكثر أهمية تتمثل في خطورة ما ورد من معلومات وتسريبات كفيلة بأن تعيد رسم خارطة الوعي الجماهيري من جديد حيال تلك الفترة التي روج لها الإعلام على عكس ما حدث تمامًا، ومن ثم كان لها دور بالغ الخطورة فيما حدث بعد ذلك من إحداث الفتنة بين المصريين وإراقة الدماء باسم الوطنية هنا وهناك، فهل يتم التعامل مع هذا البيان بجدية للكشف عن حقيقة كواليس ما حدث إبان 3 يوليو وما بعدها، أم يتوقف الأمر عند الحديث عن حقيقة البرادعي وتآمره على الدولة وخيانته لوطنه، ودعمه من قبل الإخوان والقوى الدولية كما حدث مع سائق التوك توك وعجوز بورسعيد وغيرهم لتتبخر معها الحقائق كما تبخرت في السابق دون أي رد فعل حقيقي؟