موريتانيا.. أزمة سياسية في الأفق مع اتهام المعارضة للموالاة بالسعي لتعديل الدستور

تشير عديد من المؤشرات في موريتانيا إلى اتجاه البلاد لأزمة سياسية كبيرة، رغم تطمينات الرئيس وتأكيده مرارًا على عزمه استفتاء الشعب في أي تعديل مرتقب للدستور وعدم مساسه بمقومات الجمهورية.
مظاهرات منددة بتوصيات الحوار
تظاهر آلاف الأشخاص، نهاية الأسبوع الماضي، في نواكشوط بدعوة من المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، ضد تعديلات دستورية مرتقبة في موريتانيا أفرزها الحوار الشامل الذي انتهى في الـ21 من أكتوبر الماضي، وطالب المتظاهرون بعدم التلاعب بالدستور والمساس برموز الجمهورية وإيقاف الفوضى والفساد وفق شعارات المسيرة.
يصف قادة المعارضة الموريتانية مخرجات الحوار بأنها هزيلة وتتجاهل مطالب الشعب
وشهدت موريتانيا الشهر المنقضي تنظيم حوار وطني شارك فيه حوالي 600 شخص، ممثلين عن عدد من الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية وبعض هيئات المجتمع المدني، فيما قاطعه منتدى المعارضة – الذي يضم 14 حزبًا سياسيًا وهيئات نقابية ومنظمات مجتمع مدني، بالإضافة إلى حزب تكتل القوى الديمقراطية الذي يقوده زعيم المعارضة السابق أحمد ولد داداه، وانسحب منه في منتصف الطريق، التحالف الشعبي بقيادة مسعود ولد بلخير.
وأفرز الحوار عدة مقترحات لتعديل الدستور، منها إلغاء مجلس الشيوخ واستبداله بمجالس محلية (مجالس جهوية منتخبة)، بالإضافة إلى الاتفاق على تنظيم انتخابات برلمانية وبلدية مبكرة وتغيير علم البلاد ونشيده وإجراء استفتاء دستوري بشأن تعديلات دستورية قبل نهاية العام الجاري.
ويصف قادة المعارضة الموريتانية مخرجات الحوار بأنها هزيلة، وتتجاهل مطالب الشعب الذي يعاني من الغلاء وسوء الأوضاع الاقتصادية، فيما دعا رئيس المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة الشيخ سيد أحمد ولد بابامين، الرئيس محمد ولد عبد العزيز إلى التوقف عما أسماه “ازدراء الشعب وعدم الاستماع له”.
تطمينات الرئيس لم تجد
ورغم إعلان الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز عدم نيته الترشح لفترة ثالثة، فإن ذلك لم يؤثر في موقف المعارضة المقاطعة منه. وفاز محمد ولد عبد العزيز الذي وصل إلى السلطة للمرة الأولى في انقلاب العام 2008 بفترة ثانية مدتها خمس سنوات بنسبة 82% من الأصوات في 2014، ويمنعه الدستور طبقًا للمادتين 26 و28 واللتين تم تحصينهما بالمادة 99 من الترشح لفترة أخرى.
يخشى الموريتانيّون أن يشعل اقتراح تغيير العلم والنشيد فتيل عديد من المشكلات التي لا طائل منها
ويقول عدد من أحزاب المعارضة الموريتانية، إن التعديلات الدستورية التي اقترحها الحوار تلغي التوازن بين السلطات، وتعطي المزيد من الصلاحيات لرئيس الجمهورية، وتمس العلم والنشيد الوطنيين.
ويخشى الموريتانيّون أن يشعل اقتراح تغيير العلم والنشيد فتيل عديد من المشكلات التي لا طائل منها حسب قولهم، ويرى بعضهم أن تغيير العلم والنشيد ليس أولوية بالنسبة للموريتانيّين حاليًا، لأنّ المرحلة تفرض الحفاظ على المكتسبات المعنوية والمادية، وسيؤدّي فقط إلى احتدام الجدال والصراع بين دعاة التغيير والرافضين له.
وتضمنت توصيات الحوار، مقترحًا بتغيير النشيد مع الإبقاء على البعد الديني فيه، أما العَلَم فاقترحت التوصيات تغييره بالإشارة فيه إلى تخليد مقاومة الاستعمار، وتم اعتماد النشيد الموريتاني عام 1960 بعد استقلال البلاد عن فرنسا، ولحّنه الفنان الموريتاني سيدات ولد آب، بالتعاون مع ملحن فرنسي.
من جهتها اعتبرت “مؤسسة المعارضة الديمقراطية” (هيئة قانونية تتشكل من أحزاب المعارضة الممثلة في البرلمان، ويتولى زعامتها الحزب الحاصل على أكبر عدد من النواب في الجمعية الوطنية من بين أحزاب المعارضة) أن تنظيم حوار شامل جدي يشارك فيه الجميع، هو السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار في البلاد، والخروج من الأزمة التي تعيشها موريتانيا منذ سنوات عديدة.
تحذيرات من موجة عنف
في سياق متصل نشر مركز “إنتربرايز” الأمريكي للبحوث، مؤخرًا، تقريرًا عن احتمال تعرض موريتانيا لموجة عنف وعدم استقرار، واعتبر التقرير “أن موريتانيا والجزائر تواجهان حالة من عدم الاستقرار، وأن موجة الربيع العربي الثانية ستشملهما” ،وأضاف أن موريتانيا ستصبح أول دولة غير مستقرة في القريب العاجل تتبعها الجزائر في ذلك ،ونقل مركز إنتربرايز تحليلاته عن أحد ضباط الجيش الأمريكي المسؤولين عن اختيار الجنود الذين يتم إرسالهم إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
بدورها، أبلغت السفارة الأمريكية في نواكشوط، الجمعة، مواطنيها أنها تلقت معلومات من الإدارة الأمريكية تفيد بمخطط لتنظيم الدولة الإسلامية يستهدف الرعايا الأمريكيين في العاصمة الموريتانية نواكشوط.
دعت السفارة جميع الأمريكيين المقيمين بنواكشوط إلى توخى الحذر وإغلاق المنازل وتأمين السيارات
وأكدت السفارة في بيان نشرته على موقعها أن المعلومات تم الحصول عليها بعد رصد سلسلة مكالمات لقيادة تنظيم داعش، يدعو فيها التنظيم أتباعه لاستهداف الرعايا الأمريكيين في أكثر من نقطة حول العالم، ودعت السفارة جميع الأمريكيين المقيمين بنواكشوط إلى توخي الحذر وإغلاق المنازل وتأمين السيارات والانتباه بقوة للمخاطر المحدقة، وتجنب الجلوس في المناطق المكشوفة على الأزقة والشوارع، والحذر من ارتياد الأماكن التي يتردد عليها رعايا الدول الغربية في نواكشوط.
من جانبها، نصحت المملكة المتحدة رعاياها بعد السفر فى الوقت الراهن إلى موريتانيا، قائلة إن مخاطر جمة تواجه الرعايا الغربيين داخل مناطق واسعة من البلد، ودعت المملكة رعاياها إلى عدم التوجه إلى تيرس أو آدرار أو الحوضين أو لعصابه أو تكانت أو غيدي ماغه، وطالبتهم بالتحرك فى العاصمة نواكشوط بحذر، وكذلك العاصمة الاقتصادية نواذيبو، وبمتابعة وسائل الإعلام المحلية والاتصال بمصالحها فى الرباط أو أي سفارة للاتحاد الأوروبى فى نواكشوط من أجل اتخاذ التدابير اللازمة.