ترجمة وتحرير نون بوست
تبدأ قصتنا مع الشاب المغربي الأمازيغي من منطقة الريف في مدينة حسيمة بشمال المغرب، كان محسن فقيرًا جدًا مثل أغلب المغربيين، ولأنه من منطقة الريف، فهذا يعني أنه ريفي وأمازيغي في الوقت نفسه، خاصة وأنها منطقة جبلية تقع شمال المغرب يقطنها غالبية من الأمازيغ، وهي إحدى المناطق غير العربية التي همشتها الحكومة بالكامل، حتى إن بعض المدن بها لا يوجد بها كهرباء ولا ماء صالح للشراب ولا حتى مستشفيات.
قبض المخزن (شرطة المغرب) على محسن، الذي كان يعمل صيادًا، يوم الجمعة في أثناء محاولته بيع “سمك أبو سيف” الذي تحصل عليه بطريقة غير مشروعة، وصادر هذا السمك.
مثل باقي الهيئات الحكومية، كانت الشرطة أيضًا هيئة فاسدة، وبتحفيز من رواتبهم الضعيفة أو فقط بالحقد الذي يملأ قلوبهم، يجبرون المواطنين على دفع أموال إضافية من أجل التغاضي عن مخالفاتهم.
كما قلنا، كان محسن رجلاً متواضعًا، بالكاد يجمع بعض المال له ولعائلته، كان صيد السمك قوته الوحيد حتى يعيل عائلته، في بلد يصعب فيه العثور على مورد رزق كريم، وعندما طلبت منه الشرطة بعض المال مقابل التكتم عن مخالفته، والسماح له ببيع بعض السمك، بدا جليًا أن جيوبه كانت خاوية من المال.
شرعت الشرطة برمي كل السمك الذي كان بحوزته في أقرب عربة لجمع القمامة، شاهد محسن، الذي كان برفقة أربعة من أصدقائه، جهده يرمى في القمامة، فارتمى داخل العربة محاولاً إنقاذ بعض السمك عسى أن يستطيع بيعه حتى يعيل نفسه وعائلته، التي لا عائل لها، بعد الله، سواه.
تفاجأت الشرطة بما قام به، وتصرفت معه بشكل بشع جدًا، فذهبوا إلى مؤخرة عربة القمامة وشغلوا آلة العصر على محسن ومن كان معه في العربة، تمكن جميعهم من القفز من العربة باستثناء محسن الذي حبس في الداخل، بحسب ما أظهره مقطع الفيديو، أمرت الشرطة سائق العربة بالضغط على زر التشغيل وعصر القمامة، وهم يقولون بالدارجة المغربية “اطحن أمو”، وعلى الرغم من تعالي الصرخات بإيقاف الآلة، إلا أنه كان قد فات الأوان، ومات محسن فكري.
“يمكن أن يحدث هذا لأي منا“
تتكرر مثل هذه الممارسات في المغرب، ولكنها لم توثق بالفيديو مثل هذه الحالة، وحتى إن وثقت فهم يتحكمون بالإعلام ويجبرونه على عدم التحدث عنها، وهذه هي أحد الأسباب التي تجعل العديد من المغربيين حائرين بشأن عديد من المواضيع التي تتعلق بدولتهم، فالحكومة لا تظهر أي شيء يقف ضدها أو ضد الملك محمد السادس.
فتح موت هذا الرجل الأمازيغي أعين أمة بأكملها وجعل الشعب يصيح صيحة واحدة “هذا يكفي”، فقد غادر في يوم الأحد الآلاف من سكان الحسيمة منازلهم ومشوا مع بعض في الشوارع للتظاهر وإبداء غضبهم حول تلك الحادثة.
وقد قال أحد المتظاهرين، في فيديو بث مباشرة على شبكة الإنترنت: “إن حصل هذا له، فهو قد يحصل معنا أيضًا، يجب أن يتوقف هذا، هذا ظلم”.
خرج المغاربة في مسيرة من مدينته إلى قرية تدعى “إمزورن”، التي كانت تبعد 22 كيلومترًا عن المدينة من أجل حضور جنازة فكري وإظهار دعمهم لعائلته، كما أغلقت كل المحالات في الحسيمة، وعرضت سيارة الأجرة نقل الناس إلى الجنازة مجانًا تعاطفًا مع عائلة محسن.
إن معاناة الأمازيغ في المغرب أمر يومي، فأساليب الحكومة الهمجية، استهدفت كل الشعب الأمازيغي، ومعاملته، ولغته، وثقافته، وقدمته على أنه شعب ينتمي إلى “عادات همجية”.
لم تكن حادثة مقتل محسن سوى “القشة التي قصمت ظهر البعير”، وجعلت الناس تشعر بالضجر هنا من الوضع في المغرب، وعلى الرغم من أن أحداث العنف قد تبدو أكثر وقوعًا في المناطق المهمشة، إلا أن همجية الشرطة تطال كل المناطق في المغرب، لا أحد في مأمن، ولهذا السبب يتظاهر الناس الآن أمام المباني الحكومية في كل مدن المغرب مطالبين بالتغيير، تعاطفت عدة مدن مع محسن ومع المنطقة الريف وطلبت من الحكومة الاعتناء بالشعب.
لا خوف بعد اليوم ونحن مستعدون للقتال
في الأثناء، يستمتع الملك السادس برحلة في إفريقيا، شاهده الشعب وهو يتجول في محلات المجوهرات، وبلا شك فهو يبذر أموال الشعب المغربي، الذي يوجد من بينهم من لا يستطيع توفير ثمن الدواء أو تكاليف إرسال أبنائه للمدرسة، وبالطبع، لم ينطق الملك بكلمة حول ما يقع في بلاده.
كان الشعب المغربي وما زال ينتظر قيام ثورة في بلده، ولكن القمع والخوف هما العائقان أمام حريته، ولكن هذه المرة تغير الوضع، فلم يسبق أن حدث مثل هذا في المغرب.
ذهب الخوف عن الناس وأصبحوا مستعدين للقتال من أجل ما يريدون، ألا وهي جمهورية إسلامية ديمقراطية، وليس حكمًا ملكيًا فاسدًا مثل الذي يحكمهم الآن، لا يريدون حكمًا ملكيًا تأسس على سلالة العلويين، التي كانت رمزًا للخيانة خلال فترة الاستعمار، وباعت بلدنا للمستعمر، وحتى اليوم تعمل لصالحها الخاص ولا يريدون سلالة تقف دائمًا إلى جانب الغرب.
مع كل ما قلناه، نأمل أن يجلب موت محسن التغيير للدولة الجميلة، دولة المغرب.
المصدر: ميدل إيست آي