عبّر زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي في أول رسالة صوتية له مدتها 31 دقيقة عنوانها “هذا ما وعد الله ورسوله” عن ثقته بالنصر، ودعا مقاتليه لعدم الانسحاب من الموصل وغزو الأراضي التركية.
يعتبر هذا الخطاب الأول له بعد بدء معركة الموصل في 16 أكتوبر/ تشرين الأول التي انطلقت بدعم من الولايات المتحدة لاستعادة آخر وأكبر معاقل التنظيم في العراق.
هل يكون آخر خطاب للبغدادي؟
تعد آخر رسالة صوتية للبغدادي في ديسمبر/ كانون الأول 2015، بينما جاءت هذه الرسالة الثانية لتثبت عدم صحة تقارير سابقة حول إصابة البغدادي أو مقتله بغارات التحالف الدولي، وثانيًا جاءت لتؤكد أن البغدادي على رأس المقاتلين في الموصل وحاضرًا في المعركة المصيرية بالنسبة للتنظيم، وأن خروجه بتسجيل صوتي في هذا التوقيت بالذات دلالة على احتدام المعركة في ظل وصول الجيش العراقي لأطراف الموصل، ومدى أهمية المعركة والموصل بالنسبة للتنظيم.
سيكون من الصعب التنبؤ أن هذا الخطاب للبغدادي سيكون الأخير أم لا! الإندبندنت أشارت أن قتل البغدادي يعني انهيار كل التنظيم، وسيتعين على التنظيم اختيار خليفة جديد في خضم المعركة، لكن لن يكون لأي خليفة الحجة والهيبة التي لدى البغدادي.
لكن يجدر التنويه أن وجود البغدادي في الموصل يعني أن المعركة لن تكون سهلة على الجيش العراقي لأن أتباع التنظيم سيدافعون عنه حتى الموت ووجوده حول المقاتلين سيطيل أمد معركة استعادة المدينة، وبحسب الصحيفة فإن عددًا هائلًا من الأنفاق قام التنظيم بحفرها في المدينة بغرض توفير أماكن للاختباء في القرى المحيطة بالموصل.
وذكر البغدادي أن “الخلافة ما تعثرت” بمقتل بعض كبار قادة الدولة الإسلامية وخص بالذكر أبو محمد العدناني وأبو محمد الفرقان اللذين قتلا في وقت سابق هذا العام في ضربات جوية أمريكية.
ولم ينس البغدادي إرسال رسالة طمأنة لمناصريه من الحاضنة الشعبية والمقاتلين معبرًا عن ثقته بالنصر وانتصار التنظيم على الحملة الدولية لاستعادة الموصل، ذاكرًا أن هذه “المعركة المستعرة والحرب الشاملة والجهاد الكبير الذي تخوضه دولة الإسلام اليوم ما تزيدنا إلا إيمانًا ثابتًا ويقينًا راسخًا بأن ذلك كله ما هو إلا تقدمة للنصر المكين”.
غزو تركيا
خلا تسجيل البغدادي من ذكر إيران متجاهلًا تدخلات إيران في العراق وسورية ولبنان ومناطق أخرى وزجها بميليشاتها المقاتلة في المنطقة لخدمة أجنداتها التوسعية وتطبيق أجنداتها على الرغم من أن ميليشياتها تحارب تنظيم الدولة في العراق (الحشد الشعبي وفي سورية حزب الله).
بينما صب البغدادي في تسجيله الصوتي جام غضبه على الدول التي تشن هجمات على تنظيم الدولة، وخص بالذكر تركيا، داعيًا مناصريه إلى غزو تركيا وإطلاق نار غضبهم على القوات التركية التي تقاتلهم في سورية ونقل المعركة إلى تركيا، وذكر في التسجيل “لقد دخلت تركيا اليوم في دائرة عملكم ومشروع جهادكم فاستعينوا بالله واغزوها واجعلوا أمنها فزعًا ورخاءها هلعًا ثم أدرجوها في مناطق صراعكم الملتهبة”.
دعا البغدادي مناصريه لغزو تركيا وإطلاق نار غضبهم على القوات التركية التي تقاتلهم في سورية ونقل المعركة إلى تركيا
وكانت تركيا أمس الأربعاء أرسلت تعزيزات إلى ولاية كليس التركية الحدودية مع سورية لدعم الوحدات العسكرية المتمركزة هناك، ووصل وزير الدفاع التركي فكري إيشق برفقة قائد القوات البرية بزيارة تفقدية لقوات بلاده على الحدود مع سورية، والنظر في آخر تطورات عملية درع الفرات التي تقودها أنقرة داخل الأراضي السورية، وذكر إيشق بخصوص العملية المحتملة التي قد تشارك فيها “لا نهتم فقط بتحرير مدينة الرقة من داعش بل نولي اهتمامًا كبيرًا بالخطوة التي ستلي عملية تحرير المحافظة من هؤلاء الإرهابيين”.
وسبق لتركيا إرسال تعزيزات عسكرية إلى منطقة سيلوبي على الحدود مع العراق، حيث ذكر نائب رئيس الوزراء نعمان قورتولموش أن التعزيزات العسكرية على الحدود العراقية تأتي كإجراء احترازي وليس تهديدًا، وحث الحكومة العراقية على تخفيف التوترات بعد تحذير رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي من أن تركيا ستدفع ثمن أي توغل تجاه الموصل.
وفي آخر المستجدات على صعيد معركة الموصل فقد سيطرت القوات العراقية على الطريق الرابط بين جنوب الموصل والعاصمة بغداد حسب مصادر أمنية، وسبق تحريرها لقرية الخورطة من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية في المحور الجنوبي للموصل، يُذكر أن المحور الجنوبي للموصل يعد من أكثر المحاور صعوبة حيث تحيط به عدة جيوب خاضعة لسيطرة داعش على غرار الحويجة.
كما دعا البغدادي إلى شن هجمات على السعودية واستهداف قوات الأمن ومسؤولي الحكومة وأعضاء العائلة الحاكمة ووسائل الإعلام لمشاركتهم بالحرب على الإسلام والسنة في العراق والشام، بحسب تعبيره، كما وصف الإخوان المسلمين بالشرذمة، زاعمًا أنهم رأس حربة مسمومة لحرب الخلافة ونعتهم بالكفار ومن المشركين وطائفة بلا دين لها.
وفي النهاية فإن مجريات المعركة على أرض الموصل تشير إلى تحقيق القوات العراقية تقدمًا سريعًا وإحراز انتصارات كبيرة على حساب التنظيم، ومن جهة ثانية فإن المجتمع الدولي اليوم بات يعطي أهمية كبيرة لمسألة فرار قوات التنظيم إلى مدينة الرقة في سورية بعد استعادة الموصل ما يدل على ثقة دولية كبيرة باستعادة آخر وأكبر معقل للتنظيم في العراق، في تلك اللحظة سيكون البغدادي نعى دولته في العراق في تسجيله الأخير.