كلف الرئيس اللبناني الجديد ميشال عون زعيم تيار المستقبل سعد الحريري بتشكيل الحكومة الجديدة بعد الاستشارات النيابية، بعد حصول الحريري في المشاورات النيابية على أغلبية البرلمان بحصوله على 112 صوتًا من أصل 127 صوت لتسميته وتكليفه بتشكيل الحكومة.
وخرج الحريري في مؤتمر صحافي أعرب فيه عن قبوله التكليف راجيًا أن تكون هذه اللحظة الإيجابية في تاريخ لبنان تضع حدًا لمعاناة الوطن والمواطنين التي استمرت طوال عامين ونصف العام من الشلل والجمود.
حكومة وفاق وطني
الحريري يتطلع للشروع في الاستشارات لتشكيل حكومة وفاق وطني تتخطى الانقسام وذكر أن تشكيل الحكومة سيمكن من معالجة الأزمات الاقتصادية والبيئية والأمنية والسياسية، وأضاف أن من حق اللبنانيين على الحكومة إعادة الثقة بلبنان أمام الجميع.
انتخاب رئيس للبنان ترك انطباعًا جيدًا في الأوساط الاقتصادية المتضرر الأكبر من الفراغ الرئاسي في العامين والنصف الماضية، حيث ارتفع الدين العام وانخفضت إيرادات الدولة وركود في الاقتصاد إذ لم يتعدى النمو الاقتصادي 2% في أحسن الأحوال.
لذا وبعد انتخاب رئيسًا للجمهورية واختيار سعد الحريري لتشكيل الحكومة فإن لبنان بانتظار اختيار تشكيلة الحكومة التي تحتاجها البلاد بحاجة سريعة، فعلى حد وصف أحد النواب اللبنانيين فإن انتخاب الرئيس فقط لا يكفي للخروج من الأزمة التي يغرق فيها لبنان فالوضعين المالي والاقتصادي وصلا إلى حد “الكارثة”.
وغني عن الذكر أن من أولى أولويات لبنان لتحقيق نهضة اقتصادية تتطلب استقرارًا سياسيا وأن من أسباب إعلان الحريري مؤخرًا تأييد عون لمنصب الرئاسة هي “اقتصادية ونقدية واجتماعية” كما يشير لذلك عضو كتلة المستقبل عاطف مجدلاني للأناضول. بالإضافة إلى 3 نقاط رئيسية على عون المحافظة عليها وهي أن تكون الدولة قوية والتقيد بالنظام واتفاق الطائف وعروبة لبنان وتحييد لبنان عمّا يجري في سورية.
رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري
رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في لبنان محمد شقير ذكر أن الوضعين الاقتصادي والمالي حركا الجميع في لبنان بعد إيصال الشكوى للسياسين وتذكيرهم أن الوضع أصبح على شفير الهاوية، وأضاف أن “الجوع بات يهز أكبر كرسي والشارع قد يتحرك”.
بلغت نسبة البطالة في صفوف الشباب اللبنانيين نحو 40%
وقالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أمس الأربعاء أن الاقتصاد اللبناني ورغم انتهائه من المأزق الرئاسي بانتخاب ميشال عون رئيسًا للبلاد إلا أنه سيبقى مقيدًا لتوفير أسباب تحسن الاقتصاد اللبناني بسبب استمرار مخاطر ترسيخ بيئة أكثر فعالية وضعف المالية العامة وأخيرًا الحرب في جارتها سورية. وترى فيتش أن التوافق السياسي سيكون إيجابيًا لثقة المستهلك والاستثمار ونمو الودائع البنكية إذ أن نمو الودائع أمر أساسي لاستدامة استقرار الدين العام وعدم ارتفاعه.
ملفات اقتصادية عالقة
يعاني لبنان من ارتفاع نسبة الدين العام على الناتج المحلي الإجمالي إذ تبلغ النسبة 140% والذي صعد لأسباب عدة أهمها تباطؤ نسب النمو وتأثيرات الحرب في سورية، إذ دفعت الحرب في سورية لنزوح أكثر من مليون سوري إلى لبنان وهذا سبب ضغوطًا كبيرة على موازنة البلاد وبنيتها التحتية وتراجع السياحة الوافدة إلى لبنان بسبب التوترات الأمنية.
وحسب البيانات والإحصائات لجمعية المصارف اللبنانية فقد ارتفع الدين العام الإجمالي (الداخلي والخارجي) إلى 73.38 مليار دولار في شهر يونيو/ حزيران الماضي، كما فاق العجز في الميزان التجاري 5 مليارات دولار.
تبلغ نسبة الدين العام في لبنان 140% من الناتج المحلي الإجمالي
هذه الأوضاع انعكست سلبًا على معدلات البطالة والفقر والفساد بشكل كبير جدًا خلال الأعوام الماضية إذ بلغت نسبة البطالة في صفوف الشباب نحو 40% وبحسب الأمم المتحدة فإن هناك بين مليون ونصف يصنفون في خانة “ضعيف” أي أن أكثر من 60% من الشعب اللبناني في دائرة الخطر على المستوى المعيشي والفقر. ووصلت تكلفة الفساد في لبنان إلى نحو 10 مليارات دولار بحسب التقارير الدولية، كما يجدر التنويه أن الموازمة المالية للبنان غائبة منذ العام 2005.
هذا بالنسبة للمؤشرات الرئيسية في الاقتصاد، أما المشاكل الأخرى العالقة فهي تحتاج أن تكون من أولويات الرئيس والحكومة القادمة وهي النفايات في الطرقات وانقطاع الكهرباء وشح المياه بسبب الأعطال المستمرة في الشركات والهدر الحاصل فيها والذي يصل لما بين 30- 40%.
حل هذه الملفات الاقتصادية هو الدافع الرئيسي الذي سينشل لبنان مما هو فيه علمًا أن لبنان لا يمكن أن تحل كل تلك المشاكل لارتباط بعضها بأمور إقليمية ودولية لا يمكن التأثير فيها كما في الأزمة سورية.