طالبت هذه المحافظات الست وعلى مدار أكثر من عام كامل بحقوق كان أبرزها إطلاق سراح المعتقلين الأبرياء وخصوصا النساء ، واعادة التوازن الى مؤسسات الدولة (التوازن بين السنة والشيعة) وإلغاء “المادة 4 إرهاب” والمخبر السري وغيرها .
كان أبرز ما ميز هذه الإعتصامات السنية انها كانت سلمية وعلى مدار عام كامل رغم كل الضغوطات التي مورست عليها .
وفي لقاءات متعددة مع قادة الإعتصام أكدوا ان الحكومة العراقية تعاملت مع المطالب ومع المعتصمين بسلبية وتوتر ومن أول انطلاقها .
فقد وصف رئيس الوزراء نوري المالكي الإعتصامات بأنها “فتنة” وأنها “فقاعة” وقال “إنتهوا قبل أن تنهوا” وغيرها من عشرات التصريحات للسياسيين المحسوبين على الحكومة من أن هذه المظاهرات مدفوعة الثمن وأنها لن تطول وأنهم سيعولون على فصل الشتاء والصيف وستنتهي ، وأخرين قامروا بالتهديد ونوعية أخرى إتهمت المعتصمين بأنهم مدفوعي الأجر وعشرات التهم والتضليل من خلال الإعلام الحكومي او القريب من الحكومة .
والمراقب يقرأ ان الحكومة العراقية إعتمدت نوعين من السياسات في التعامل مع المعتصمين في فض الإعتصامات ، سياسة التسويف و سياسة الترهيب.
فقد شكلت عددا من اللجان لدراسة مطالب المعتصمين ، ووعدت من خلال هؤلاء الوسطاء (والذين اغلبهم ممثلين للحكومة) بتنفيذ المطالب المشروعة للمعتصمين على أساس ان هناك مطالب غير مشروعة وليس من مهمة الحكومة العراقية ، وإنتهت كل تلك الزيارات المكوكية بتسويف لكل المطالب ولم يتم تحقيق اي شيء وفق ما يراه قادة الإعتصام .
والسياسة الثانية المنتهجة من الحكومة العراقية هي سياسة الترهيب ، فقد أصدرت أوامر القاء قبض بحق معظم المتحدثين في ساحات ومنصات الإعتصام ، وإعتقلت عددا كبيرا مهم ، وركزت في الإعتقالات والتهجير على مناطق حزام بغداد (وهي مناطق عشائرية سنية في معظمها تحيط بالعاصمة بغداد) ، كذلك قتلت 6 من متظاهري الفلوجة ، واجتاحت ساحة إعتصام الحويجة في مجزرة كبيرة راح ضحيتها العشرات من المعتصمين السلميين وغيرها العشرات من الممارسات في هذا الجانب .
وبعد أن رأت الحكومة العراقية ان هاتين السياستين لم تجديا نفعا مع المعتصمين خاصة وان صبرها قد نفذ لجئت الى محاولة إنهاء ساحات الإعتصام بالقوة .
أحد أهم اسباب التوقيت في إجتياح ساحات الإعتصام كان قرب الإنتخابات البرلمانية في العراق ، وان شعبية رئيس الوزاء –كما يراها مراقبون- أصبحت ضعيفة جدا خاصة مع إنعدام الخدمات وتردي الوضع الأمني وتفشي الفساد المالي والاداري والإستياء العام من قطاعات واسعة من الشعب العراقي بأن الحكومة العراقية لم تستطع تقديم أي تقدم في أي مجال من مجالات الحياة .
في مقابل حرص رئيس الوزراء نوري المالكي الفوز بولاية ثالثة لرئاسة الوزراء ، فكان “الحرب على الارهاب” حافزا لصعود شعبيته لدى جمهوره وتحقيق الرئاسة الثالثة ، كما يرى ذلك مراقبون .
التهيئة لفض الإعتصام
هيئ رئيس الوزراء العراقي جمهوره للمعركة التي سيخوضها ضد المعتصمين في محافظة الأنبار ، فقد صرح من كربلاء بتصريحين خطيرين كما يصفهما محللون (يضمنان له دعاية انتخابية مبكرة) .
التصريح الأول قال فيه : “يجب أن تكون كربلاء هي قبلة العالم الإسلامي لأن فيها الحسين” .
والتصريح الثاني قال فيه : “المعركة لا زالت مستمرة بين أنصار “الحسين” وأنصار “يزيد””
كذلك هدد رئيس الوزراء بحرق خيام المعتصمين بعد أن عدّها مصدرا لتوليد الإرهاب وحمايته ، وأنها باتت تؤوي تنظيم القاعدة .
وقد لاقت هذه التصريحات إستنكارا واسعا من أبرز القوى السياسية في العراق بما فيها بعض التيارات الشيعية والتي عدوها دعاية إنتخابية مبكرة على حساب دماء الشعب العراقي ، وان على الحكومة ان تفرق بين “الإرهابيين” و”المعتصمين” ، ويجب على الحكومة تلبية مطالب أهالي المحافظات الستة السنية بدل الحديث عن حرب عليهم .