تحتل لعبة كرة اليد مكانةً مرموقةً بين الألعاب الجماعية، فهي اللعبة الشعبية الثانية في العديد من دول العالم المتطورة، كألمانيا والنمسا وفرنسا والسويد والدانمارك وغيرها، حيث يقدر عدد ممارسيها بحوالي 310 ملايين شخص، فيما يبلغ عدد الدول الأعضاء في الاتحاد الدولي لكرة اليد 204 دول من قارات العالم الخمس.
وفي مقالنا اليوم، سنسبر أغوار هذه الرياضة الشيقة، فنبحر في نشأتها وتاريخها، ونتوقف عند أبرز محطات تطورها، ونسرد بعضًا من أسسها وقوانينها، ونتعرف على أبرز بطولاتها وأبطالها، من خلال 12 سؤالًا وجوابًا تلخص سيرة لعبة كرة اليد.
1- ما أصل اللعبة؟
يُختلف في المنشأ القديم للعبة كرة اليد، فمنهم من ينسبها إلى أصول إغريقية، مستشهدًا بما جاء في ملحمة (الأوديسة) في القرن الثامن قبل الميلاد، من أن بنات الملوك ووصيفاتهن كن يلهين بتقاذف الكرة بين أيديهن، ومنهم من ينسبها إلى أصول مصرية فرعونية، مستشهدًا بما وجده المنقبون من نقوش أثرية، تعود إلى أكثر من 3000 عامًا قبل الميلاد، تُظهر مجموعةً من الأشخاص يتقاذفون الكرة بأيديهم، كما ورد وصف رياضة تدعى (Harpastum)، ضمن إحدى مؤلفات الطبيب الروماني (جالينوس)، وهي لعبة شبيهة بكرة اليد، اشتهرت لدى الرومان الذين عاشوا في القرون الميلادية الأولى.
الدانماركي هولجر نيلسن مؤسس كرة اليد الحديثة
2- متى ظهرت كرة اليد بشكلها الحديث؟
في أواخر القرن الـ19، قام الدانماركي هولجر نيلسن، وهو مدرس مادة الجمباز ضمن مدرسة مدينة (آردوب) الدانماركية، بابتكار لعبة جماعية أدخلها على منهاج مدرسته، تعتمد على تمرير الكرة باليد بهدف إيصالها إلى مرمى الخصم، وقد لاقت الفكرة نجاحًا كبيرًا، وراجت لدى أغلب مدارس وأندية الدانمارك والدول المجاورة، مما حدا بالمدرس العبقري إلى إصدار كتاب يُدعى (Handbold) عام 1906، شرح من خلاله قواعد لعبته الوليدة، التي شهدت أبرز مراحل تطورها عام 1917، حين قام مجموعة من مدرسي التربية الرياضية الألمان، يتقدمهم ماكس هيزر وكارل شيلنر، بإصدار كتاب يشرح قواعد كرة اليد الحديثة.
3- أين أقيمت أول مباراة دولية بكرة اليد؟
في برلين عام 1925، حيث تبارى منتخبا ألمانيا وبلجيكا على ملعب كرة قدم، طوله 110م وعرضه 65م، وكان عدد لاعبي كل فريق 11، بما فيهم حارس المرمى، وبقيت المباريات تقام على ملاعب عشبية مفتوحة حتى أواخر أربعينات القرن الماضي.
4- متى تأسس الاتحاد الدولي لكرة اليد؟
جرى عام 1928 في أمستردام الهولندية، تأسيس هيئة دولية لإدارة مباريات كرة اليد للهواة، وعنها انبثق الاتحاد الدولي لكرة اليد (IHF)، الذي تأسس رسميًا عام 1946 في كوبنهاغن الدانماركية، وضم في عضويته 8 دول فقط هي: السويد والنرويج وفنلندا وهولندا وفرنسا وسويسرا وبولندا، إضافةً إلى الدانمارك.
5- ما علاقة أدولف هتلر بكرة اليد؟
استغل الزعيم الألماني النازي، إقامة الدورة الأولمبية الصيفية في مدينة برلين الألمانية عام 1936، ليدرج اللعبة التي يعشقها ضمن منهاج الألعاب الأولمبية، حيث أقيمت فعاليات كرة اليد ضمن ملاعب مفتوحة، وانتهت بفوز المنتخب الألماني بالذهبية الأولمبية الأولى، وبعدها بعامين، وجه هتلر مسؤولي بلاده لاستضافة أول بطولة عالم بكرة اليد، حيث أقيمت البطولة على ملاعب مفتوحة أيضًا، وانتهت بفوز المنتخب الألماني باللقب.
6- ما أسس وقواعد كرة اليد الحالية؟
تمارس اللعبة ضمن صالة مغلقة، على ملعب تبلغ أبعاده 40×20 مترًا، مقسومًا إلى نصفين متساويين، في كل منهما مرمى مستطيل الشكل، يبلغ عرضه 3 أمتار وارتفاعه مترين، يحده قوس بعرض 6 أمتار، يشكل منطقة المرمى، وقوس آخر بعرض 9 أمتار يشكل منطقة الركلة الحرة.
ويتراوح وزن كرة اليد لدى الرجال بين 425 و475 غرامًا، وقطرها بين 58 و60 سنتيمترًا، فيما يقل وزن الكرة لدى النساء ليتراوح بين 325 و400 غرامًا، والقطر بين 54 و56 سنتيمترًا.
7- ما أهم قوانين اللعبة؟
يتشكل فريق كرة اليد الحالي من 7 لاعبين داخل الملعب، بينهم حارس مرمى، إضافةً إلى 5 لاعبين احتياطيين، قد يشاركون في أي وقت بما أن التبديل مفتوح، وتُقام المباراة على مدى ساعة كاملة تُلعب على شوطين متساويين، بينهما استراحة لمدة 10 دقائق، وقد تنتهي المباراة بالتعادل، ولكن في أدوار خروج المغلوب، يُلجأ للتمديد إلى شوطين إضافيين، مدة كل منهما 5 دقائق، ثم إلى ركلات الترجيح في حال استمرار التعادل، ويحق لكل مدرب طلب وقت مستقطع مدته دقيقة واحدة في كل شوط.
ويدير المباراة حكمان في الملعب وميقاتيان خارجه، ويحق للحكم توجيه إنذار للاعب عند ارتكابه مخالفة، ثم طرده من الملعب إذا تكررت مخالفاته، حيث يلعب فريقه بلاعب ناقص لمدة دقيقتين، قبل أن يدخل البديل.
8- متى أقيمت أول بطولة عالم لكرة اليد وفق الأسس والقوانين الحالية؟
عام 1954 في السويد، أقيمت أول بطولة عالم لكرة اليد داخل الصالات، وفاز بلقبها المنتخب السويدي، وظلت البطولة تقام كل 3 أو 4 سنوات حتى عام 1993، حيث اعتُمد على إقامتها كل عامين في السنوات الفردية، أما أول بطولة عالم للسيدات، فأقيمت عام 1957 في يوغسلافيا، وانتهت بفوز تشيكوسلوفاكيا بلقبها، وبقيت البطولة تقام بشكل غير منتظم حتى عام 1993، حيث أصبحت تقام كل عامين، بالتوازي مع بطولات الرجال.
9- من هم أبطال العالم بكرة اليد؟
يحمل المنتخب الفرنسي الرقم القياسي في عدد مرات الفوز ببطولات العالم للرجال، وذلك برصيد 5 ألقاب، متفوقًا على كل من السويد ورومانيا بفارق لقب واحد، علمًا بأنه أحرز خامس ألقابه خلال بطولة العالم الأخيرة التي استضافتها قطر عام 2015، وانتهت بفوز الفرنسيين بلقبها على حساب أصحاب الضيافة.
أما فيما يخص السيدات فتحمل الروسيات الرقم القياسي، بفوزهن 7 مرات بلقب بطولة العالم، منها 3 مرات تحت اسم الاتحاد السوفييتي، فيما تحتل الألمانيات المركز الثاني برصيد 4 ألقاب، ثم النرويجيات بـ3 ألقاب، كان آخرها في بطولة العالم الأخيرة التي استضافتها الدانمارك عام 2015، وحققت لقبها النرويج على حساب هولندا.
10- ماذا عن كرة اليد في الألعاب الأولمبية؟
بعد تواجدها في دورة برلين عام 1936 على ملاعب مفتوحة، غابت اللعبة عن الدورات الأولمبية حتى عام 1972، الذي شهد عودتها للظهور بشكلها الحالي، في منافسات الرجال فقط ضمن أولمبياد ميونيخ، واعتبارًا من دورة مونتريال عام 1976، أصبح لكرة اليد فعاليتان ثابتتان للرجال والنساء ضمن منهاج الألعاب الأولمبية الصيفية.
وتتصدر روسيا جدول ترتيب الميداليات الذهبية الخاصة بكرة اليد الأولمبية، بفوز رجالها بـ4 ذهبيات، وسيداتها بـ3 أخريات، علمًا بأن 5 من الذهبيات الروسية الـ7، جاءت تحت اسم الاتحاد السوفييتي، وقد شهدت منافسات أولمبياد ريو دي جانيرو الماضي، فوز رجال الدانمارك وسيدات روسيا بذهبيتي فعاليتي كرة اليد.
11- ما موقع كرة اليد العربية على الخريطة العالمية؟
رغم شعبية اللعبة المتنامية في معظم البلدان العربية، ولا سيما الإفريقية منها، لم تنجح منتخباتنا العربية في تسجيل أي إنجاز يُذكر ضمن منافسات كرة اليد في الألعاب الأولمبية.
أما على صعيد بطولات العالم، فقد كان إحراز المنتخب المصري المركز الرابع في بطولة عام 2001، والمنتخب التونسي المركز ذاته في بطولة عام 2005، يمثل أفضل الإنجازات العربية، حتى تمكن المنتخب القطري، الذي دعم صفوفه بعدد من اللاعبين الأجانب، من تحقيق إنجاز عالمي، تمثل ببلوغ المباراة النهائية لبطولة العالم الأخيرة التي استضافتها الدوحة عام 2015، والتي خسرها أمام المنتخب الفرنسي.
12- ما إنجازات اليد العربية على الصعيد القاري؟
على الصعيد الآسيوي، تمتلك المنتخبات العربية 6 ألقاب في تاريخها، منها 4 للمنتخب الكويتي الذي سيطر على اللعبة آسيويًا بين عامي 1995 و2006، ولقبان للمنتخب القطري المتطور، أحرزهما خلال البطولتين الأخيرتين عامي 2014 و2016، على حساب شقيقه البحريني.
أما على الصعيد الإفريقي، فتسيطر 3 منتخبات عربية على ألقاب جميع بطولات القارة منذ انطلاقها، فتمتلك تونس 9 ألقاب، والجزائر 7 ألقاب، ومصر 6 ألقاب، حققت آخرها في البطولة التي استضافتها عام 2016، وفازت بها على حساب الشقيق التونسي.
وبدورها، لا تمتلك كرة اليد الأنثوية العربية أية إنجازات عالمية تُذكر، سواءً على صعيد بطولات العالم أو دورات الألعاب الأولمبية، أما على الصعيد القاري، فتقتصر الإنجازات العربية الأنثوية على تتويج سيدات تونس بـ3 ألقاب إفريقية، كان آخرها عام 2014، في البطولة التي استضافتها الجارة الجزائر.