استعرض مكتب التحقيق الفيدرالي في الآونة الأخيرة عددًا من رسائل البريد الإلكتروني لهيلاري كلينتون، والتي وضعت المرشحة الديمقراطية محل العديد من الانتقادات، كما أن هذه الرسائل يمكن أن تورط حافظة أسرار هيلاري كلينتون دون قصد منها في إلحاق الضرر بحظوظ هذه المرشحة في الانتخابات الأمريكية.
هل هي سلاح سري أم سبب للمشاكل؟
هما عابدين هي امرأة أنيقة وقليلة الظهور في وسائل الإعلام على الرغم من أنها ترافق كلينتون منذ 20 سنة، ولكن قبل أيام فقط من انتخابات الثامن من نوفمبر/ تشرين الثاني، وضعت مساعدة رئيس حملة هيلاري في دائرة الضوء بسبب قضية الرسائل الإلكترونية، وبات واردًا أن يدمر ذلك كل ما بنته هيلاري في مسيرتها.
وقد بدأت هذه القصة منذ أن تم اكتشاف اختفاء الآلاف من رسائل البريد الإلكتروني لهيلاري كلينتون، حيث أعلن مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي فتح تحقيق في خصوص البريد الإلكتروني المخترق.
جاء الخبر بمثابة القنبلة التي شوشت حملة هيلاري كلينتون الانتخابية وقَلبتها رأسًا على عقب، ووفقًا لاستطلاع للرأي أجرته صحيفة “نيويورك تايمز” وشبكة”سي بي إس” نشر يوم الخميس، فقد تبين أن الحزب الديمقراطي بدأ يفقد الدعم الجماهيري وحصل فقط على 45% من الأصوات مقابل 42% من الأصوات لصالح دونالد ترامب، وزيادة عن ذلك سجل غياب هما عابدين في الأيام الأخيرة عن حملة كلينتون.
عابدين تحلم من الصغر بأن تصبح صحفية
منذ أن كانت في سن 19 سنة، كانت هما عابدين تحلم بأن تصبح صحفية وكانت معجبة بكبيرة مراسلي قناة “السي آن آن” النجمة كريستيان أمانبور، وقد تمكنت الطالبة في جامعة جورج واشنطن من التمتع بفرصة التدريب داخل البيت الأبيض، على أمل أن يتيح لها هذا التدريب إمكانية العمل مع طاقم الصحافة للبيت الأبيض، ومن ثم تمكنت من التقرب من موظفي السيدة الأولى هيلاري كلينتون والعمل معهم.
وقد نصحتها أمها باغتنام الفرص المتاحة لها والبحث عن مزيد من الفرص، وفعلاً تمكنت هما عابدين من مواصلة العمل مع هيلاري كلينتون لمدة عشرين سنة، ونالت تبعًا لذلك صداقة كلينتون وأصبحت من المقربين لها.
هما عابدين “الابنة الروحية” الثانية لهيلاري كلينتون
أصبحت السيدة الأولى والشابة هما فريق واحد لا يفترقان، وبعد رحيلهما من البيت الأبيض رافقت هما كلينتون في مجلس الشيوخ، وأصبحت رئيسة ديوان هيلاري كلينتون ومساعدها الشخصي في الانتخابات الرئاسية عام 2008.
وعندما انتخب أوباما كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية أصبحت هما مساعدة مدير ديوان وزيرة الخارجية الجديدة هيلاري كلينتون، وبمناسبة حفل زواجها سنة 2011، صرحت كلينتون بأن لها “ابنة ثانية” بعد تشيلسي وهي هما عابدين.
زوج عابدين متورط في قضايا جنسية
في الوقت الذي كسبت فيه عابدين مكانة مرموقة لدى هيلاري كلينتون، إذ تعتبرها “ابنتها الروحية” وتحدثت وسائل الإعلام الأمريكية عن هذا الحب الذي يجمعهما، فإن زواج عابدين لم يكن ناجحًا تمامًا.
في البداية انتقدت وسائل الإعلام هذا الزواج الذي جمع امرأة مسلمة برجل يهودي، خاصة وأن أنتوني وينر قد باشر حياة سياسية واعدة، كما كان يتطلع إلى أن يصبح عمدة نيويورك.
ولكن سرعان ما خسر وينتر مقعده في الكونغرس الأمريكي في العام 2011 على خلفية فضيحة جنسية، في الوقت الذي كانت فيه عابدين حاملاً، كما أن مسيرة الزوج السياسية قد انتهت عام 2011، إثر تداول صورة له وهو بملابس داخلية بين جميع المشتركين على حساب التويتر الخاص به.
هما على علاقة جيدة بأصدقائها الفرنسيين
ولدت هما في كالامازو، بميتشيغان الأمريكية، من أب هندي وأم باكستانية، وكثيرًا ما تظهرهما خلف هيلاري كلينتون في الصور التي تلتقط لها، وهي امرأة فائقة الأناقة وصارمة في بعض الأحيان.
ويعرف عن هما أنها تلقب نفسها عبر مواقع التواصل الاجتماعي “بالأم المحظوظة”، كما أنها تكشف أنها من “محبي البطاطس”، وبالإضافة إلى ذلك فإن لها علاقة جيدة بفرنسا، وتزورها باستمرار.
وحول زياراتها إلى باريس، كشفت مجلة “فانيتي فير” أنه مؤخرًا زارت الذراع اليمنى لهيلاري كلينتون فرنسا في كنف السرية في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ورافقتها آنا وينتور لجمع تبرعات لصالح هيلاري كلينتون.
ليست لها علاقة بجماعة الإخوان المسلمين
في حزيران/ يونيو 2012، وجه السيناتور الجمهوري ميشيل باكمانو وأربعة من زملائه المحافظين رسالة سرية إلى وزيرة الخارجية تحذرها من علاقات مشبوهة لمساعدتها هما عابدين، ومن ضمن ما أشارت له هذه الرسالة هو أن عناصر من الإخوان المسلمين يحاولون التسلل إلى دواليب الدولة عبر هما عابدين.
وأشار البريد الإلكتروني حرفيًا إلى أن “ثلاثة من أفراد عائلة هما عابدين ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين”، إلا أنه على خلاف المتوقع أنقذ المحافظ جون ماكين المرأة الشابة، مشيدًا بذكائها وإخلاصها للولايات المتحدة الأمريكية.
هما لم تعمل بالصحافة الموالية لجماعات متطرفة
ومن الشائعات الأخرى التي كدرت مسيرة عابدين، نذكر أنه في 21 آب/ أغسطس، وخلال حملة الانتخابات الرئاسية، نشرت صحيفة “نيويورك بوست” مقالاً مثيرًا بعنوان “هما عابدين، عنصر هام في صحيفة ذات أفكار متطرفة لمدة اثني عشر عامًا”، وحسب ما نشرته الصحيفة فإن هما عابدين عملت فعلاً بين عامي 1996 و2008 في “مجلة شؤون الجالية المسلمة”، التي أسسها والدها الراحل والتي تشرف والدتها على إدارتها.
وبعيدًا عن ادعاءات كونها “جهازًا للدعاية السعودية” مثلما ذكرت نيويورك بوست، فإن هذه الصحيفة تتناول مواضيع تدور حول مشاكل وقضايا الجالية المسلمة في البلدان الغربية.
شاهدة حول مسؤولية كلينتون في هجوم بنغازي
إلى جانب كونها مساعدة كلينتون، فإن عابدين هي المسؤولة عن الهاتف الشخصي لمرشحة البيت الأبيض، كما ترافق المرشحة في رحلاتها الجوية وهي المسؤولة عن تنسيق تحركاتها، ولهذا السبب تم استدعاؤها في أكتوبر/ تشرين الثاني سنة 2015 للإدلاء بشهادتها أمام لجنة الكونغرس حول الهجوم الذي وقع في بنغازي في أيلول/ سبتمبر سنة 2012، ضد السفارة الأمريكية في ليبيا.
وبعد هذه الهجمات اتهمت كلينتون بعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل منع الهجوم الذي وقع في سنة 2012 واستهدف مبنى القنصلية الأمريكية في بنغازي من قبل الإرهابيين، وراح ضحية هذا الهجوم أربعة مسؤولين عاملين بالقنصلية، كما أنه بعد تحقيق دام 11ساعة أمام نفس اللجنة التي حققت مع هوما عابدين، تم تحميل مسؤولية هذا الهجوم لهيلاري كلينتون.
أعمال مثيرة للجدل
يثير التقارب بين هيلاري كلينتون وهما عابدين في بعض الأحيان كثيرا من الجدل، وتجدر الإشارة إلى أنه بين العامين 2009 و2013 كانت المرأة الشابة تحتل منصب مستشارة كلينتون، كما أنها تعمل كمستشارة في شركة تينيو، وهي شركة استشارية أسسها المستشار السابق لبيل كلينتون، دوغلاس باندليي، كما أنها تدير في نفس الوقت مؤسسة كلينتون الخيرية، وهو ما أثار عديد من الانتقادات لهذه الوظائف المزدوجة.
هما متورطة بشكل غير مباشر في رسائل كلينتون الإلكترونية
بعد حديث وسائل الإعلام عن فضيحة أخرى، تكشف أن ونتر زوج عابدين قد نشر صورة فاضحة لنفسه بحضور طفله الصغير وبعث بها لفتاة قاصر، أعلنت هما عن انفصالها رسميًا عن زوجها، بعد سلسلة من الفضائح الجنسية وتساهلها في بداية الأمر تجاه القضية، وتبعًا لذلك قرر مكتب التحقيق الفيدرالي استئناف التحقيق مع كلينتون بعد العثور على رسائل إلكترونية جديدة مرتبطة بها، والمتعلقة بفضائح مرتبطة بزوج مساعدتها ومستشارتها الشخصية.
هل ستكون عابدين رئيسة مجلس الوزراء المستقبلية في البيت الأبيض؟
سوف تثبت لنا الأيام القادمة ونتائج الانتخابات الأمريكية مدى عمق هذه العلاقة القوية بين عابدين وكلينتون، وقدرتها على تحقيق طموحات المرأة التي رافقت كلينتون على مدار 20 سنة.
وقد صرحت عابدين مؤخرًا قائلة: “على مر السنين تشاركت مع كلينتون قصة حياتنا، تقاسمنا وجبات الإفطار لمرات لا تعد، كما أننا فرحنا سويًا وبكينا سويًا”.
ومن جهتها، صرحت كلينتون أنه بفضل ذكائها وتواضعها الذي لا يوجد مثيل له، تطورت عابدين من مساعدة إلى مستشارة شخصية، ووصلت إلى درجة الإشراف على إدارة الحملة الانتخابية.
فهل من الممكن أن تعين كلينتون عابدين في منصب رئيسة الوزراء حال فوزها في الانتخابات الأمريكية التي سيعلن عن نتائجها قريبًا؟
المصدر: نوفيل أوبسرفاتور