بقي يومان على انطلاق الانتخابات الرئاسية الأمريكية في أول ثلاثاء من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، حيث يتنافس كل من المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، وقد أظهرت آخر استطلاعات الرأي المنشورة في صحيفة النيويورك تايمز تفوق كلينتون على ترامب بمعدل 84%.
لن تكون كلينتون جديدة على البيت الأبيض حال فوزها في الانتخابات، إذ خبرت ما يدور في أروقته لثمانية أعوام مع زوجها بيل كلينتون من العام 1993 – 2001، ومن ثم خبرت أروقة السياسة الخارجية كوزير للخارحية في الفترة الرئاسية الأولى لباراك أوباما والذي نافسته على كرسي الرئاسة في الانتخابات الرئاسية في العام 2008.
أما المرشح الجمهوري ورجل الأعمال النيويوركي دونالد ترامب فهو جديد على البيت الأبيض والسياسة كونه لم يأت من خلفية سياسية ولم يكن عضوًا في مجلس الشيوخ أو الكونغرس أو حاكمًا لولاية كما أنه لم يسبق له أن عمل في وظيفة عامة أو حمل رتبة عالية في الجيش، وعرف خلال الفترة الماضية بخططه وأفكاره “الجنونية” وانتقاداته اللاذعة للرئيس الحالي أوباما ومنافسته كلينتون، وخطته الاقتصادية الجديدة بتوجيه ضربة للهجرة والمهاجرين تتضمن بناء جدار المكسيك وأفكار أخرى.
أظهرت استطلاعات للرأي تفوق حظوظ كلينتون للفوز على ترامب بنسبة 84%
كيف أصبحت مكانة أمريكا في العالم خلال عهد أوباما؟
بعد 8 سنوات من حكم الرئيس باراك أوباما استطاعت روسيا تقويض مكانة أمريكا على المستوى الجيوسياسي في الشرق الأوسط وأمام حلفائها وأصدقائها في العالم برأي العديد من المراقبين، وقد ثبت ذلك بعد نشر روسيا لقوات عسكرية على الأراضي السورية كبلت أمريكا عن القيام بأي دور قوي في المنطقة، كما تمكنت روسيا أن تتحرك في اتجاهين، الأول أن تعمل على تنفيذ مخططات مضادة لكل ما تريده الولايات المتحدة، والأمر الآخر تحاول تقديم نفسها كقوة جيوسياسية بديلة لها.
ويرى آخرون أن روسيا باتت اليوم تشكل أكبر تهديد للولايات المتحدة، فهي تتوسع في أوكرانيا وفي القطب الشمالي وفي الشرق الأوسط، كما أنها تتوسع اقتصاديًا فيما يتعلق بالنفط وخريطة الطاقة الجديدة التي تتشكل في المنطقة.
أوباما سمح بعودة روسيا إلى المنطقة والسيطرة على سوريا وتحول بوتين إلى صانع قرار في المنطقة وتحولت روسيا كذلك إلى قبلة للدول العربية والأجنبية يتهافتون عليها في ظل انكفاء السياسة الأمريكية، وهذا كله سببه يعود إلى اعتماد أوباما على سياسة القيادة من المواقع الخلفية ما أوجد فراغًا في المنطقة تمكنت روسيا من تعبئته وأحدث فشلًا في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه قضايا منطقة الشرق الأوسط.
كيف يرى ترامب وهيلاري مكانة أمريكا في العالم؟
يرى نائب ترامب أن الولايات المتحدة تمر بأوقات عصيبة ومكانتها في العالم اهتزت في عهد الرئيس الحالي أوباما وهيلاري، وأضاف أن أمريكا تتمتع بكل الإمكانات للتغيير الحقيقي وبناء جيشها بصورة تجعل من أمريكا أكبر قوة عظمى في العالم وتكتسب احترام العالم مرة أخرى.
ترامب يسعى لاستعادة أمجاد أمريكا في العالم ويتهم أوباما أنه أضاع هذا المجد، حيث أكدت حملة ترامب أن التصويت لترامب يعني التصويت لاستعادة مكانة أمريكا في العالم، وسيعيد بناء الجيش الأمريكي ويساند حلفاء واشنطن.
إلا أن الصعود السياسي لترامب أثار خلافات كبيرة وقلق حلفاء أمريكا نظرًا لاستخفافه بالتحالفات الأمنية للولايات المتحدة مع حلفاء أوروبا واليابان وكوريا، وسيضع شروطًا لضمانات حلف الناتو الأمنية المتبادلة بين أعضائه وأنه لن يلتزم بتلك الضمانات في حال مهاجمة روسيا لدول البلطيق.
كما ذكر ترامب أنه سيعيد التفاوض على صفقة الأسلحة النووية مع إيران ويضغط على الصين في التعامل مع كوريا الشمالية، وقال عن دول الناتو إن التزام أمريكا بالدفاع عنها سيكون مشروطًا، كما تعهد بإعادة التفاوض حول اتفاقية التجارة نافتا مع كندا والمكسيك وسيحارب الصين لأنها تعمد لتخفيض قيمة عملتها اليوان بشكل متعمد.
كلينتون تشترك في النظرة الكلاسيكية للولايات المتحدة الأمريكية كقوة عالمية تحل السلام والخير في العالم وستضمن تطبيق المعايير العالمية في حال فوزها، وبحسب الإيكونوميست فإن مستشارين يرون أن كلينتون ستكون أكثر تشددًا في سياساتها من سابقها باراك أوباما وبالأخص في سوريا.
إذ سبق أن تحدثت كلينتون للضغط من أجل فرض منطقة حظر جوي وملاذات آمنة في سوريا، وفي ظل التدخل الروسي على الأرض فإن هذه المهمة ستكون صعبة ومحفوفة بالمخاطر من حيث تصاعد المواجهة غير المباشرة بين موسكو وواشنطن على الساحة السورية.
ستبدأ العلاقة بين كلينتون وبوتين “جليدية” في ظل انحياز الخطاب الرسمي والإعلامي في روسيا لدعم ترامب
ويرى خبراء أنه في حال فوز كلينتون ستضطر روسيا لأخذ العامل العسكري الأمريكي بعين الاعتبار ولكن يبقى كلام كلينتون تحت الاختبار، فالمسألة تكمن فيما إذا كانت كلينتون ستنفذ كلامها أم ستتحول إلى أوباما آخر “يتوعد لا ينفذ”.
والجدير بالذكر أن العلاقة بين كلينتون وروسيا ستبدأ “جليدية” خصوصًا في ظل انحياز الخطاب الرسمي والإعلامي في روسيا لدعم ترامب وتقديم كلينتون على أنها فشلت في إعادة تشغيل العلاقات مع موسكو عام 2009 عندما كانت في منصب وزارة الخارجية.
وقد أظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة غالوب العالمية شمل 45 بلدًا أن روسيا هي البلد الوحيد الذي تزيد فيه شعبية ترامب عن كلينتون، وفي روسيا يحظى ترامب بتأييد 33% من الروس مقابل 10%.
وفي آسيا ستعمل كلينتون على مواجهة التحركات العدوانية لكوريا الشمالية لردعها عن تطوير ترسانتها النووية وبناء أنظمة دفاع متطورة بالتعاون مع اليابان وكوريا الجنوبية.