تحديدًا مع أحداث الحادي عشر من سبتمبر بدأت الموجة الشرسة ضد العنف الإسلامي، تزامنًا مع الأحداث الإرهابية المشتعلة بين الولايات المتحدة كقوة عظمى تقدمية وتنظيم القاعدة الإسلامي المتشدد، مدعيًا أنه التيار الذي سيعيد الأمجاد الإسلامية للعالم ويقضي على الغرب الكافر المتحضر الملحد.
استبعادًا للتيار المضاد للإسلام أو الإلحاد العربي وللتيارات الدفاعية الإسلامية الحديثة التي تدافع عن المبادئ الأصلية وتأوييل مناطق الاشتباك والاختلاف في الدين الإسلامي، الإسلام هو صاحب الحيازة العظمى من الذكر والتفاعل مع التراث العربي الذي أصبح منذ عصر التنوير الإسلامي القديم هو عماد الأمة الإسلامية كلها.
منذ ظهور الإسلام من قرون مضت لأول مرة كقوة اجتماعية سياسية دينية وهو محط شكوك، وخوف وقلق، الدين الذي يدعو له رجل بعيد تمامًا عن مركز الأديان الإبراهيمية والصراع اللاهوتي في الشام أو جدليات الأديان الآسيوية والأوروبية المعروفة، ظهر من بطون الظلام ليروي قصص الآخرين بطرقٍ مختلفة ورواية بعيدة عن النص – المفترض أنه الأصلي -، ولم يكتف بذلك بل كان مؤسسًا بشكلٍ أو بآخر لدولة في شبه الجزيرة العربية، متأثرًا بكل ما فيها من تخلف عن الحضارات المجاورة.
ليست قضيتي وقضية أي منا التشكيك في إيمان أحدهم وليس موضوعنا الآن البحث في البنية التحتية للإسلام ولكنه سؤال واحد.
الإسلام هو الحل!
هل كان الإسلام يدعو إلى العنف كطريق من طرق الإيمان؟
الإسلام نشأ في منطقة جافة من كل شيء تقريبًا، خلق لها روحًا وجعل لها صوتًا مسموعًا، إلا أنه منتمٍ بشكل كبير لتلك المنطقة وعاداتها التي كانت وقتها معتادة ومتعارف عليها، فطبع الإسلام العادات جاعلًا إياها تحت مسمياته، مسيطرًا على الأسس ونابذًا لها بعد أن حولها لشريعة إسلامية واجبة التنفيذ في أحيانٍ كثيرة.
الحق يقال، لن نستطيع نحن فرض أي شيء على قوى عظمى، لنضرب مثال: لو أنك تسكن في حارة شعبية ما، في عصور الفتوات الأقوياء الذين ضرب بهم نجيب محفوظ الأمثال والمعاني في رواياته، وأن لك عائلة كبيرة، أغلبها إما فقير أو جاهل لم يكمل تعليمه إلا من رحم ربي، وأن عائلتك كانت في يومٍ من الأيام هي الأشرف والأقوى في الحارة إلى أن اضمحلت وعبثت بها الأزمان والأقدار، لدى عائلتك عادات راسخة لم تتخل عنها منذ عرفتها، عادات لا يطيقها الزمان والمكان إن طُبقت بالحرف، حتى أفراد العائلة لا يلتزمون بها نصًا حتى لا يشتبكون مع الفتوة الذي لا يتقبل أي كلمة “حرفية” من عاداتكم ولا يقبل تطبيق أغلبها، هل تستطيع هزم الفتوة وجميع الفتوات المماثلة له في الفكر أو بمعنى أصح البلدة بأكلمها وفرض أفكارك؟
شجاعتك تتحكم بالإجابة.
أما الإجابة المنطقية هي الاعتراف والمصارحة أن تلك العادات قد ولت عصورها ويجب عليك وعلى عائلتك الانخراط في أفكار العصر.
الأمر ذاته مع الإسلام، أيًا كانت ديانتك – التي لن تخلو من تاريخٍ عدواني – فعليك الإدراك أن الدين لا يمكن تطبيقه الحرفي، سواء كنت تؤمن بأن هذا العنف هو من صميم الدين أو أنه واجب أو أنه من المستطاع، فإنه لمن الصعب بل قد يكون مستحيلاً إقناع العالم الحديث – الذي يطبق العولمة على أبناء دينك وبلادك كلها – بتعاليم ظهرت منذ أكثر من 1400 سنة في بيئة لا تعرف الحياة.
يجب عليك التعايش مع الجديد وتطبيق الدين على محيطك الشخصي وتطبيقه على تعاملاتك، أن تعيش بمبدأ الحرية لك ما لم تضر الغير، أن تندمج مع العلمانية الحديثة التي تعتبر مادة فضفاضة للأديان وللأفراد.
هناك عقدة لا تنفك أبدًا بين المتأسلم العربي والغربي العلماني أيًا كانت توجهاته، يرجع الإسلامي نفسه إلى الهيئة القبلية البدوية ويغرق في أوهام الخلافة والحور العين اللاتي ينتظرنه بعد أن يفجر نفسه أمام السفارات وفي الملاهي الليلية.
والمشكلة الأساسية أن الدين الإسلامي لم يأت بتلك المبادئ كلها، لم يفعل أي شيء من ذلك، الدين الإسلامي بكل ما فعله في عصره وفي عصور ازدهاره من عنف ومذابح، لم يكن الوحيد أو الشاذ عن القاعدة وكانت نزوات الحكام كما نقرأ في التراث هي المسيطر الأكبر بعد الدين نفسه.
الإسلام كان مادة خام لكل شيء، حتى إن كنت أنت ملحدًا أو لا دينيًا أو حتى مسلمًا، يجب علينا جميعًا التسليم أنه تحت مظلة الدول الإسلامية المتتالية ظهرت بذور لأغلب العلوم على يد علماء أثروا المحتوى العلمي بغزارة حتى وإن ذكروا بالسوء في مؤلفات المتشددين أو قيل أنهم “دهريين” = ملحدين.
العالم الغربي أصبح تعريفه للإرهاب هو الإسلام، هو داعش والقاعدة وبوكو حرام، وأصبح العلماء العرب تاريخًا مضى لا تطاله يد ونادرًا ما يُشكر، فإما للعالم الإسلامي أن يتقبل واقع عدم إمكانية فرض نفسه أو أن يلجأ للمواجهة.