يهرع الأمريكيون اليوم الثلاثاء نحو صناديق الاقتراع لانتخاب الرئيس الـ45 للولايات المتحدة الأمريكية خلفًا للرئيس الإفريقي الأصل باراك أوباما الذي تميزت فترة حكمه للبلاد بإدخال العالم العربي في منزلق خطير من الفوضى والفتن الداخلية وفق ما يرى ذلك مراقبون.
وإن كانت انتخابات الثامن من نوفمبر هي الـ58 في تاريخ الأمريكيين، إلا أنها تبدو الأسخن والأكثر تأثيرًا على مستقبل المنطقة الغارق في أتون الفوضى منذ سنوات طويلة تلت ما يسمى ثورات “الربيع العربي”.
وفي هذا السياق يقول الدكتور أحمد سيد أحمد الخبير في الشؤون الدولية “شخصية الرئيس الأمريكي والفريق الرئاسي المعاون له في الإدارة تؤثر بشكل كبير في السياسة الخارجية، سواء من حيث التدخل أو الانعزال أو من حيث آلياتها ما بين استخدام الأدوات الصلبة مثل القوة العسكرية والعقوبات والضغوط السياسية، وبين الآليات الناعمة مثل المساعدات والاحتواء والحوار والدبلوماسية”.
ويرى مراقبون أن الانتخابات الأمريكية الأخيرة جذبت اهتمام العرب والمسلمين بشكل كبير، فالعديد من القضايا الساخنة في الشرق الأوسط قد تكون رهينة سياسة أمريكية مختلفة، في ظل التناقض الكبير بين الرؤى السياسية للمرشحين الرئيسيين، الديمقراطية هيلاري كلينتون والجمهوري دونالد ترامب.
وفيما يتعلق برؤية كلينتون للتعامل مع قضايا المنطقة، وفقًا لبرنامجها الانتخابي وتصريحاتها في أثناء الانتخابات التمهيدية، تقدم المرشحة الديمقراطية استراتيجية من ثلاثة أجزاء للتعامل مع تنظيم الدولة الإسلامية، يتضمن الجزء الأول هزيمة التنظيم في العراق وسوريا، في حين يركز الجزء الثاني على قطع تمويل التنظيم وشبكاته، أما الجزء الثالث والأخير، فيركز على الأنظمة الدفاعية في الولايات المتحدة، مما يحد من قدرة “داعش” على اختراق الحدود الأمريكية أو التجنيد من داخلها.
واحتلت الأزمة السورية ومشكلة اللاجئين، حيزًا هامًا في برنامج كلينتون، وذلك بدعمها لفكرة العمل مع مجموعات محلية لإزالة بشار الأسد من الحكم، والتخطيط للانتقال إلى حكومة معتدلة، كما تؤيد فرض منطقة حظر جوي فوق شمال سوريا قرب الحدود التركية، وإنشاء مناطق آمنة للاجئين تمكنهم من البقاء في سوريا، في مأمن من تنظيم الدولة ونظام الأسد.
وفي ذات السياق، أكدت هيلاري كلينتون أنها تدعم التحالف القوي والمتين مع إسرائيل، وقالت إنها ستدعو رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي إلى البيت الأبيض، خلال الشهر الأول من رئاستها، لتعيد الالتزام بالتحالف بين البلدين، ولإظهار تضامنها مع إسرائيل، مضيفة أنها ستلتزم بأمنها من خلال توفير الدعم الدفاعي لها.
من جهة أخرى، تتميز رؤية المرشح الجمهوري دونالد ترامب في التعامل مع قضايا منطقة الشرق الأوسط، بالتردد بشأن التدخل في محاربة تنظيم الدولة، بحجة أنه لم تكن لديه مشكلة في ترك روسيا تحاربه، بالإضافة إلى التطرف والخروج على المألوف من خلال دعوته الصريحة لاستهداف عائلات مقاتلي التنظيم.
وعن الأزمة السورية ومشكلة اللاجئين، أوصى المرشح الجمهوري باستخدام “قوة هائلة” ضد الأسد، وأعرب في الوقت ذاته عن قلقه إزاء ما سيأتي بعد سقوطه، كما صرح بأنه سيمنع اللاجئين السوريين من دخول الولايات المتحدة، مقابل تأكيده على دعمه الكبير لإسرائيل كشريك عسكري واقتصادي لبلاده، دون أن ننسى إعلانه منع جميع المسلمين من الدخول إلى الولايات المتحدة وإغلاق المساجد، وتسجيل جميع المسلمين الموجودين أصلاً في البلاد في قاعدة بيانات تديرها الحكومة، ومراقبة أحياء المسلمين.
بعد كل هذا يمكننا القول إن المرشحين الأمريكيين سيواصلان اللعب بأمن المنطقة وتأجيج الحروب والفتن الداخلية، مقابل تحصينهم لإسرائيل وحماية أمنها حتى وإن كلفهم ذلك قتل العرب والمسلمين عن بكرة أبيهم.