يشارف السباق المحموم في الانتخابات الرئاسية الأمريكية على نهايته بين كل من هيلاري كلينتون المرشحة عن الحزب الديمقراطي ودونالد ترامب المرشح عن الحزب الجمهوري بعد قضاء شهور في الحملات الانتخابية تضمنت مفاجآت وتقلبات وسجالات واتهامات متبادلة بين المرشحين شغلت العالم كله.
ما يجعل السباق أكثر ضراوة أن رجل الأعمال ترامب والذي لا يملك خلفية سياسية يحظى بفرصة حقيقية للفوز بالرئاسة وتطبيق أفكاره السياسية والاقتصادية الغير اعتيادية على الولايات المتحدة والعالم، ومع ذلك تبقى كلينتون تحظى بفرصة أكبر على الفوز فاستنادًا إلى آخر استطلاعات للرأي كما تظهر في صحيفة النيويورك تايمز تغلب حظوظ كلينتون بنسبة 84% على ترامب.
الولايات الحاسمة
هناك ولايات حاسمة للسباق الانتخابي في أمريكا لها ثقلها في انتخاب المرشح لمنصب الرئيس وعادة ما يهتم بها المرشحون ويركزون عليها بشكل كبير لكسب تأييد الناخبين فيها.
ويركز كل من الحزب الجمهوري والديمقراطي ضمان انتصارات كافية في الولايات الدائمة لها تاريخيًا، وتسمى عادة “الولايات الآمنة” لكلا الحزبين ويتم تلوين الولايات المؤيدة للحزب الديقراطي بالولايات الزرقاء، بينما تسمى الولايات الملونة باللون الأحمر للحزب الجمهوري.
وفي المقابل هناك الولايات البنفسجية التي تعرف ساحة معركة سياسية بين المرشحين لكسب أصوات ناخبيها اعتمادًا على معطيات سياسية واقتصادية واجتماعية خاضعة للتغيير ومن هذه الولايات، فلوريد وبتسلفانيا وأوهايو وكارولينا الشمالية وفرجينيا وولاية ميسوري وباقي الولايات الأخرى.
وتعد ولاية فلوريدا أكبر تلك الولايات وأهمها وزنًا في الانتخابات إذ تصنف الولاية تاريخيًا أنها موالية للحزب الجمهوري سوى أنها صوت في العام 2012 لصالح الرئيس الديمقراطي المرشح باراك أوباما ولصالح أوباما أيضًا في العام 2008 في مواجهة جون ماكين. بينما صوتت في انتخابات العام 2004 لصال الجمهوري جورج بوش على المرشح الديمقراطي.
المجمع الانتخابي
وعلى الرغم أن الانتخابات الرئاسية تتم عن طريق الاقتراع الشعبي المباشر إلا أن اختيار الرئيس لا ينتهي بهذه الطريق فالمرشح الذي يحصل على أكبر عدد ممكن من عدد أصوات الناخبين لن يكون بالضرورة الرئيس القادم للبلاد بل سيظل مصيره معلقًا بيد مجموعة تسمى المجمع الانتخابي أو الكلية الانتخابية.
وهم مجموعة من الأشخاص يرشحون من كل ولاية ليصبحوا ممثلين لها في فترة الرئاسيات ويختلف اختيارهم بين ولاية وأخرى فبعضها تختار ممثليها عبر وضعهم على ورقة الاقتراع وولايات أخرى تختارهم خلال المؤتمرات العامة للأحزاب في الولاية أو يختارهم الكونغرس المحلي لكل ولاية.
ويبلغ عدد مندوبي الولايات في الانتخابات الرئاسية 538 ولكي يفوز المرشح في الانتخابات عليه أن يحصل على نصف العدد الكلي أي 270 وعادة عندما يفوز المرشح بالتصويت الشعبي فإنه يحصل على أصوات جميع مندوبي تلك الولاية.
وفور انتهاء عملية التصويت مساء يوم الثلاثاء تعلن النتائج في فجر يوم الأربعاء في التاسع من نوفبر/ تشرين الثاني، والرئيس الفائز في الانتخابات تبدأ ولايته في العشرين من يناير/كانون الثاني 2017 ليكون قد تلقى فترة انتقالية مع الرئيس الذي سبقه إذ يقوم بتسليم كافة ملفات الرئاسة السياسية والاقتصادية وغيرها للرئيس الفائز.
هيلاري الأوفر حظًا
يأخذ منتقدو كلينتون عليها بشكل أساسي دورها عندما كانت وزيرة للخارحية الأمريكية في الفترة الرئاسية الأولى لباراك أوابما والتي شهدت فيها انقلابات وتغييرات جذرية في السياسة الخارجية الأمريكية وخصوصًا في الشرق الأوسط.
ومن ثم تأتي الانتقادات الثانية لها بسبب علاقاتها التي تربطها بشخصيات عالمية ورجال أعمال قدموا تبرعات بملايين الدولارات لصالح مؤسسة كلينتون الخيرية إذ يتهم ترامب كلينتون بتلقي أموالًا من زعماء ورجال أعمال عرب وأصحاب رؤوس أموال ومصارف في وول ستريت ولوبيات الضغط المالي في الولايات المتحدة والعالم وأنها قريبة مما يسمى بـ”الاستبليشمنت” إذ تُنتقد بأنها نموذجًا مثاليًا للطبقة السياسية الأمريكية التقليدية وأنها الابنة الشرعية للنظام السياسي الأمريكي ومؤسساته.
بالإضافة لذلك قضية استخدامها الإيميل الشخصي في مراسلاتها الرسمية عندما كانت وزيرة للخارجية في عهد أوباما في فترة رئاسته الأولى وقد كان مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية أثار موضوع الإيميل مرة أخرى قبل بضعة أيام وهذا أعطى دفعة قوية لترامب ليتقدم عليها، إلا أنه عاد في الأمس وأعلن تبرئة هيلاري في القضية ما أدى إلى ارتياح في حملة هيلاري الانتخابية وإرباك منافسها الجمهوري ترامب.
الأمر المهم هو أن كلينتون سجلت سابقة في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية بعد إعلان ترشيحها رسميًا عن الحزب الديقراطي لتصبح أول امرأة أمريكية يختارها أحد الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة، والرهان على كلينتون اليوم هو أن تصنع التاريخ وتكون أول سيدة يختارها الأمريكيون لأعلى منصب سياسي في الولايات المتحدة.
ترامب أمريكا أولًا
يتبنى ترامب خطاب مجموعات اليمين المتطرف تجاه ما يعتبره فساد النظام السياسي الأمريكي وسيطرة لوبيات الضغط ومجموعات المصالح الاقتصادية على القرار السياسي في واشنطن، ويرى أن الفوز على كلينتون ستكون محطة في مسار تغيير النظام السياسي الأمريكي الفاسد، وهو يتباهي بأنه لم يستعن بمجموعات الضغط واللوبيات و”الاستبليشمنت” في تمويل حملته الانتخابية، وأنه الأكثر جاذبية لأبناء الريف وطبقة العمال حيث تعتقد هذه الفئات أن ترامب وحده القادر على تغيير النظام الفاسد ومحاربة الطبقة السياسية التقليدية.
وفور وصول ترامب إلى البيت الأبيض ينوي القيام بعدة خطوات مباشرة من بينها إلغاء خطة الإصلاح الوطني المعروفة باسم أوباما كير وترحيل ملايين المهاجرين المقيمين بطريقة غير شرعية في الولايات المتحدة وبناء جداء فاصل على حدود المكسيك لمنع الهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات، ووقف العمل بالخطة التي عمل عليها أوباما باستقبال آلاف اللاجئين السوريين.
أما خارجيًا سيعمد ترامب إلى فك منظومة التحالفات الدولية التي تقيمها الولايات المتحدة في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط إذ أعلن خلال حملته الانتخابية أن حلف شمال الأطلسي عبئًا ثقيلًا على الولايات المتحدة ويفضل التحالف مع روسيا ومن ثم إيكال مهمة قتال داعش في سورية لروسيا وحليفها بشار الأسد، بالإضافة لجملة أخرى من القرارات والأفعال التي ينوي القيام بها.