شغلت نهاية العالم عقول البشر عبر مئات السنوات، وهناك الكثير من النبوءات التي تتحدث عن نهاية العالم في وقت محدد وتاريخ محدد، ولكن الأغرب هو تلك النبوءات التي سيطرت على عقل الإنسان في العصر الحديث، فبعضها طريف وبعضها انتهى نهاية مأساوية.
1ــ تقويم المايا ونهاية العالم سنة 2012
أشهر محاولات التنبؤ الفاشلة هي النبوءة بنهاية العالم سنة 2012، ولعل أحد أسباب شهرة تلك النبوءة الفيلم الشهير الذي يحمل الاسم ذاته، ولكن الكثيرين لا يعرفون لماذا تم اختيار عام 2012 بالتحديد! يرجع الأمر إلى تقويم حضارة المايا، وهي إحدى الحضارات العظيمة في القارة التي تسمى الآن أمريكا الجنوبية، وكان باعتقادهم أن الزمن يتكون من دورات يفنى البشر بنهاية كل دورة ليتكرر الزمن من جديد، وتتكون الدورة من 5125 عامًا وأنها بدأت في عام 3114 قبل الميلاد تقريبًا فستكون النهاية في عام 2012، وبالتحديد في الـ21 من ديسمبر، وأخذ العديد من المتنبئين والمنجمين يتحدثون عن نهاية العالم بأشكال مختلفة، فبضعهم قال بسبب نيزك عظيم يرتطم بالأرض، وآخرون قالوا إنه بسبب اصطدام كوكب الأرض بكوكب آخر يسمى نيبرو أو أيريس أو الكوكب إكس.
وواحدة من النظريات الأخرى قالت إن أقطاب الأرض المغناطيسية ستنعكس مما يؤدي إلى انعكاس حركة دوران الأرض، ولكن العلماء قاموا بتفنيد كل تلك النظريات، إلا أن الأمر ظل موضع تساؤل وشك حتى مر يوم 21 ديسمبر من عام 2012 ليتأكد سكان الأرض أن العالم لن ينتهِ بعد.
2ــ تأثير المشترى ونهاية العالم سنة 1982
في عام 1974 أصدر العالمان جون جريبين وستيفن بلاجمان كتابًا بعنوان “تأثير المشترى” يتحدث عن نهاية العالم سنة 1982 بسبب اصطفاف الكواكب التسعة الذي سيصنع قوى جاذبية كبيرة تؤثر على كوكب الأرض، مما سيؤدي إلى حدوث كوارث عظيمة وزلازل مدمرة، وتغير كامل في مناخ الأرض مما سيؤدي إلى فناء الحياة على الكوكب.
أثار الكتاب ضجة كبيرة وموجة عارمة من الزعر، وأصبح واحدًا من أكثر الكتب مبيعًا، ولكن عندما مر عام 1982 بسلام تعرض الكاتبان لانخفاض شديد في شعبيتهما، وأصبح الكتاب أضحوكة، مما دفع العالمان للدفاع عن الكتابين قائلين إن الكتاب لم يكن سوى مجرد تمرين في فيزياء الفلك النظرية، ولكن هذا الدفاع لم يحسن من صورتهم أمام الناس، إلا أن نظرية تأثير المشترى أصبحت أشهر محاولة فيزيائية في التاريخ للتنبؤ بنهاية العالم بطريقة علمية.
3ــ بوابة السماء ونهاية العالم سنة 1997
في صباح يوم الـ26 من شهر مارس سنة 1997 تم استدعاء شرطة سان فرانسسكو للتحقق من أحد القصور المستأجرة في أحد الأحياء الراقية من رانشو سانتا بولاية كاليفورنيا، للاشتباه في جريمة قتل، وعند وصول الشرطة إلى هناك وجدوا أمرًا مريعًا في انتظارهم، فقد وجدوا 39 شخصًا يرتدون ملابسًا متطابقة سوداء إلا أنهم جميعهم موتى! وبمعاينة الجثث تبين أنهم ضحايا معاهدة انتحار جماعية.
بدأ الأمر بالموسيقار مارشال أبلوايت عام 1970 عندما تأثر بموت والده فترك الموسيقى وبدأ يتعمق في العوالم الروحانية، وسرعان ما بدأ في تأسيس طائفته التي تسمى بوابة السماء، والتي تؤمن بوجود حياة أخرى في الفضاء، ويدعو فيها أتباعه للسمو فوق البشر، وأنك هناك سفينة فضائية ستأتي لتنقذهم من الحياة البائسة على الأرض لتحملهم إلى السماء.
وكان أتباع تلك الطائفة يشاهدون مسلسلات إكس فايلز وستار تريك بشكل ديني جاد، ولكن الأمر أخذ منحنى قاتم عام 1997 عندما أخبر مارشال أتباعه أن العالم على وشك الفناء وأن الطريقة الوحيدة لإنقاذ أرواحهم بالهلاك هي الصعود على متن سفينة فضاء تتبع مذنب هيل-بوب، ولكي يلحقوا بتلك السفينة يجب عليهم قتل أنفسهم كي تحمل سفينة الفضاء أرواحهم إلى عالم آخر، وقام مارشال بالانتحار مع 38 من أتباعه، مما يدل على نبوءات فناء العالم المختلفة ليست أمورًا بسيطة للفكاهة والتندر، بل هي أمور خطيرة قد تأخذ معها أرواح بعض الأبرياء.
4ــ أسهارا شوكو ونهاية العالم عام 1995
لِمَ تنتظر نهاية العالم إن كان يمكنك صنعها بنفسك؟ لا شك أن هذا هو ما دار في عقل أسهارو شوكو مدعي النبوة والمبشر بنهاية العالم، وقد ولد في اليابان عام 1955 باسم تشيزوماتسومو بعين مصابة بالعمى وأخرى يرى بها بالكاد، وقد تلقى تعليم خاص بذوي الاحتياجات الخاصة، ولكنه فشل في الالتحاق بالجامعة فاتجه إلى العلاج بالطب الصيني، إلا أنه في عام 1982 تم القبض عليه بتهمة بيع أدوية مزيفة إلى زبائنه، سجن على إثرها كما قام بدفع غرامة كبيرة تركته مفلسًا.
في عام 1984 اتجه إلى الطرق الروحانية والفلسفة، وأطلق على نفسه اسم أسهارا شوكو، وفي عام 1987 قام بعمل رحلة حج إلى جبال الهيملايا، وعاد منها ليؤسس جماعة روحانية تسمى أومشينريكيو، وترمز “أوم” إلى أحد الرموز الهندوسية المقدسة، بينما تعني كلمة “شينريكيو” الحقيقة المطلقة.
وبمرور الوقت حصل على أكثر من 10 آلاف تابع في اليابان، وما يقرب من 30 أو 40 ألف تابع في روسيا، وبمرور الوقت ادعى أسهارا أنه تجسيد الإله الهندوسي شيفا، وبدأ يبشر بنهاية العالم عن طريق أرمجدون، أو حرب عالمية نووية ثالثة، وبشر أتباعه بالخلاص، ويبدو أن نهاية العالم تأخرت قليلًا فاستحثها هو وأتباعه بالعديد من الهجمات الإرهابية كان آخرهها عام 1995 بهجوم أتباعه على محطة مترو طوكيو بغاز السارين السام، ما أدى إلى مقتل 12 شخصًا وإصابة 5500 آخرين، تم القبض على أسهارا بعد ذلك من قبل السلطات اليابانية، واستمرت المحاكمات وقتًا طويلًا حتى حكم عليه بالإعدام سنة 2004، لينتهي فصلًا مظلمًا آخر من تاريخ المتنبئين بنهاية العالم.
5 ـ مشكلة عام 2000 أو Y2K Bug
لو كنت تستخدم الحاسوب في التسعينات قبل عام 2000 فلعلك تذكر تلك المشكلة الشائعة، وهي إنك إن حاولت استخدام أي تاريخ بعد 31 ديسمبر 1999 فإن الحاسوب سيرتبك ويتعطل عن العمل، وكان هذا بسبب المبرمجين الذين حين قاموا ببرمجة الحاسوب في ستينات القرن الماضي استخدموا خانتين فقط للتاريخ بدلًا من أربع، بمعنى أن عام 1998 مثلًا يُكتب 98، وذلك لأن ذاكرة الكومبيوتر في ذلك الوقت كانت مكلفة جدًا، ولا شك أن سنة 2000 بدت بعيدة للغاية حينها، إلا أنه باقتراب عام 2000 ظهرت المشكلة أن الحاسوب يقرأ تاريخ 2000 كـ 00 مما يؤدي إلى مشاكل برمجية معقدة، وبالطبع خمن المتشائمون أنه في صباح اليوم الأول من عام 2000 ستتعطل كل حواسيب العالم مما يؤدي إلى سقوط الطائرات وتحطمها، وتعطل المصاعد، وارتباك حواسيب المفاعلات النووية مما يؤدي لانفجارها، بمعنى أن العالم كما نعرفه سينتهي تمامًا، وأدى هذا إلى حدوث موجة ذعر عارمة، مما دفع الحكومة الأمريكية لإنفاق ما يقرب من 108 مليار دولار لتعديل هذه المشاكل البرمجية، وهكذا مر أول يوم من عام 2000 بسلام.
فمن يصدق أن نهاية العالم يمكن تلافيها ببعض التعديلات البرمجية البسيطة؟!