نجح المرشح الجمهوري دونالد ترامب في حسم اللقب، وإسدال الستار على ماراثون الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ليصبح الرئيس الـ45 للولايات المتحدة الأمريكية خلفًا للديمقراطي باراك أوباما، في خطوة صادمة للتيارات المحافظة، وعلى عكس ما أفرزته استطلاعات الرأي الأخيرة.
تقدم ترامب على منافسته هيلاري في أصوات المجمع الانتخابي ليحصل على 279 صوتًا مقابل 219 لهيلاري كلينتون، وذلك بعد إعلان النتائج الرسمية في جميع الولايات، علمًا بأن الفائز كان بحاجة إلى 270 صوتًا لحسم اللقب.
ترامب يعلن فوزه ويتعهد ببذل المزيد
أعلن المرشح الجمهوري فوزه رسميًا بالانتخابات الرئاسية، ممتنًا لدعم أنصاره لمشواره الانتخابي، متعهدًا ببذل قصارى جهده لخدمة الولايات المتحدة وجميع المواطنين دون استثناء، موجهًا شكره لمنافسته هيلاري كلينتون، وحملتها التي وصفها بالمجتهدة، ملفتًا إلى تهنئتها له بفوزه في الانتخابات.
استعرض ترامب بعص ملامح مسيرته الانتخابية، وكم واجه فيها من صعاب شديدة، لكنها في نهاية المطاف كللت بالنجاح، وأنه سيعمل جاهدًا على استعادة مكانة أمريكا عالميًا من جديد بعد تراجعها في الفترة الأخيرة بسبب السياسات الخارجية لأوباما.
نجح ترامب في الحصول على معظم أصوات المجمع الانتخابي في ولايات جورجيا ويسكنسن وأيوا وفلوريدا ونورث كارولينا ويوتاه وأيداهو وأوهايو وكنتاكي وإنديانا وفرجينيا الغربية وكارولاينا الجنوبية ومسيسيبي وتينيسي وألاباما ووايومينغ وتكساس وداكوتا الجنوبية وداكوتا الشمالية ونبراسكا وأركنساس ومونتانا، بينما فازت كلينتون في ولاية ألاسكا ونيفادا وفيرجينيا وماساشوستس وميريلاند ونيوجيرسي وديلاوير ورود آيلاند و إلينوي ونيويورك وكونكتيكت وكاليفورنيا.
وجدير بالذكر أن ولايتي نورث كارولاينا وكولورادو شهدتا مشاكل بأنظمة التصويت الإلكتروني، ما دفعهما لمد عملية التصويت في عدد من الدوائر لوقت أطول من المقرر، للسماح للمواطنين بالإدلاء بأصواتهم.
الجمهوريون يسيطرون على النواب
وفي إشارة جديدة على تصدر ترامب وحلفه لمقاليد الأمور في الولايات المتحدة، تمكن الجمهوريون من الاحتفاظ بسيطرتهم على مجلس النواب الأمريكي في الانتخابات التشريعية التي جرت أمس الثلاثاء بالتوازي مع انتخابات الرئاسة، علمًا بأنهم يمثلون الأغلبية في النواب الأمريكي منذ عام 2011.
تظاهرات احتفالية
بعد دقائق من حسم اللقب والإعلان عن الفوز بالماراثون، خرج مؤيدو ترامب في تظاهرات ابتهاجية للتعبير عن فرحتهم بفوز مرشحهم، ففي وول ستريت هتف أنصاره قائلين “أمريكا أمريكا” وابتهجوا بفوزه في ولاية أوهايو المتأرجحة المهمة في إطار سباق مثير نحو البيت الأبيض.
كما اكتست شوارع نيويورك وواشنطن وبعض الولايات الشرقية بالعديد من المسيرات الاحتفالية التي رفعت لافتات تحمل صورًا للرئيس الأمريكي الجديد، وشعاراته المعروفة، مهللين بـ: “أمريكا أمريكا”.
هيلاري كلينتون تهنئ ترامب بالفوز في الانتخابات
تصاعد اليمين المتطرف
بالرغم من صدمة الكثيرين من فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب، وأنه جاء على عكس معظم التوقعات واستطلاعات الرأي، إلا أن هناك خط واضح يربط بين صعود ترامب وبقية تيارات اليمين المتطرف في أوروبا في الأونة الأخيرة، لا سيما بعد زيادة العمليات الإرهابية في أوروبا وأمريكا ومنطقة الشرق الأوسط.
تصاعد وتيرة الإرهاب كان بمثابة طوق النجاة لأحزاب اليمين المتطرف في أوروبا وأمريكا، حيث وجدت فيها ملجأ ومتنفسًا لتقديم نفسها من جديد، ما زاد شعبيتها في الخمس سنوات الأخيرة، وهو ما تجسد في صعود أسهمها في فرنسا وبريطانيا وألمانيا وغيرها من دول أوروبا، ثم اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية.
فوز تيار اليمين المتطرف الذي ينتمي إليه ترامب، يعكس التناغم مع التصريحات التي أدلى بها طيلة ماراثونه الانتخابي والتي وصفها المحللون بالعنصرية لاسيما المتعلقة بموقفه من المسلمين والعرب واللاجئين وقضايا الشرق الأوسط، وهو ما أدى إلى تباين مواقف الدول حيالها، إلا ان ذلك لم يمنع بعض الدول الأوروبية والشرق أوسطية في تأييد الرجل ودعمه ولو كان بصورة غير ملعنة، فهل بات العالم تحت قبضة اليمين المتطرف خلال المرحلة القادمة؟
هيلاري تعترف بالهزيمة
رئيس حملة المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في كلمات مقتضبة له طالب أنصار مرشحته بالعودة إلى منازلهم، ملفتًا إلى بعض التجاوزات في بعض الولايات، وهو ما قد تعول عليه حملة كلينتون في التقليل من وقع الهزيمة غير المتوقعة، مع احتمال الدخول في ماراثون جديد من المواجهات القضائية بين المرشحين، وأيًا كان رد فعل حملة هيلاري فإن البيانات النهائية شبه الرسمية قد حسمت لصالح المرشح الأكثر جدلاً في تاريخ أمريكا المعاصر دونالد ترامب، وهو ما يؤكده تهنئة هيلاري لغريمها بالفوز.
بالترهيب والفضائح.. ترامب يسكن البيت الأبيض
17 شهرًا هي مدة الماراثون الطويل الذي قطعه دونالد ترامب للوصول إلى البيت الأبيض، معتمدًا على قدرته الفائقة في جذب الانتباه إما بتصريحاته العنصرية الشاذة أو حضوره الجماهيري بوصفه مولعًا بالتمثيل والأداء المفتعل.
نجح ترامب طيلة مشواره نحو الرئاسة في التغلب على 16 مرشحًا داخل حزبه، فضلاً عن قدرته في جذب الملايين من الأمريكيين لمؤتمراته الجماهيرية، حيث نجح في تحليل ما يدور في أذهان الشعب الأمريكي، ومن ثم عزف على اهتماماته وأوجاعه بصورة قوية، ما دفع البعض لاعتباره المتحدث الرسمي باسم المواطن الأمريكي.
تعرض المرشح الجمهوري خلال مسيرته الانتخابية للعديد من الانتقادات الحادة، حيث وصف بالعنصرية وكراهية العرب والمسلمين، فضلاً عن كراهية النساء وعدم الإلمام بمعلومات كافية عما يتحدث فيه والفظاظة والإتيان بتصرفات لا تليق برئيس، فضلاً عن اتهامات له بالعنصرية والرياء وتهييج الجماهي والتحرش بالنساء، وهذه كلها اتهامات نفاها ترامب، وتعامل معها بسخرية ولا مبالاة.
نجح ترامب طيلة مشواره نحو الرئاسة في التغلب على 16 مرشحًا داخل حزبه، فضلاً عن قدرته في جذب الملايين من الأمريكيين لمؤتمراته الجماهيرية، حيث نجح في تحليل ما يدور في أذهان الشعب الأمريكي، ومن ثم عزف على اهتماماته وأوجاعه بصورة قوية
شنّ ترامب خلال حملته الانتخابية هجومًا حادًا على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون ووصفها بالخائنة والعملية، متوعدًا بالتحقيق معها حال فوزه، وهو ما مثّل صدمة كبيرة للمتابعين داخل أمريكا وخارجها، ووظفّ كل ما لديه من أوراق لتسويق نفسه وتشويه خصومه مهما كان الثمن، وهو ما تجسد في بعض التصريحات التي اتهم فيها بيل كلينتون بالتحرش الجنسي.
ثم جاءت قنبلة “إف بي أي” الأخيرة بنشره قبل أسبوع واحد من الانتخابات الرئاسية تحقيقًا قديمًا بشأن مرسوم عفو أصدره الرئيس الأسبق بيل كلينتون في اليوم الأخير لولايته، بحق أحد المتهمين بالتهرب الضريبي.
ونشر التقرير المكون من 129 صفحة وأغلق في 2005 على الموقع الإلكتروني للشرطة الفيدرالية، وهو يتناول مرسوم عفو أصدره كلينتون في الـ20 من يناير 2001، أي في اليوم الأخير من ولايته الرئاسية، عن مارك ريتش الملياردير الذي توفي عام 2013، الذي اعتبر رمزًا لتجارة النفط واتهم بصفقات مشبوهة وبالتهرب الضريبي واستغلال النفوذ.
أنصار ترامب يحتلفون بفوزه
زلزال بالأسواق العالمية
جاء الإعلان شبه الرسمي عن فوز دونالد ترامب بمثابة الصدمة على أسواق المال العالمية، حيث قلق المستثمرون من أن يتسبب فوز المرشح العنصري في غموض اقتصادي وعالمي، ما تسبب في انخفاض الدولار الأمريكي، وانتكاسة أسواق الأسهم في ظل تداول آسيوي جامح.
وهوى البيزو المكسيكي إلى أدنى مستوياته على الإطلاق مع زيادة فرص فوز ترامب بالرئاسة، وتخيم المخاوف من فوز ترامب بشدة على البيزو منذ شهور بسبب تهديداته بإلغاء اتفاقية للتجارة الحرة مع المكسيك واستخدام أموال الضرائب التي يرسلها المهاجرون في بناء سور على الحدود.
جاء الإعلان شبه الرسمي عن فوز دونالد ترامب بمثابة الصدمة على أسواق المال العالمية، حيث قلق المستثمرون من أن يتسبب فوز المرشح العنصري في غموض اقتصادي وعالمي، ما تسبب في انخفاض الدولار الأمريكي، وانتكاسة أسواق الأسهم في ظل تداول آسيوي جامح.
كما احتشدت مجموعات صغيرة من المصرفيين والسماسرة في حانات بوسط مانهاتن وتناقلت أنظارهم بين شاشات التليفزيون لمتابعة النتائج وشاشات هواتفهم المحمولة لمعرفة آخر أخبار انخفاض الدولار الأمريكي والأسهم فيما استوعب المستثمرون احتمال فوز ترامب المفاجئ.
وقال ستيفين تشيافارون من شركة “فيدرال جلوبال إنفستمنت ماندجمنت”: “لا أحد في وول ستريت يعرف كيف يمكن استيعاب هذا، إذا فاز فسيحتاج عدد من الناس لمعرفة ماذا يحدث بحق السماء”.
العالم يترقب
لا شك أن فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية سيلقي بظلاله على المشهد الدولي بصورة كبيرة، خاصة بعد التصريحات التي أدلى بها خلال حملته الانتخابية، سواء فيما يتعلق ببناء جدار مع المكسيك، أو فرض المزيد من العراقيل على سفر العرب والمسلمين للولايات المتحدة، إضافة إلى علاقته القوية بالرئيس الروسي وما تحمله من مؤشرات ودلالات تنعكس بصورة متفاوته على علاقته بدول الشرق الأوسط وأوروبا.
ويبقى السؤال: هل تتغير السياسة الأمريكية تجاه الملفات الساخنة في العالم لا سيما سوريا والعراق والشرق الأوسط بصورة عامة؟ وما مصير الملايين من اللاجئين العرب والمسلمين في أوروبا وأمريكا؟ وكيف يتم التعامل معهم بعد وصول ترامب صاحب التصريحات المناهضة لهم؟ هذا ماستجيب عنه الأيام القادمة.