يواجه كوكب الأرض عديد من التحديات والمشاكل التي وضعته داخل منطقة محاصره بالخطر من كل اتجاه، والخطر الذي ألقى بعاتقه على كوكبنا مؤخرًا هو تراجع أعداد الفقريات في العالم حيث سجل تراجعًا ملحوظًا منذ 42 عامًا وهو ما يهدد مستقبل البشرية برمتها.
فقد سجلت أعداد الفقريات في العالم تراجعًا مهولًا بلغ 58%، وقال المدير العام للصندوق العالمي للطبيعة إن القضاء على هذه الثروة الطبيعية يهدد وجود البشرية على كوكب الأرض، مؤكدًا أن “البشرية تضع نفسها في خطر”.
وتراجعت أعداد الثدييات والأسماك والطيور والبرمائيات والزواحف في العالم بنسبة 58% خلال 42 عامًا (بين 1970 و2012)، ويتوقع أن يتواصل هذا التراجع في حال عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة، حسبما حذر الصندوق العالمي للطبيعة (WWF) في تقريره “الكوكب الحي” للعام 2016.
وأكد ماركو لامبرتيني المدير العام للصندوق العالمي في هذا التقرير، الذي يشخص وضع الكوكب “في حال واصل التنوع الحيوي تراجعه الكبير، سينهار العالم الطبيعي كما نعرفه اليوم دفعة واحدة”، ولفت باسكال كانفان المدير العام للفرع الفرنسي من الصندوق إلى “أننا نشهد تدنيًا للحياة على الكوكب نحن مسؤولون عن جزء منه، وهو عامل خطر كبير بالنسبة إلينا”.
وكان التقرير السابق للصندوق العالمي لحماية الطبيعة الصادر عام 2014 قد أشار إلى انخفاض بنسبة 52% في أعداد الفقريات في العالم، وذلك بين 1970 و2010.
ويتعاون الصندوق خصوصًا مع جمعية علوم الحيوانات في لندن لرصد أعداد الحيوانات، وقد درس 14152 صنفًا ينتمي إلى 3706 أنواع من الفقريات.
ومن الأصناف الأكثر تأثرًا بهذه الظاهرة، تلك التي تعيش في المياه العذبة وقد انخفضت أعدادها بسرعة كبيرة بمعدل 81% تقريبًا بين 1970 و2012، من جراء الاستغلال المفرط وغير المقصود في بعض الأحيان (عندما تعلق مثلًا في الشباك)، كما يحصل مع الدلافين النهرية، فضلًا عن خسارة الموطن الطبيعي وتدهوره.
وقد تراجعت أعداد الأنواع البرية بنسبة 38%، وبسبب الصيد غير الشرعي، انخفض عدد الفيلة الإفريقية مثلًا بمعدل 111 ألفًا منذ العام 2006 ليصل إلى 415 ألفًا، بحسب آخر البيانات، كذلك تدنت الأنواع المائية بنسبة 38% وبات ثلث أسماك القرش والشفنينيات مهددًا بالانقراض بسبب الصيد المفرط خصوصًا.
مشاكل تواجه البشرية
تراجع عدد الفقريات ليس الخطر الوحيد الذي يهدد البشرية فهناك الكثير من العوامل التي تؤدي إلى نفس النتيجة حسبما ذكرها موقع Planet Earth Herald وهي كالتالي:
- أولًا: الاكتظاظ السكاني
لقد بلغ عدد سكان الكوكب الأزرق في 2013 أكثر من 7 بليون شخص، وأكدت دراسة مؤخرًا أن الاكتظاظ السكاني يلعب دورًا هامًا في تحديد الحالة الصحية لكوكب الأرض ويعتقد بعض العلماء أن أغلب المشاكل التي يعاني منها البشر حاليًا ومستقبليًا هي بسبب الاكتظاظ السكاني.
فقد تضاعف عدد سكان الأرض ثلاث مرات في آخر 60 سنة، فعدد السكان في 1950 كان يبلغ حوالي بليوني ونصف، والعلماء يعتقدون أنه بحلول 2030 سيبلغ عدد سكان العالم 9 بليون شخص.
وتوكد الدراسات أن الاكتظاظ السكاني سيؤثر بشكل قوي على الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي وسيزيد الصحة العامة تدهورًا، وحاليًا يتم استهلاك الموارد بنسبة 50% أعلى من المعدلات الطبيعية للاستهلاك.
وقال جيم ليب المدير العام لفريق (WWF) المهتم بالأبحاث الخاصة بالبيئة في تصريحات سابقة له: “نحن نعيش كما لو أن لدينا كوكبًا آخر، فاستهلاكنا للموارد الطبيعية حاليًا يفوق نسب المعدلات الطبيعية للاستهلاك بـ50%، وهذا الرقم ينمو بسرعة، وبهذه الطريقة بحلول عام 2030 لن يكفي حاجتنا حتى كوكبين آخرين”.
- ثانيًا: الانقراض
قل اهتمام الإنسان مؤخرًا بالطبيعة ومخلوقاتها المختلفة، وظل اهتمامه الأكبر بالتكنولوجيا والتقدم، على حساب الطبيعة، فقد ينكر البعض أهمية مشكلة مثل الانقراض بمختلف أنواعه ولكل الفصائل.
ففي الآونة الأخيرة ارتفعت نسب الانقراض في الحيوانات والنباتات على التوازي، ولعل أغلب الأسباب في هذه المشكلة هي ظاهرة الاحتباس الحراري وما يعقبها من تغيرات مناخية مفاجئة واحترار عالمي مما يؤدي ببعض الفصائل التي أصبحت نادرة إلى الهاوية.
- ثالثًا: الإفراط في صيد الأسماك
يعتبر اللون الأزرق “المحيطات” هو المصدر الأكبر للطعام في العالم، فالأسماك هي مصدر البروتين الأساسي يوميًا لأكثر من 1.2 بليون شخص، ويحذر العلماء من انهيار قادم للثروة السمكية في أقل من 50 سنة، وهذا بسبب “الإفراط في الصيد”.
سفن الصيد تنشر سنويًا حوالي 1.4 بليون صنارة صيد وبعض السفن الكبيرة تصطاد بشباك يمكن أن تفتح لتصبح بحجم 4 ملاعب كرة قدم، التي قد تستوعب 13 طائرة ضخمة، وهذه الشباك يمكنها استيعاب 500 طن من الأسماك.
وبين هذه الشباك يمكن اصطياد مخلوقات بحرية ضخمة بكميات كثيرة، وعادةً سفن صيد الجمبري تلقي من 80% إلى 90% من المخلوقات البحرية الضخمة الميتة في البحر مرة أخرى، ويقدر بأنه لكل كيلوجرام من الجمبري يتم إلقاء 9 كيلوات من المخلوقات البحرية الضخمة الأخرى.
- رابعًا: إزالة الغابات
إزالة الغابات هي عملية تدمير للغابات بهدف استخدام الأرض لأغراض أخرى مثل البناء عليها، فُقِد حوالي 18 مليون فدان من الغابات في السنة السابقة حسب تقدير United Nation Foods، حوالي نصف الغابات الاستوائية تم إزالتها، الغابات فقدت حوالي 12% إلى 17% من مساهمتها في تخفيض انبعاثات الغازات الحرارية المسببة للاحترار العالمي والاحتباس الحراري.
وفقًا لموقع LiveScience فالغابات تلعب دورًا هامًا في الحفاظ على كوكب الأرض من خطر الاحتباس الحراري العالمي والمساهمة في دورة الماء، فهي تمتص الغازات الحرارية وانبعاثات الكربون وتقوم بإنتاج الأكسيجين وبخار الماء و70% من الحيوانات والنباتات تعيش في الغابات فهي بمثابه مدنهم.
كما تساهم الغابات في منع تآكل التربة، فهي تبقيها محمية ومتماسكة، أما دون الغابات فالتربة معرضة بشكل أكبر للشمس وللتآكل، الذي يؤدي لجفاف الأرض وتآكلها ومن ثم مشاكل مثل الفياضانات أو التصحر.
- خامسًا: المخلفات وتدويرها
بسبب الاستهلاك الجماهيري المفرط للمنتجات والاستخدام الخاطئ أحيانًا لها، أصبحنا نملك أضخم قدر ممكن من القمامة والمخلفات، ومقالب القمامة تتوسع وتنمو بسرعة مما يتسبب في تفاقم الأمور وتكتل المشاكل، وهذا سبب التدهور الصحي العام للبشر وللكوكب.
أيضًا سوء تنظيم وإدارة وتدوير المخلفات والقمامة تتسبب في تلوث الماء والهواء بشكل أسوأ وأسوأ ويشترك البشر أيضًا بالإسراف في الاستهلاك مما يزيد نسبة القمامة في العالم.
- سادسًا: الحروب
إن الحروب من أكثر الأشياء استنزافًا للموارد البشرية والطبيعية، هناك ضحايا كثيرين في حروب إما مسلوبين الإرادة أو لأسباب الجشع والطمع.
فالحروب تسببت في أضرار بيئية مثل إزالة الغابات وتدمير المواطن مما أدى إلى انقراض بعض الفصائل وتآكل التربة وتلوث الماء والهواء، غير استخدام الأسلحة الكيميائية والنووية التي تسبب في مشاكل بيئية وبشرية لا حصر لها.
- سابعًا: التلوث
التلوث الهوائي هو أخطر أنواع التلوث تقريبًا وأكثرها، فحياتنا المدنية مبنية ومشيدة على حرق وقود أحفوري في التنقل والصناعة، وإطلاق مواد كيميائية ضارة بالبيئة بكميات ضخمة جدًا، تتسبب في التلوث الهوائي والاحتباس الحراري.
عوادم السيارات والمصانع وغيرها التي تعمل بحرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والغاز الطبيعي والبترول تنتج غازات ضارة مثل أكاسيد النيتروجين والكبريت والكربون المتسببة في الاحتباس الحراري والأمطار الحمضية وتلويث الهواء مما يسبب ارتفاع نسب الإصابة بأمراض مثل الربو والسرطان.
وتلوث الماء أيضًا الناتج عن إلقاء المخلفات الصلبة والعضوية فيها أو تسرب البترول لها أو مخلفات السفن والمصانع ومخلفات الصرف الصحي والاستخدام الخاطئ للمصادر المائية المختلفة، مما يجعلها من أخطر الأمور على الإطلاق.
- ثامنًا: الماء
لقد سمي كوكب الأرض بالكوكب الأزرق، لأن أكثر من 70% من سطح الكوكب مغطى بالماء بجميع أشكاله، لكن مع ذلك يقول العلماء بأنه لا يوجد غير 1% أو أقل من الماء صالح للشرب والاستخدام الآدمي فقط، والباقي متاح للسمك “ليس كله” نظرًا لتلوثه.
فمشكلة مثل الاكتظاظ السكاني والنمو المفرط للسكان التي تكلمنا عنها بالتأكيد هي عامل في وجود مشكلة محدودية المياه وعدم توفر مصادرها للاستخدام البشري، فالنظام البيئي مرتبط ومتشابك، فأي خلل يؤدي إلى مشاكل وأعراض جانبية أخرى، لذلك تلوث الهواء والتربة والاحتباس الحراري واستهلاك الوقود الأحفوري كلها تعمل على تلوث المصادر المائية المختلفة.
- تاسعًا: الطاقة
لقد تحول مجتمعنا مؤخرًا إلى مدمن للمنتجات النفطية كالبترول والغاز الطبيعي والفحم، وزادت شراهتنا جدًا فوصلت إلى حد الحروب والنزاعات من أجل الحصول على الوقود الأحفوري، مع أن العالم كله يعلم مدى خطورة الاعتماد على الوقود الأحفوري بشكل أساسي.
فيعتقد العلماء أن طريقة إنتاجنا واستهلاكنا الخاطئ للطاقة هي السبب وراء باقي المشاكل التي نعاني منها والتي تهدد كوكبنا وحياتنا، لأن عوادم توليد الطاقة من الوقود الأحفوري تكون أكاسيد النيتروجين والكربون وغيرها من المواد المتسببة بظاهرة الاحتباس الحراري.
- عاشرًا: التقلب المناخي
يُتهم سكان كوكب الأرض بقضايا عديدة أخطرها قضية الاستهلاك والإنتاج غير القانوني لموارد الطاقة الضارة بالبيئة والكوكب، فشركاء الجريمة هم الغازات الحرارية المتسببة بظاهرة الاحتباس الحراري التي تسبب مشكلة التقلب المناخي.
فقد زادت درجة حرارة كوكب الأرض حوالي 1.5 درجة فهرنهايت، ويُتوقع في الـ100 سنة القادمة ازدياد درجة حرارة الكوكب من 2 إلى 1.5 درجة فهرنايت! والتغيير البسيط والقليل في درجة الحرارة والمناخ، يؤثر بشكل كبير في النظام الآيكولوجي وفي الكوكب ويسبب مشاكل كارثية.
فارتفاع درجة حرارة الأرض يصحبها ارتفاع درجات حرارة الماء وزيادة حمضيتها وذوبان الجليد وارتفاع مستوى الماء وحدوث الأعاصير والدوامات البحرية والهوائية الكثيرة والقوية وانقراض الحيوانات والنباتات، وستؤثر هذه المشكلة في حياتنا كثيرًا وأكثر مما يعتقد ويُخيل للبعض، فستغير في نوعية الطعام الذي نأكله، وستنمو محاصيل وأنواع من النبات بنسبة كبيرة وستضمر نباتات أخرى.
أين مستقبل البشرية؟
ومن جانبه قال البروفيسور البريطاني ستيفن هوكينج، أحد أبرز علماء الفيزياء النظرية على مستوى العالم، إن المستقبل الوحيد للجنس البشري لن يكون له وجود إلا بعيدًا عن كوكب الأرض، وفي مكان ما في الفضاء.
وأضاف البروفيسور ستيفن في أثناء زيارة له إلى متحف العلون في العاصمة البريطانية لندن في مارس 2015، وفقًا لصحيفة “ديلي ميل”، أنه يعتقد أن مستقبل البشر على المدى البعيد يكمن في السفر إلى الفضاء، موضحًا أن مستقبل الجنس البشري يجب أن يكون في الفضاء، الذي قد يمنع زوال البشرية وذلك عن طريق استعمار الكواكب الأخرى”.
وقال ستيفن، إن أكبر فشل ارتكبه البشر هو “العدوان”، إن حربًا نووية كبرى ستكون نهاية الحضارة وقد تكتب نهاية الجنس البشري، وحث البشر على أن يكونوا أكثر عاطفة، مشيرًا إلى أن العاطفة “تجمعنا سويًا في دولة آمنة متحابة”.