تستعد السلطات الموريتانية لتخفيض عملتها بحوالي 30% أمام الدولار الأمريكي، نزولاً عند طلب صندوق النقد الدولي، وكشفت صحف محلية موريتانية أن نواكشوط تتجه نحو تحرير قيمة عملتها من أجل الخروج من الأزمة الاقتصادية المتفاقمة.
الرضوخ لضغوط صندوق النقد الدولي
تأمل السلطات الموريتانية أن تخفض قيمة العملة بشكل تدريجي حتى لا تؤثر بشكل كبير على زيادة أسعار المواد الأساسية خاصة أن البلاد تستورد نحو 70% من حاجياتها من المواد الأساسية الغذائية والخدمية والتجهيزات.
وسبق لصندوق النقد الدولي أن دعا موريتانيا إلى مزيد من مرونة الأوقية (العملة المحلية في موريتانيا) تفاديًا للتضخم، إلا أن نواكشوط قابلت ذلك بالرفض قبل أن تخضع في النهاية، على اعتبار أن تخفيض قيمة العملة يعتبر شرطًا أساسيًا على الدول التي ترغب بالاستمرار في الحصول على الدعم المالي من الصندوق.
وسجل سعر الأوقية، في الفترة الأخيرة، تراجعًا كبيرًا وصل إلى 339.7 مقابل الدولار، وفي السوق السوداء وصل سعر الدولار إلى 354 أوقية، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الكثير من المواد الأساسية المستوردة.
فقدت الأوقية، خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، نحو 13% من قيمتها
ويأتي تخفيض العملة المحلية في موريتانيا كجزء من الإجراءات التي قدمها صندوق النقد الدولي إلى نواكشوط من أجل إنعاش النمو في ظل انخفاض أسعار المواد الأولية على الصعيد الدولي، وتسعى موريتانيا من خلال مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي للحصول على قروض لتمويل مشروعاتها التنموية واستيراد حاجياتها.
وفقدت الأوقية، خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، نحو 13% من قيمتها، ففي بداية سنة 2013 كان الدولار الأمريكي الواحد يساوي 299.8 أوقية، وفي بداية عام 2016 الجاري أصبح الدولار يساوي 339.6 أوقية، وكانت مذكرة سابقة لصندوق النقد الدولي قد أكدت أن الوضع الاقتصادي في موريتانيا يتطلب مزيدًا من نقص قيمة الأوقية الموريتانية لتفادي التضخم.
تباطؤ في الاقتصاد الموريتاني
حذّر صندوق النقد الدولي في تقرير نشره خلال فبراير الماضي، من “صدمة عنيفة” تواجه الاقتصاد الموريتاني، مشيرة إلى تباطؤ كبير في أداء الاقتصاد خلال عام 2015 بسبب تراجع أسعار الحديد والنفط.
وجاء في بداية التقرير أن “موريتانيا بعد سنوات من الأداء الاقتصادي القوي، تواجه صدمة عنيفة فيما يتعلق بمعدلات التبادل التجاري، بسبب انخفاض أسعار خام الحديد الذي تسبب في تراجع الأداء والتوقعات الاقتصادية.”
السلطات الموريتانية وضعت سياسات لمواجهة التقلبات الدورية مستخدمة عوامل خارجية لامتصاص الصدمة
تراجع النمو الاقتصادي الموريتاني من 6.6% في العام 2014 إلى 1.9% في 2016، وصاحب ذلك تراجع في الاستثمارات والمدخرات الكلية كنسبة من الناتج المحلي، وأوضح التقرير أن “السلطات الموريتانية وضعت سياسات لمواجهة التقلبات الدورية مستخدمة عوامل خارجية لامتصاص الصدمة، وأخرى من الميزانية التي تم جمعها خلال سنوات الطفرة”، وأضاف التقرير “بما أن الصدمة كانت أكثر قوة من المتوقع منذ البداية، قامت السلطات بتعديل سياساتها في 2015 مع السماح بسعر صرف أكثر مرونة، ومع اتخاذ إجراءات لتعزيز العائدات الضريبية.
وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي (غير الاستخراجي) ليصبح في حدود 3.1% بعد أن كان 6.6% خلال عام 2014، فيما سجل متوسط معدل التضخم في مؤشر أسعار المستهلكين السنوي تراجعًا بحوالي 0.5% عام 2015، بسبب انخفاض أسعار المواد الغذائية في الأسواق العالمية والتغير في أسعار الصرف، بينما يقدر عجز الحساب الجاري الخارجي، الذي استفاد من تراجع أسعار النفط عالميًا، بحوالي 19% من الناتج المحلي الإجمالي في 2015.
وتراجعت نسبة الاستثمارات الكلية كنسبة من الناتج المحلي في 2015 إلى 35.6%، بعد أن كانت 49.6%، كما تراجعت المدخرات كنسبة من الناتج المحلي في 2015 إلى 16.2% بعد أن كانت 21.9% عام 2014، ويصنف الاقتصاد الموريتاني على أنه ضمن الاقتصادات الأقل نموًا على مستوى العالم، من بين حوالي 48 دولة.