دونالد الشعبوي.. ترامب يرث أمة منقسمة والاحتجاجات تجتاح أمريكا

للمرة الأولى في التاريخ الأمريكي تفرز الانتخابات الرئاسية هذا الكم من الاعتراضات والأزمات والاحتجاجات، بل ومطالبات الانفصال والهجرة، اعتراضًا على سياسات وآراء المرشح الفائز عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب بمنصب رئيس الولايات المتحدة.
استقطاب وشعبوية
أبرز سلبيات الانتخابات الأخيرة وفق المحللين أنها خلفت حالة من الاستقطاب والشعبوية، تقوم على فكرة “هم ونحن” بين مؤيدي ورافضي ترامب، وهي حالة لم تظهر فجأة بعد الانتخابات، ليفاجأ بها الأمريكيون، كونه سعى بصراحة خلال حملته لقولبة خصومه بأنهم غير منطقيين أو غير مؤهلين، أو حقيرين أو غير أمريكيين، أو بحسب عبارته المفضلة “مثيرون للاشمئزاز”، وكان واثقًا أنه سيجد صدى بين ناخبيه، وهو ما يعني أن ترامب رغم نجاحه سيرث أمة منقسمة.
وعود جوفاء
ترامب أدرك هذه الأزمة مبكرًا، وفي خطابه الأول بعد إعلان فوزه بالانتخابات، وسارع بتقديم وعود للأمريكيين بأنه سيكون رئيسًا للكل دون تفرقة، وهو الوعد الذي لم يصدقه معارضوه، فانطلقت المظاهرات المناهضة له في ولاية أوكلاند صاحبتها أعمال شغب، تعبيرًا عن رفض بعض سكانها للرئيس الجديد، حيث خرج العشرات من مناصري هيلاري كلينتون إلى الشوارع معبرين عن رفضهم للرئيس الجديد دونالد ترامب، وقاموا بأعمال شغب وحرق حاويات القمامة، وسط هتافات “ليس رئيسنا”.
وأورد موقع “يو إس إيه توداي” الأمريكي، أن محتجين غاضبين من فوز ترامب، انطلقوا في الشوارع بجنوب كاليفورنيا شرق أمريكا، وتسبب البعض منهم في وقف حركة النقل وأضرار بالممتلكات، وأحرق متظاهرون دمية لترامب وحطموا نوافذ غرفة الأخبار لموقع أوكلاند تريبيون، وتظاهر مئات الطلاب في شوارع في بيركلى وسان خوسيه، وأكثر من 2000 شخص في مدينة أوكلاند، وأغلقوا الشوارع مرددين هتافات هذه شوارعنا.. وهذا ليس رئيسنا.
وفى وسط مدينة لوس انجلوس تجمع حشد من الأمريكيين الغاضبين، وشوهوا بعض الممتلكات، ورسموا على الجدران رسم جرافيتى يهين ترامب.
أزمة المهاجرين
وفي شيكاغو حاول نحو ألف شخص التجمع خارج فندق “ترامب إنترناشونال” مرددين عبارات، مثل “لا لترامب” و”أمريكا لن تكون عنصرية” وأغلقت شرطة شيكاغو الطرق بالمنطقة مما حال دون تقدم المتظاهرين.
وعبر المحتجون عن رفضهم الشديد لتعهدات ترامب بمنع دخول المهاجرين غير الشرعيين، إلى جانب سياسات أخرى اعتبروا أنها ستؤثر على غير البيض، كما تجمع مئات أيضًا في فيلادلفيا وبوسطن، ويخطط منظمون لمسيرات في سان فرانسيسكو ولوس أنجلوس وأوكلاند في كاليفورنيا.
وقالت الشرطة في أوستن عاصمة تكساس إن نحو أربعمئة شخص خرجوا في مسيرة احتجاجًا على فوز ترامب، وأكد مشاركون في الوقفة الاحتجاجية أنهم لن يتركوا له المجال لكي يقوم بكل ما يشاء خلال رئاسته، كما أعرب المشاركون عن فقدانهم الثقة في الحزب الديمقراطي الذي اختار هيلاري كلينتون مرشحة عوضًا عن بيرني ساندرز.
لست رئيسنا
وفي كاليفورنيا خرج نحو 1500 من طلاب ومعلمي مدرسة ثانوية في مدينة بيركلي بمنطقة خليج سان فرانسيسكو من الفصول الدراسية أمس الأربعاء مرددين هتاف “لست رئيسنا”.
وأظهرت صور على تويتر مئات الطلاب وقد حمل كثير منهم لافتات تندد بالرئيس المنتخب، ولوحوا بالأعلام المكسيكية إلى جانب وسمي “لست رئيسي”، و”إضراب مدرسة بيركلي الثانوية”.
وأظهرت صفحة على الفيسبوك لاحتجاج مقرر في حديقة ساحة الاتحاد بمانهاتن أن أكثر من ثمانية آلاف شخص قرروا المشاركة.
واشتدت الاحتجاجات خلال الساعات الأخيرة من ليل أمس وبدأ ناشطون من ولاية كاليفورنيا الدعوة عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى احتجاجات تطالب بانسحاب ولايتهم من الولايات المتحدة.
وتعد ولاية كاليفورنيا تاريخيًا معقلاً مهمًا من معاقل الديمقراطيين، وقد فازت بها هيلاري كلينتون لكنها خسرت السباق الرئاسي أمام الجمهوري ترامب، ودعا ناشطون في كاليفورنيا سكان ولايتهم إلى احتجاجات أطلقوا عليها “Calexit“، وتعني “خروج كاليفورنيا”، مستوحين ذلك من مصطلح “Brexit“، الذي استخدم للتعبير عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
استفتاء للانفصال
ويطالب القائمون على حملة الخروج باستفتاء يجرى عام 2019 في مدن الولاية، تصبح بموجبه كاليفورنيا بلدًا مستقلاً في حال كانت نتيجة الاستفتاء إيجابية.
وتلقى الحملة دعمًا من أشخاص معروفين، أبرزهم شيرفن بيشيفار، أحد المستثمرين في شركة “أوبر”، الذي وعد بتمويل حملة لتحويل كاليفورنيا إلى بلد مستقل إن فاز ترامب بالرئاسة.
طلبات للهجرة
التظاهرات لم تكن وحدها وسيلة تعبير الأمريكيين عن رفضهم لترامب، فقد شهد موقع الهجرة إلى كندا إقبالاً كثيفًا أدى إلى تعطله، فيما أقبل الأمريكيون بكثافة للبحث عن شروط الهجرة إلى نيوزيلندا، رفضًا لسياسة ترامب العنصرية والتي يراها الأمريكيون بداية للفرقة الداخلية بالبلاد.
وعلى غير عادته في توجيه اللوم والانتقادات كتب ترامب على حسابه بتويتر تغريدة تعهد خلالها كرئيس للولايات المتحدة بعدم إغفال أي شخص، مؤكدًا أن الأمريكيين سيتوحدون كما لم يحصل سابقًا، وكتب يقول “يا لها من أمسية رائعة ومهمة! إن الرجال والنساء المنسيين لن يبقوا كذلك بعد الآن، سنتحد كما لم يحصل سابقًا”.
وهذه الرسالة التصالحية من رجل الأعمال المعتاد على توجيه الانتقادات والهجمات اللاذعة من كل الأنواع على حسابه على تويتر، أعاد نشرها 20 ألف شخص ونالت أكثر من 40 ألف تعليق إيجابي خلال بضع دقائق، فهل تصدق تعهداته أم تسير الولايات المتحدة في طريق التأزيم؟