ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالتندر والسخرية من تصريحات السيسي التي قال فيها إنه يمتلك ثلاجة لا يوجد بها شيء سوى الماء لأكثر من عشر سنوات، حد قوله، وتعدى الحديث عن الثلاجة الأروقة الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي إلى الأروقة السياسية، في أثناء لقاء أمين منظمة التعاون الإسلامي السابق إياد مدني بالرئيس التونسي الباجي السبسي، إذ مازحه بالقول إن ثلاجته تحوي ما هو أكثر من الماء!
يعترف السيسي بنفسه أن مرسي حينما عيّنه وزيرًا للدفاع، كان يرى فيه رجلاً متدينًا، وربما هذا التدين كان نابعًا من حياة الزهد الناتجة عن كمية المياه التي تعج بها ثلاجته، وأظهرته بمظهر الرجل العابد الفقير إلى الله.
استطاع السيسي معتمدًا على ماء الثلاجة تلبية مطالب متظاهري 30 يونيو المتعطشين للحرية، لكنه أغرق الشعب في بحر من الدماء، بعضهم خيّل لهم حينها أنه ماء خالص لمن أراد أن يشرب، فشربوا معه مرغمين، ومن رفضوا ذلك تخلص منهم بطلقات نارية ببرودة لا يساويها إلا برودة الثلاجة نفسها، وبعضهم زج بهم في السجن لأنهم فضلّوا البقاء في السفينة ولم يأووا إلى جبل سيناء الذي يعاني أهله من بطش جيش، كانوا في نظر مرسي ذات يوم “رجّالة زي الذهب”.
نجحت ثلاجة المشير في الانقلاب على الشعب بمساعدة “الرز الخليجي” الذي تفاعل مع كمية المياه الموجودة في الثلاجة، لتخرج طبخة الثالث من يوليو وما تلاها من ويلات لا يزال الشعب يعاني من تداعياتها حتى اللحظة، وبإضافة مشكلات الاقتصاد وتدني فرص المعيشة يكون الغلابة قد أكملوا نصف ثورتهم، ولم يبق سوى النزول للشارع لإكمال النصف الآخر.
تعويم الجنيه ورفع الدعم عن الوقود سيكون الوقود الذي يستمد منه الغلابة غضبهم، ليطلقوا ثورة أصبحت حقًا مشروعًا لشعب سرق العسكر ثورته وأدخلوها في عداد المفقودين.
للغلابة الحق أن يحلموا بوطن يحكمه نظام يوفر لهم متطلبات العيش الكريم والعدالة الاجتماعية، وقبل ذلك الحرية التي أغرقها السيسي في مياه نهر النيل، بعد أن عجزت مياه ثلاجته عن استيعاب حرف واحد فقط تفوّه به سائق “التوك توك” بحرقة على ما آلت إليه مصر في عهد تحيا مصر.
سائق التوك توك هذا لم يكن سوى إنسان مغلوب من ملايين الغلابة الذين تعج بهم قاهرة المعز، التي تحولت إلى قاهرة المشير، لا ينازعه فيها أحد ولا يسمع فيها غير عبارات مستهلكة، تصنع في مدينة الإنتاج الإعلامي وماسبيرو.
عقب الانقلاب صاح السيسي متفاخرًا: “بكرة تشوفوا مصر”، وكان يريد في ذلك إثبات أن مصر في عهده لن يكون فيها “غلبان”، لكن الرز الخليجي خانه هذه المرة باستثناء الكرم الإماراتي، ووجد نفسه مضطرًا لشرب كميات كبيرة من الماء علّها تعيد انتفاخه ليبدو أكثر اتزانًا وواقعيةً.
للغلابة عفويتهم وتسامحهم وتواضعهم، وللغلابة أيضًا حق في وطنهم لن يتنازلوا عنه طالما شرعه الدين وكفله القانون.
نجحت الثلاجة في الانقلاب العسكري وكسر إرادة الشعب المصري، وكان الغلابة لا يحملون هذا الاسم حينها.
بقي سؤال فقط يطرح على وقع 11/11: هل ستصمد الثلاجة أمام ثورة الغلابة؟