لم تكن هذه الفئة كالفئات السابقة التي حجبت الشؤون الاجتماعية في رام الله بأوامر من السلطة المساعدات المالية عنها، فهي فئة مظلومة ومحتاجة تشمل مرضى السرطان والفشل الكلوي والسكر والمسنين ومرضى القلب المفتوح دون أي معيل لهم أو مصدر دخل يغطي ولو القليل من احتياجاتهم والتي أهمها الدواء، غير أن أسباب القطع غير معلومة ودون أي تنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية في غزة.
وجرت العادة أن تقطع المساعدات المالية عن عدد من الناس دون القيام بأي بحوث ميدانية تثبت احتياجهم من عدمه ودون إشعار وزارة الشؤون الاجتماعية في غزة، فيقول عزيز المدهون مدير دائرة الحماية الاجتماعية: “نتفاجأ بقيام وزارة الشؤون في رام الله بحجب المساعدات المالية عن عدد من الناس دون إشعارنا بهذا الحجب ودون تبليغنا ونرى ذلك من خلال النظام على أجهزة الحاسوب”.
ويبلغ عدد الفئة التي جرى الحجب على مساعداتها 783 حالة على مستوى قطاع غزة إضافة إلى حالات الحجب السابقة وبذلك تقلص أعداد المستفيدين من البرنامج الوطني لخدمات الشؤون الاجتماعية إلى 75 ألف و598 من أصل 79 ألف أسرة على مستوى قطاع غزة.
وأوضح المدهون عند سؤاله عن أسباب الحجب أن الأسباب غير معلومة، فبعض المواطنين يتم محاسبتهم على معلومات قديمة قبل 10 أو 20 سنة ولا يتم الاعتماد على معايير البرنامج الوطني لخدمات الشؤون عند إجراء بحوث على هؤلاء الناس وأكد على أن 99% من هذه الدفعة محتاجة وليس لديها أي مصدر دخل كما أنها فئة مكلومة منها مرضى السرطان والفشل الكلوي والمسنين ولا يجدون من يساندهم.
تجولنا بين بعض الحالات فكانت الحاجة مبروكة خزيق أول من قابلتهم وهي أرملة مسنة تبلغ من العمر 80 عامًا تعاني من مرض الضغط وخشونة في الركبة وتقطن في بيت سقفه من الأسبست وحدها وليس لها من يعيلها، وابنها يعيل عشرة أفراد وزوجته جريحة قطعت عنهم أيضًا الشؤون الاجتماعية فتقول زوجة ابنها: “قطعت الشؤون الاجتماعية عن الحاجة مبروكة بحجة وجود ضريبة مستحقة على محل كان ابنها يعمل فيه وسجله باسمها وتم إغلاقه في أحداث استشهاد محمد الدرة وهي الآن تبكي وتتألم جراء ما حل بها”.
لكن الحياة الأكثر صعوبة وألم كانت لدى عائلة محيي الدين محرم الذي يعاني من مرض السكر وفقد إحدى عينيه جراء مشاجرة أصحاب المنزل الذي كان يعيش فيه بالإيجار مع عائلته البالغة عشرة أفراد بسبب عدم دفع الإيجار ما أدى به إلى الانتقال للعيش أيضًا بإيجار آخر لا يستطيع سداد ثمنه فهو بالكاد يدفع كل 6 أشهر مبلغًا ولا يكفي وكل ذلك كان مما يحصل عليه من الشؤون الاجتماعية عدى عن فواتير الكهرباء والماء المستحقة عليهم.
يروي محرم بصوت مخنوق: “صليت الفجر وخرجت لأحصل على راتب الشؤون هذا الشهر كما جرت العادة وأصطف في أدوار ليس لها نهاية وانتظرت كثيرًا حتى جاء دوري وفوجئت أن ليس لدي أي رصيد وعدت سريعًا إلى المنزل”.
في حين ذهبت زوجته على الفور إلى وزارة الشؤون الاجتماعية لتستفسر عما حصل وصدمت بحجب المساعدات المالية عنهم ولم تدر ماذا تفعل وحدثتنا: “أيقظني زوجي الفجر لأعطيه الهوية حتى نأخذ الشؤون وعندما عاد فارغ اليدين ذهبت للاستفسار ففوجئت بانقطاع الشؤون عنا ولم أستطع إخبار زوجي مخافة أن يحصل له شيء”.
أما عما يأكل عائلة محرم فهم يعيشون على “النواشف” على حد وصفهم وثلاجتهم فارغة إلا من المياه، فلا يجدون ما يطبخونه ولا يجدون أصلاً الغاز الذي يعدون عليه الطعام، كما أن أطفالهم وأبناءهم لم يلتحقوا بالمؤسسات التعليمية على اختلاف المراحل من الابتدائية وحتى الجامعية، وما فعله أبو عامر للخروج من هذه الأزمة كما يفعل البقية هو إحضار ورقة من وزارة الاقتصاد ومن الضريبة علها تكون المنقذ لهم ودليل براءتهم من تهمة عدم الاحتياج.