“سنكون في أي مكان، ننقل كل شيء، وسنجعل الكل متصلًا ببعضه”، هذا هو شعار الفريق المسؤول عن مشروع الهايبرلوب (Hyperloop) الخاص بتقنية جديدة في النقل بسرعة الطائرات ولكن بتكلفة نقل المواصلات العامة العادية، حيث يصفها إيلون ماسك مخترع تقنية الهايبرلوب الأمريكي (الذي يملك عديد من الشركات من ضمنها “سبايس إكس” و”تيسلا موتورز” وهو أحد مؤسسي مشروع الرحلة إلى المريخ) بأنها أكثر وسائل النقل راحة وأمانًا وسرعة وكذلك أقلهم تكلفة.
الهايبرلوب هو نظام للنقل السريع يستخدم أنابيب منخفضة الضغط خالية من الهواء تربط بين المحطات تندفع فيها كبسولات الركاب بسرعة عالية على وسادات هوائية مضغوطة لا تحتك بجدران الأنبوب، تستطيع كل كبسولة حمل نحو 20 راكبًا، ويمكن إطلاق كبسولة للركاب كل 30 ثانية في الخط الواحد دون أي مشكلة أو خطر من اصطدام الكبسولات ببعضها أو خروجها عن المسار، كما توجد مسافة أمان بين كل كبسولة والأخرى تبلغ خمسة أميال.
تشبه الهايبرلوب في ميكانيكية عملها عمل الطائرات بالضبط، فهي توفر كبسولة مليئة بالركاب تنطلق داخل أنبوب يوفر بيئة منخفضة الضغط تشبه كثيرًا طائرة على ارتفاع عالٍ، ورغم ذلك فلا يكلف ركوب وسيلة المواصلات التي تعمل بتقنية الهايبرلوب نفس تكلفة استخدام النقل الجوي، فهي تعمل بسرعة الطائرات ولكن تكلف الفرد نفس تكلفة المواصلات العامة من قطارات داخلية أو حافلات.
سرعة الهايبرلوب تفوق سرعة الصوت وتسير بسرعة 1200 كم في الساعة، حيث يمكنها أن تقطع المسافة ما بين لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو في 35 دقيقة، وستحتاج وسيلة النقل التي تعمل بتقنية الهايبرلوب إلى 12 دقيقة فقط للتنقل بين دبي وأبو ظبي، و48 دقيقة من دبي إلى الرياض، و23 دقيقة بين دبي والدوحة، و27 دقيقة بين دبي ومسقط.
كيف بدأت الهايبرلوب؟
يقول فريق شركة “هايبرلوب وان” على الموقع الرسمي للشركة، وهو الفريق القائم على العمل على تطبيق تقنية الهايبرلوب بوسائل النقل في الولايات المتحدة الأمريكية وبعض من الدول التي عقدت مع الشركة عقود اتفاق تطبيق التقنية في وسائل النقل الخاصة بها مثل الإمارات العربية المتحدة وقطر، بأن بداية الفريق كانت بإحدى ورش العمل الصغيرة في ولاية لوس أنجلوس عام 2014، ليتحول الآن إلى شركة تحوي 200 موظف في ثلاثة مقرات في ولايات مختلفة، من مختلف المجالات بداية من المهندسين إلى المصممين، وكذلك خبراء إدارة الأعمال والتسويق.
بحسب رواية الفريق عن تسلسل تاريخ “هايبرلوب وان” فيتابع بأن الأحداث تسارعت وتطورت بشدة بالنسبة إليهم، فقاموا باختبار أول محرك لهم في شهر مايو/ آيار الماضي من العام الجاري ويعزمون على اختبار أول نظام متكامل لوسيلة نقل تعمل بشكل كلي بتقنية الهايبرلوب في بدايات عام 2017، حيث يعملون الآن على بناء البنية التحتية للطرق التي سيتم فيها تطبيق تلك التقنية في خمسة بلاد مختلفة، كما تهدف مشاريعهم المستقبلية إلى البدء في نقل الأفراد بتقنية الهايبرلوب في عام 2021.
تؤمن شركة “هايبرلوب وان” بأن نظام الهايبرلوب سيغير حياتنا في المستقبل كليًا، فهم يصفون أنفسهم بأنهم يبيعون الوقت للناس، فبمشروع مثل الهايبرلوب في عالم النقل، ستتحول عواصم المدن الكبرى إلى مجرد محطات للقطارات حول العالم، وهو ما سيغير بالفعل من اتصال العالم ببعضه وربما ستكون نقلة جذرية في عالم التجارة العالمية، والتواصل الاجتماعي بين الدول.
تعتبر “هايبرلوب وان” هذا المشروع من أكثر المشاريع صداقة للبيئة، حيث سيعمد إلى تقليل نسبة التلوث في العالم وكذلك التقليل من نسبة الانبعاثات الحرارية، والحد من اكتظاظ المدن المزدحمة، وعليه سيقوم بالتأثير الإيجابي على حياة البشر اليومية، حيث سيقوم بالحد من التأخير في العمل، والغضب والتوتر الناتج عن الازدحام المستمر وكذلك الحد من قضاء وقت أطول من المعتاد في المواصلات العامة، وبخاصة في المدن الكبيرة.
نبذة عن مخترع الهايبرلوب “إيلون ماسك”
إيلون ريفي ماسك من أصول جنوب إفريقية، مهندس كندي – أمريكي مبادر ومخترع، اشتهر ماسك بتأسيس عدد من الشركات الضخمة حول العالم مثل شركة سبيس إكس التي يشغل منصب المدير التنفيذي فيها، وشركة تصنيع السيارات الذكية تيسلا موتورز التي يشغل فيها منصب المدير التنفيذي ومهندس الإنتاج، كما شارك بتأسيس شركة التداول النقدي الشهيرة باي بال، ويطمح ماسك إلى تطبيق فكرة نظام النقل فائق السرعة المعروف بالهايبرلوب.
إيلون ريفي ماسك
كيف تعمل تقنية الهايبرلوب؟
عند السفر عن طريق الهايبرلوب، فلن نرى وسائل النقل التي اعتدنا على ركوبها طول حياتنا، فهي تتخذ نفس الشكل الخارجي ولكن مع بعض التعديلات التي تأخذ شكلًا أكثر حداثة بمرور الزمن وبتطور التكنولوجيا، ولكن في حالة الهايبرلوب، فحن نركب في حجرات أشبه بكبسولات تُعرف بالـ “بود” Pod تسافر عبر ناقل Transporter في أنبوب كبير بسرعة فائقة.
يتم دمج أنابيب منخفضة الضغط، شبه خالية من الهواء، ذات احتكاك ضعيف أو معدوم، لزيادة وسرعتها، تربط بين عدد من المحطات، وغياب احتكاك الكبسولات بالأنبوب ناتج عن حقل مغناطيسي يولّده محرك كهربائي، يستمدّ قوته من الطاقة الشمسية.
يقول “إيلون ماسك” مخترع التقنية عنه عبر مدونته بأنها:
تقنية تجمع بين خصائص طائرة كونكورد ومدفع “ريل جان” ولعبة الهوكي ستجعلكم تنتقلون من أبوظبي إلى دبي خلال 12 دقيقة
حيث يمكن لوسيلة المواصلات التي تطبق تلك التقنية الربط بين المراكز السكنية الرئيسية في العالم لتوفير رحلات تستغرق وقتًا أقل، بحيث يمكن الانتقال بين أمريكا إلى الصين خلال رحلة تستغرق ساعتين فقط، وتوقع ماسك بناء الأنبوب الواحد بنحو 10% من تكلفة القطار فائق السرعة وربع تكلفة الطرق البرية الممهدة.
كانت كل من الإمارات وقطر من أوائل الدول التي رغبت في تبني تلك التقنية في وسائل النقل، حيث أعلنت هيئة الطرق والمواصلات في دبي، وشركة النقل الأمريكية “هايبرلوب وان”، عن توقيع اتفاق لتطوير طرق جديدة لقطاع النقل بين أبو ظبي ودبي، تقلّص أوقات الرحلات بينهما إلى 12 دقيقة فقط بدلًا من زمنها المعتاد الذي يصل إلى قرابة الساعة.
يقول جوش جيجيل رئيس المهندسين في شركة “هايبرلوب وان” في تقرير عن مشروع الشركة بأن “هايبرلوب” يعد عالم وسائل النقل بأن يخرج الفرد من منزله في دبي ليجد نفسه في مركبة ذاتية القيادة تُشبه غرفة الجلوس في منزله ليصل في غضون 48 دقيقة إلى مكتبه في الرياض.
مركز التحكم ببرج خليفة في دبي
يتابع جيجيل “هايبرلوب وان ستغيّر من مفهوم العالم أجمع عن المواصلات، لن يحتاج الفرد للذهاب إلى المطار قبل موعد رحلته بعدة ساعات، ولن يكون مفهوم الازدحام في المستقبل كما هو معروف لنا الآن، ولن نضطر للتذمر من قضاء ساعات عدة في مكان مزدحم بالبشر ومغلق كما هو الحال في مترو الأنفاق أو في الحافلات التي تضطرنا لتحمل عدم وجود هواء نقي لمدة طويلة، بالإضافة إلى حلمها في القضاء تمامًا على إنتاجيتنا العالية للانبعاثات الحرارية وملوثات الهواء في أثناء رحلاتنا اليومية بالمواصلات العامة، لتعتمد هايبرلوب وان على الطاقة الشمسية في اختراع مشروع صديق للبيئة من المتوقع أن يقوم بثورة حقيقية في العالم أجمع.