نجحت السلطة الحاكمة بالجزائر في التخلص من شبح المقاطعة الذي كان يلاحق الانتخابات البرلمانية والرئاسية في بلادها، بعد قرار أحزاب معارضة عديدة المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة التي من المقرر إجراؤها الربيع المقبل.
أحزاب معارضة تشارك في الانتخابات المقبلة
أعلنت أحزاب إسلامية جزائرية، أبرزها حركة مجتمع السلم، مشاركتها في الانتخابات التشريعية التي ستشهدها البلاد في أبريل القادم، بعد إعلان أحزاب علمانية معارضة مشاركتها أيضًا، وكانت حركتا النهضة والإصلاح قد أعلنتا أنهما ستشاركان في هذه الانتخابات، على أن تلتحق ثلاثة أحزاب إسلامية أخرى هي حركة البناء الوطني وجبهة التغيير وجبهة العدالة والتنمية.
ويأتي توجه الإسلاميين للمشاركة بعدما قاطع جلهم انتخابات الرئاسة التي جرت سنة 2014، وأسفرت عن فوز الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بولاية رابعة، وبرر محمد ذويبي رئيس حركة النهضة، قرار المشاركة بكون الأغلبية من أعضاء الحركة يميلون إلى هذا الخيار، رغم ما يعلمون من وجود تحديات ومشاكل وصعاب، موضحًا أن الحزب قرر خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، بسبب الظرف السياسي والاقتصادي والإقليمي الذي ستجرى فيه الانتخابات هذه المرة.
سبق أن أعلن حزب التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية العلماني المعارض عزمه المشاركة في الانتخابات
ومن المنتظر أن تجرى الانتخابات المقبلة في ظل وجود هيئة عليا لمراقبة الانتخابات استحدثها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وتم النص عليها في الدستور الجديد، وتشير المادة 194 من الدستور إلى استحداث الهيئة المستقلة العليا لمراقبة الانتخابات “والتي تسهر على شفافية ومصداقية الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية والاستفتاء بدءًا من استدعاء الهيئة الناخبة إلى غاية الإعلان عن النتائج المؤقتة للاقتراع”، وسبق أن أعلن حزب التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية العلماني المعارض عزمه المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة، بعد أن قاطع الانتخابات الماضية.
تشتت المعارضة
قرار الأحزاب المشاركة في الانتخابات المقبلة، وإن قابله ترحيب من النظام الحاكم فإنه سبب امتعاضًا في صفوف بعض أحزاب المعارضة المقاطعة للانتخابات، على اعتبار أن قرارهم بالمشاركة في الانتخابات جاء مناقضًا نوعًا ما لسقف المطالب الذي رفعته هذه الأحزاب مباشرة بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2014.
تخشى أحزاب المعارضة من تزوير الانتخابات في ظل عدم امتلاكها حق مراقبة الانتخابات
ويشير خبراء جزائريون إلى إمكانية حدوث صدع داخل هيئة التشاور والمتابعة (تكتل شكلته المعارضة الجزائرية مباشرة بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة)، والتي انبثقت عن تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي، وتخشى أحزاب المعارضة من تزوير الانتخابات في ظل عدم امتلاكها حق مراقبة الانتخابات كما كان عليه الحال من قبل تشكيل الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات، ويصف بعضهم شروط الترشح حسب قانون الانتخابات بـ”التعجيزية” والتي “لا تتوفر سوى في أحزاب الموالاة”.
وتسعى الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية المشاركة في تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي، حسب الإعلان السياسي لهيئة التشاور والمتابعة للمعارضة الوطنية المنبثقة عن التنسيقية إلى “وضع الآليات والأدوات التي تسمح بعودة سيادة الشعب لتزويد الأمة بمؤسسات شرعية ذات مصداقية ومتوازنة تضمن الحريات والمساواة في الحقوق والتداول على السلطة عن انتخابات نزيهة ونظيفة تحت إشراف هيئة مستقلة لتنظيم المنافسة الانتخابية”.
وتعاني الجزائر انسدادًا شاملاً يتجسد في أزمة نظام مكتملة الأركان، حسب حزب طلائع الحريات الذي يقوده علي بن فليس رئيس الحكومة الأسبق، وتحمّل المعارضة الجزائرية النظام الحاكم مسؤولية تدهور الوضع العام للبلاد وانسداد الأفق التي يعيش على وقع الشعب الجزائري.