هل تعلم بأن الرئيس الأمريكي المنتخب حديثًا دونالد ترامب، عاشق لرياضة المصارعة الحرة ويمارس لعبة الغولف بانتظام ويمتلك ناديًا رياضيًا!
ليست هذه المعلومة سوى جزء يسير من مفردات العلاقة التاريخية الوطيدة التي تربط بين الرياضة والسياسة، إذ طالما ارتبطت أسماء زعماء وساسة العالم عبر التاريخ، بعدد من الألعاب الرياضية التي يعشقونها ويمارسونها أيضًا، بل إن عددًا لا بأس به من أولئك السياسيين كانوا في الأصل من أبطال ومشاهير الرياضة، قبل أن يغريهم عالم السياسة والسلطة، فيقتحموا أسواره العالية، ويشغلوا مناصب سياسيةً هامةً في بلدانهم.
ترامب خلال حادثة الحلاقة الشهيرة في WWE
ونبدأ من الولايات المتحدة ورئيسها رقم 45 دونالد ترامب، الذي لم يخفِ يومًا عشقه لرياضة المصارعة الحرة الترفيهية WWE، إلى درجة دفعته لشراء جزء من حقوق عرض هذه الرياضة عام 2009، إضافةً إلى ظهوره المتكرر في حلباتها إلى جانب مشاهير المصارعين، ولعل أشهر ظهور له داخل الحلبات كان عام 2007، حين ظهر وهو يقوم بحلق شعر أحد رعاة WWE، وهو رجل الأعمال فينيس مكمان، وذلك إثر رهان حول إحدى المنازلات.
كما تعتبر كرة القدم الأمريكية ضمن هوايات ترامب الرياضية، حيث مارسها في شبابه، قبل أن يقوم بشراء حصة كبيرة في نادي نيوجيرسي جنرال عام 1983 ويبيعها بعد عامين، ولا تقتصر ميول ترامب الرياضية على المتابعة، بل هو ممارس دائم للعبة الجولف، إلى درجة دفعته لتأليف كتاب عنها عام 2005 حمل عنوان: “أفضل نصيحة تلقيتها على الإطلاق في لعبة الجولف”.
آرنولد شوارزينجر
ونبقى في أمريكا ذاتها، حيث نجح الممثل الشهير وبطل كمال الأجسام آرنولد شوارزينجر عام 2003، في دخول المعترك السياسي من بابه الواسع، عندما انتُخب حاكمًا لولاية كاليفورنيا الأمريكية ممثلًا عن الحزب الجمهوري، وبقي في منصبه حتى عام 2011، وقبله نجح مصارع الـWWE الأمريكي الشهير جيسي فينتورا، في الوصول إلى منصب حاكم ولاية مينسوتا عام 1999، كما شغل لاعب الجودو السابق نايتروس كامبل منصب عضو في مجلس الشيوخ الأمريكي بين عامي 1993 و2005، وأخيرًا أعلن مصارع WWE السابق والممثل الحالي دواين جونسون، الملقب بـThe Rouck، نيته الترشح لمنصب رئيس الولايات المتحدة في المستقبل، مستفيدًا من شهرته الواسعة التي أصابها في عالمي الرياضة والسينما.
الرئيس البوليفي إيفو موراليس
وفي أمريكا الجنوبية، لا صوت يعلو فوق صوت كرة القدم ونجومها، لذا فمن البديهي أن تكون أبرز الوجوه الرياضية التي شغلت مناصب سياسية، قادمة من عالم الساحرة المستديرة، وأشهرها الجوهرة البرازيلية السوداء بيليه، الذي تولى منصب وزير الرياضة في بلاده بين عامي 1995 و2002، والهداف الأسطوري روماريو، الذي أصبح عضوًا في البرلمان البرازيلي منذ عام 2010، أما أسطورة الأرجنتين دييغو مارادونا، فقد رفض تولي منصب وزير الرياضة في بلاده، متهمًا الحزب الحاكم بأنه يسعى لتلميع صورته من خلاله!
ولكن يبقى ما حدث في بوليفيا هو الأغرب، حيث أعلن نادي سبورت بويز البوليفي عام 2014، انضمام لاعب جديد إلى صفوفه، هو الرئيس البوليفي الحالي إيفو موراليس! الذي لم تمنعه مشاغل كرسي الرئاسة الذي يشغله منذ عام 2006، ولا سنوات عمره الـ55، من تلبية نداء معشوقته كرة القدم!
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال إحدى مباريات كرة القدم الودية
وفي عشق الساحرة المستديرة ذاتها، هام الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، الذي اشتُهر بعلاقته الوطيدة مع الرئيس البوليفي موراليس، حيث اعتادا على استغلال الزيارات الرسمية بين البلدين، لتنظيم مباريات كرة القدم، والتي يكون نجاد وموراليس أبرز نجومها في العادة!
وبدوره، اعتاد الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان، على الظهور في ملاعب الكرة، وكيف لا وحب المستديرة يسري في دمه منذ سنوات شبابه الأولى، حين مارس اللعبة بصفوف عدة أندية في إسطنبول، أشهرها نادي قاسم باشا، كما عُرف بتشجيعه لنادي فنر بخشة.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يمارس الجودو
وبالانتقال إلى القارة الأوروبية، نجد اسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على رأس قائمة الزعماء عشاق الرياضة، فهو بطل سابق يحمل الحزام الأسود في لعبة الجودو، إضافةً إلى إجادته أغلب الفنون القتالية الأخرى، كالكاراتيه والكيوكوشنكاي، وتضم القائمة أيضًا اسم رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق سيلفيو بيرلوسكوني، الذي يمتلك نادي إس ميلان منذ عام 1986، ويتابع أغلب مبارياته من السدة الرئيسية لملعب سان سيرو، ورئيس الوزراء الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، الذي اعتاد على المشاركة في أغلب سباقات الدراجات الهوائية التي تستضيفها بلاده.
الجنرال الإسباني فرانكو يسلم كابتن ريال مدريد ميغيل مونوز كأس أوروبا عام 1957
وبالعودة إلى التاريخ الأوروبي، نجد أن العديد من الحكام الذين وُصفوا بالاستبداد، استخدموا الرياضة للترويج لأنظمتهم الديكتاتورية، كما فعل الزعيم الألماني النازي أدولف هتلر في ألعاب برلين الأولمبية عام 1936، وصديقه الإيطالي الفاشي بينيتو موسوليني في كأس العالم التي استضافتها بلاده عام 1934، والتي وصل تدخله فيها إلى درجة غيرت وجهة البطولة، حين أجبر الحكام على محاباة منتخبه الإيطالي لتأمين فوزه باللقب! ومثله فعل الجنرال فرانكو في إسبانيا، حيث عطل انتقال النجم الأرجنتيني دي ستيفانو إلى نادي برشلونة أواخر الأربعينيات، من أجل تأمين انتقاله إلى نادي ريال مدريد الذي يعشقه، في حادثة تعتبر سببًا رئيسيًا لعداوة قطبي إسبانيا حتى الآن!
الرئيس الأوغندي السابق عيدي أمين
وفي القارة السمراء، يعتبر الرئيس الأوغندي السابق عيدي أمين، أشهر من وصل إلى سدة الحكم من أبناء الرياضة، حيث كان ملاكمًا محترفًا قبل أن يتولى منصب رئاسة بلاده بين عامي 1971 و1979، وقد حاول نجم كرة القدم الليبيري جورج وياه المضي على أثره، عندما رشح نفسه لمنصب رئاسة بلاده ليبيريا عام 2005، مستفيدًا من الشعبية الجارفة التي يحظى بها، كونه أول وآخر لاعب إفريقي يفوز بجائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم عام 1995، ولكن مساعيه باءت بالفشل، حين خسر سباق الرئاسة لصالح منافسته إلين جونسون سيرليف، ليكتفي بمقعد في مجلس الشيوخ.
الزعيم الجزائري الراحل أحمد بن بلة
وفي بلداننا العربية، تذكر صفحات التاريخ بأن الزعيم الجزائري الراحل، وأول من استلم سدة الحكم في البلاد بعد استقلالها عام 1963، أحمد بن بلة، كان لاعب كرة قدم محترف في نادي مارسيليا الفرنسي أواخر الثلاثينات، قبل أن يبدأ نضاله السياسي ضد الاحتلال الفرنسي، ومثله كان رئيس الوزراء الفلسطيني السابق إسماعيل هنية، الذي لعب كرة القدم في صفوف نادي الصداقة وخدمات الشاطئ فترة الثمانينات، قبل أن ينتقل إلى النضال السياسي.
كما حملت كرة القدم أسماءً شهيرةً أخرى إلى سدة السلطة، نذكر منهم نجم منتخب تونس في السبعينات طارق دياب، الذي تولى منصب وزير الرياضة في بلاده بين عامي 2011 و2014، وحارس منتخب مصر في التسعينات أحمد شوبير، الذي شغل منصب نائب في برلمان بلاده عام 2005، ونجم الثمانينات العراقي أحمد راضي، الذي أصبح عضوًا في مجلس النواب العراقي عام 2008.
رئيس الوزراء الإماراتي محمد بن راشد آل مكتوم
وبعيدًا عن كرة القدم، يعتبر رئيس الوزراء الإماراتي وحاكم إمارة دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، أبرز الوجوه الرياضية في ميادين السياسة العربية، حيث برع في رياضة الفروسية، وقاد فرسان منتخب بلاده الإمارات إلى تحقيق أكثر من ميدالية عالمية، ضمن بطولات العالم لسباقات القدرة.
وتبقى العداءة المغربية الشهيرة نوال المتوكل، الوجه النسائي الوحيد الذي نجح في نقل نجاحاته الرياضية إلى ميادين السياسة، فقد أصبحت عام 2007، أول امرأة عربية تتقلد منصب وزارة الشباب والرياضة في بلادها، كما كانت أول امرأة عربية تحرز ميداليةً أولمبية، عندما فازت بذهبية سباق 400م في أولمبياد لوس أنجلوس عام 1984.
الملك السعودي الراحل عبد الله يمارس لعبة البولز
ونختتم جولتنا بالتعرف على الرياضات المفضلة لدى بعض الزعماء العرب، حيث اشتُهر الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك بعشقه وممارسته لرياضة الاسكواش، والحالي عبد الفتاح السيسي بعشقه لرياضة ركوب الدراجات، فيما كان الرئيس الراحل محمد أنور السادات من هواة السباحة، شأنه شأن الرئيس اللبناني السابق إيميل لحود، أما الرئيس السوري بشار الأسد فهو من هواة وممارسي رياضة التنس، شأنه شأن ملك الأردن الراحل الحسين بن طلال، فيما كان الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز، شغوفًا برياضة تُدعى (البولز)، وهي لعبة تعتمد على توجيه الكرة على الأرض لإصابة كرات أخرى.