يسعى الأردن لرقمنة اقتصاده بحلول العام 2025 وفقًا للمبادرة الملكية ريتش 2025 التي دُشنت خلال فعاليات منتدى الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والذي أقيم في عمان في الفترة بين 8 و9 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري تحت عنوان “رقمنة الاقتصاد”.
حيث يعقد المنتدى مرة كل عامين وتنظمه جمعية شركات تقنية المعلومات والاتصالات (إنتاج) بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردنية وبمشاركة خبراء من عدة بلدان لديهم باع وخبرة في هذا المجال.
مبادرة ريتش
تتمحور فكرة الرقمنة بحد ذاتها حول تحويل الاقتصاد التقليدي الذي يستخدم أدوات تقليدية في قطاعاته وشركاته ومؤسساته إلى اقتصاد ذكي قادر على حل مشكلاته وعمل الإجراءات الروتينية من خلال استخدام طرق مؤتمتة وسهلة توفر الوقت والجهد والمال، وتعد أبرز البلدان الرائدة في هذا المجال سنغافورة، فعوضًا أن يأتي الشخص إلى دائرة حكومية لتسجيل شركته يقوم بتسجيلها عبر الإنترنت من أي مكان.
إطلاق مبادرة ريتش يأتي بهدف البدء بخطوات حثيثة لرقمنة اقتصاد الأردن وتطويع التكنولوجيا في خدمة مختلف القطاعات الاقتصادية، وقد نوقشت هذه القضية في منتدى الاتصالات حيث ستمكن الأفراد والقطاعات والشركات من تطوير أعمالهم بما ينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد الوطني، وريتش تقوم على الشراكة بين القطاعين العام والخاص وبمشاركة جمعية “إنتاج” وخبراء في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
تمت بلورة المبادرة خلال الأشهر الماضية ليتم رقمنة القطاعات ذات الأولوية وتطوير مكانة الشركات وموقع الأردن إقليميًا ودوليًا في هذا المجال، كما أعلن كريم قعوار ممثل “ريتش”.
تطرق المشاركون في منتدى الاتصالات للتطورات السريعة التي يشهدها قطاع التكنولوجيا والمعلومات وأثرها على العديد من القطاعات الاقتصادية خصوصًا الصحة والتعليم والطاقة والنقل والإعلام والشركات الناشئة والخدمات المالية، وتطلعوا لتعزيز الفرص الاستثمارية في مجال تكنولوجيا المعلومات من خلال استقطاب المستثمرين وإطلاعهم على التقدم الملموس الذي أحرزه الأردن في هذا المجال.
وسيتم العمل مع القطاع الخاص لتزويد محطات المعرفة الأردنية التي يتجاوز عددها 190 محطة ومكاتب البريد البالغ عددها 350 مكتبًا بالأدوات اللازمة لتكون بمثابة منصات رئيسة لتمكين فئتي النساء والشباب في مختلف القطاعات، حسبما قالت وزيرة الاتصالات الأردنية مجد شويكة.
وادي سيليكون في الأردن
لم ينجح الأردن خلال السنوات الماضية في اجتذاب المستثمرين العرب والأجانب إليه بغرض إقامة مشاريع واستثمارات متنوعة، على الرغم من صدور مبادرات وتصريحات رسمية لتحويل الأردن إلى “وادي سيليكون” للمنطقة العربية تهدف لجذب الاستثمارات الأجنبية والعربية وإنشاء مشاريع تكنولوجية متطورة وتقنية عالية تخدم وتغذي المنطقة العربية برمتها من صناعات الكترونية وحلول ذكية وابتكارات وآلات الذكاء الصنعي وبرمجيات وصناعات القيمة المضافة وأمور كثيرة أخرى.
ولكن أيًا من تلك المبادرات لم تر النور ولم يترجم الكلام إلى أمور تنفيذية على أرض الواقع، بل إن الاقتصاد الأردني منذ سنوات يشهد تراجعًا في مؤشراته أثرت على مدى تقدمه وعلى معيشة المواطن بدرجة أولى.
ولم تستطع الحكومات الأردنية المتعاقبة في السنوات الماضية تجهيز أرضية فاعلة للاستثمار بحيث تجعل منه مكانًا جذابًا للمستثمرين، من خلال تسهيل الإجراءات ومعالجة المشاكل الروتينية وتأسيس نظام ضريبي مرن ومنظومة مصرفية قوية وتطوير المناخ التعليمي لتخريج طلاب مواكبين لحركة النمو العالمية المتسارعة، لذا فإن النجاح في مبادرة ريتش ورقمنة الاقتصاد يعد تحديًا للحكومة ولكل القطاعات الاقتصادية في البلاد في الفترة المحددة.
بلغت نسبة الدين العام في الأردن نحو 93.3% من الناتج المحلي الإجمالي
إذ تحتاج الحكومة لتبني خطط اقتصادية أكثر مرونة تسهم في جعل الاستثمار أكثر سلاسة مما هو الآن وهذا لن يتم إلا بتغيير وتعديل القوانين الناظمة لعملية الاستثمار والعمل والعمال وتطويرها لتتواءم مع المتطلبات العصرية الحالية، فالاهتمام بالمستثمر نابع من الاهتمام بالسياسات الاستثمارية التي تخدمه وتوفر عليه الجهد والوقت والمال ودونها سيكون هناك تنفير للمستثمر.
وبينما تطلق مبادرة ريتش يشهد الأردن ارتفاعًا كبيرًا في المديونية العامة بسبب حجم الاقتراض الداخلي والخارجي للحكومة الأردنية لتبلغ نسبة الدين العام نحو 93.3% من الناتج المحلي الإجمالي مع نهاية شهر أغسطس/ آب الماضي، علمًا أن الحكومة تقترض لخدمة بنود خدمة الدين العام وسداد الفوائد وبنود النفقات الجارية ما يزيد من مضاعفة المشكلة أكثر.
فبحسب الأرقام الصادرة عن وزارة المالية فإن موازنة الأردن سجلت عجزًا ماليًا، خلال الشهور الثمانية الأولى من عام 2016 بحوالى 521.5 مليون دولار مقابل عجز مالي بلغ 777.56 مليون دولار خلال نفس الفترة من عام 2015.