ترجمة وتحرير نون بوست
على الرغم من التحضيرات التي دامت لأشهر، فإن المعارضة السورية على وشك الفشل في مهمة فك الحصار على حلب، الذي تفرضه القوات الموالية للنظام، وقد انطلقت هذه العمليات منذ يوم 28 من تشرين الأول/ أكتوبر، وشهدت تعاونًا غير مسبوق بين كل أطياف المعارضة على اختلاف أيديولوجياتهم.
وتجدر الإشارة إلى أن محاولات فك الحصار على حلب حققت، على الأقل في بدايتها، تقدمًا ملحوظًا في الجانب الشرقي للمدينة، إلا أنه بعد ثلاثة أيام من إحراز هذا التقدم، وجدت قوات المعارضة نفسها مرة أخرى غير قادرة على التصدي لقصف وهجمات القوات الموالية للنظام وحلفائه.
وكانت أول محاولة للمعارضة السورية في التصدي لتقدم الموالين للنظام السوري في أوائل آب/ أغسطس، وحاولت المعارضة التقدم أكثر في المدينة عبر مناطق أكثر انفتاحًا، ومؤدية إلى الأكاديمية العسكرية في الراموسة، كما تركزت جهودها في تلك الفترة على التوغل مباشرة في المناطق الحضرية الأكثر كثافة، مثل حلب الجديدة ومنطقة مشروع الثلاثة آلاف شقة.
تعلمت المعارضة من المعارك السابقة في منطقة الألف وسبعين شقة أنهم أقل عرضة للضربات الجوية في المناطق الحضرية، التي تضم أكبر عدد من المباني في المدينة، كما أن هذه المناطق استراتيجية للغاية، خاصة بسبب قربها من مواقع الموالين للنظام، وتراجع قدرة الطائرات الروسية والسورية على إصابة أهدافهم بدقة.
إلا أنه على الرغم من هذه الظروف المواتية، فإن المعارضة لا تزال تواجه عدة صعوبات أولها أن القوات الموالية للنظام تضم أعدادًا كبيرة من الجنود ولها أسلحة متطورة.
وبعد تحقيق مكاسب في المناطق التي تسيطر عليها القوات الموالية للأسد خلال الأيام القليلة الأولى من الهجوم، توقف التقدم الذي تحرزه المعارضة وسط سلسلة من الهجمات العنيفة.
وتجدر الإشارة إلى أنه بقيادة نخبة الرضوان التابعة لحزب الله، ودعم القوات الجوية الروسية، اجتاحت القوات الموالية للنظام عدة مواقع استراتيجية وحاسمة تابعة للمعارضة السورية بما في ذلك منطقة الألف وسبعين شقة ومدرسة الحكمة، ونظرًا للخسائر التي تكبدتها المعارضة في هذه المرحلة، فقد اضطرت للتراجع إلى الخلف.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن عدم قدرة المعارضة على كسر الحصار الذي تفرضه القوات الموالية للأسد، من الأخبار التي لا تبشر بالخير بالنسبة للسكان العالقين في مدينة حلب المحاصرة، وعلاوة على ذلك فإنه بعد نجاح القوات النظامية في صد تقدم المعارضة، أنشأت هذه القوات مناطق عازلة في جميع أنحاء حلب، التي من شأنها تعقيد أي تقدم للمعارضة في المستقبل.
والسؤال الذي يطرح هنا هو: ما مدى قدرة المجموعات المعارضة الواقعة تحت الحصار على تحمّل الظروف القاسية، مع القليل من الموارد المتاحة؟
على الرغم من التقدم الذي تحرزه القوات الموالية للنظام، إلا أن هناك مؤشرات إيجابية بالنسبة للمعارضة السورية، وطالما لا يزال هناك وجود للوحدات المعارضة داخل حلب المحاصرة، فإن جهود القوات الموالية للأسد لا زالت معلقة في هذه المنطقة.
وبطبيعة الحال فإن تلك القوات لن تكون قادرة على المشاركة في عمليات بأماكن أخرى، وربما ستتواصل هذه الحالة عدة شهور، ما سيعطي الفرصة للمعارضة لاسترجاع قواها وحشد المزيد من العناصر في صفوفها، بعد عام من النكسات في ساحة المعركة السورية.
وفي هذه الحالة، فإن استئناف الجهود ضد التقدم المستقبلي للقوات النظامية، سوف يكون من أولويات المعارضة، كما أنه يجب على المعارضة الاستعداد لهجوم محتمل بقيادة النظام السوري على المناطق التي تسيطر عليها في إدلب، ومن المؤكد أنه في حال تقدم النظام السوري نحو مدينة إدلب، سيصبح مصير المدينة مثل مصير حلب، ومن ثم لن تتمكن المعارضة من التعافي أبدًا.
ومع الصعوبات التي تواجهها على نحو متزايد، أن المعارضة السورية أصبحت في حاجة إلى المساعدة الخارجية، إلا أن انتخاب دونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية سيكون مؤشرًا على ضعف التزام واشنطن بقضية المعارضة في الأشهر المقبلة، ولكن على الرغم من ذلك، فإن المعارضة أثبتت أنها ستظل صامدة في موقفها الدفاعي في سوريا خلال الأشهر المقبلة.
المصدر: ستراتفور